تقع الأحواز إلى الجنوب الشرقي من العراق وتشكل القسم الشمالي الشرقي من العالم العربي ، وتطل على رأس وشرق الخليج العربي وشط العرب من خلال حدودها الجنوبية ، يحدها من الغرب محافظة البصرة وبيسان العراقيتان ، ومن الشرق والشمال جبال زاخروس . وتبلغ مساحتها 370 ألف كم مربع ، اقتطعت منها إيران 53 ألف كم مربع ونصف سنة 1936 م تحت ستار إجراء التنظيمات الإدارية الحديثة مساحات من أراضيه وضمتها إلى ولايات أخرى مجاورة .
وأطلق على هذا الإقليم العربي عدة تسميات ، مثل الأحواز ، الأهواز ، عربستان ، خوزستان ..
فالأحواز هو جمع لكلمة ” حوز ” التي تعني الحيازة والتملك ، وهي تستخدم للدلالة على الأراضي التي اتخذها فرد وبيّن حدودها وامتلكها ، وعندما فتح المسلمون بلاد فارس أطلقوا على الإقليم كله ” الأحواز ” وأطلقوا على العاصمة ” سوق الأحواز ” للتفريق بينهما .
وكلمة الأهواز هي نفسها الأحواز لان اللسان الفارسي ينطق الحاء هاءا .
وفي عهد الدولة الصفوية أطلقوا عليها اسم ” عربستان ” أي إقليم العرب وهو دليل اعتراف من الفرس أنفسهم بعروبة هذه المنطقة وعدم تبعيتها لهم ، وفي عهد الشاة رضا ثم احتلال المنطقة عسكريا سنة 1925 م وفرض الفرس سيطرتهم عليها وأطلقوا عليها اسم ” خوزستان ” أي بلاد القلوع والحصون ، وهي التي بناها المسلمون بعد معركة القادسية .
ومن أهم مدنها ” الأحواز ” وهي العاصمة ، والمحمرة وعبادان والحويزة وتستر وشوشتر ومدينة السوس والفلاحية ومسجد سليمان .. وغيرها .
والشعب الأحوازي شعب عربي ينتمي إلى قبائل عربية جاءت في موجات متتالية إلى الأحواز من الجزيرة العربية واستقرت فيه قبل الإسلام وبعده .. ومن القبائل العربية المنتشرة هناك .. قبائل بني كعب وبني طي وبني تميم وبني أسد وبني ربيعة والأوس والخزرج وبني مرة .. وغيرهم .
يذكر الرحالة كريستين نيبور الذي زار الأحواز سنة 1772 ((أن العرب هم الذين يمتلكون جميع السواحل البحرية للقسم الشرقي من الخليج العربي ، وانه يستحيل تحديد الوقت الذي أنشأ فيه العرب موطنهم على الساحل ، وقد جاء في السير القديمة أن العرب أنشئوا هذا الموطن منذ عصور سلفت ، وإذا استعنا بالملاحم القليلة التي وردت غي التاريخ القديم أمكن التخمين بأن هذه المواطن العربية نشأت في عهد أول ملوك الفرس في القرن السادس قبل الميلاد تقريبا ، وان ملوك الفرس لم يتمكنوا قط أن يكونوا أسياد ساحل البحر )) ويضيف قائلا ((عربستان مستقلة عن بلاد فارس ، وان لأهلها لسان العرب وعاداتهم ، وأنهم يتعشقون الحرية إلى درجة قصوى شأن إخوانهم في البادية )) ..
ويشكل الأحواز في العرب 9 مليون نسمة من سكان إيران ، كان يشكل العرب 99 % من الإقليم ولكنها أصبحت الآن 95% بفعل سياسة الحكومة الإيرانية في تشجيع الفرس على الهجرة إلى الإقليم والاستيطان فيه .. وفي تهجير السكان الأصليين العرب منه في محاولة من إيران لطمس الهوية العربية من هذا الإقليم ، وهذا الشيء نفسه الذي يعمله الإيرانيون في العراق الآن فقد ادخلوا الآلاف من الفرس إلى العراق وخصوصا المناطق الجنوبية ، وتم إعطائهم الجنسية العراقية بمساعدة الحكومة العراقية ، التي هي تربية إيرانية في المنشأ والأصل ..
دخل الإسلام إلى الأحواز بعد الهزيمة النكراء للجيش الفارسي في معركة القادسية على يد القائد سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه سنة 636 م ، واستكمل بسط النفوذ عليها سنة 637 م ، وألحقت بولاية البصرة حتى العام 132 هـ ، ثم صارت ولاية مستقلة في العهد العباسي ” 132 – 265 هـ” ” “وصارت احد المراكز المهمة في تجارة الدولة العباسية المركزية حيث أولى العباسيون الأحواز وجنوب العراق اهتماما خاصا .. ثم بقيت بعدها تتأرجح بين التبعية للخلافة العباسية والاستقلالية عنها ..
وفي أواخر الخلافة العباسية نشأت فيها عدة إمارات كان أقواها إمارة بني أسد وقد اتخذوا من مدينة الأحواز عاصمة لهم .. ونتيجة للصراعات الدموية بينها وبين الرافضة البويهيين وخصوصا سنة 405 هـ / 1012 م مما أدى إلى ضعف هذه الإمارة على المنطقة وقيام إمارات أخرى منها إمارة بني عامر وال كثير وخفاجة ، إلى أن سقطت الخلافة بيد المغول سنة 656 هـ / 1258 م .
ولما ضعف المغول تمكن الأحوازيون من إنشاء إمارة بقيادة محمد بن فلاح عرفت باسم إمارة ” المشعشعين العربية” ” وكانت عاصمتها مدينة الحويزة سنة 844 هـ / “1446 م .. وفي عام 914 هـ / 1516 م أكملت هذه الإمارة سيطرتها على باقي الأحواز والمناطق المجاورة لها ، في الوقت الذي لم يكن فيه للفرس أي وجود سياسي .
وفي عام 1501 م انشأ إسماعيل الصفوي الدولة الصفوية ، وهاجم الأحواز وسيطر عليها واخضع الإمارة إل
ى نفوذ الفرس وأطلق عليها اسم عربستان ، وبقيت الإمارة لها الاستقلالية الداخلية تحت سلطة الحكم الصفوي ، ولكن مبارك بن عبد المطلب المشعشي ” 1588 – “1616 م ” ” أعاد السيطرة على عربستان وطرد الفرس منها .
ى نفوذ الفرس وأطلق عليها اسم عربستان ، وبقيت الإمارة لها الاستقلالية الداخلية تحت سلطة الحكم الصفوي ، ولكن مبارك بن عبد المطلب المشعشي ” 1588 – “1616 م ” ” أعاد السيطرة على عربستان وطرد الفرس منها .
وبقي بعدها الصراع مع هذه الإمارة مرة من جهة العثمانيون ومرة أخرى من جهة الصفويون ، وبعد هزيمة الصفويين بقيادة عباس شاه على يد الأتراك العثماننين واسترد العثمانيون من أيديهم مدينة بغداد ، تم توقيع معاهدة ” قصر شيرين ” عاد فيها العراق إلى الحكم العثماني ، واعترفت هاتان الدولتان في هذه المعاهدة باستقلال الدولة المشعشعية في الأحواز .
وخاضت هذه الإمارة مع الرافضة الصفويين عدة معارك مرة يكون النصر للصفويين ومرة تعود إلى الأحوازيين ، وهكذا بقيت الإمارة بين استقلالية داخلية واستقلال ذاتي إلى أن انتهت سنة 1724 م .
وبعدها سيطر على الأحواز” إمارة كعب أبو ناصر “ التي قامت إلى جوار إمارة المشعشعين سنة 1103 هـ / 1690 م وكان مركزها مدينة الفلاحية بالقرب من مدينة الدورق التاريخية ، وفي سنة 1832 م استغل جابر بن مردوا ضعف كعب البو ناصر بالإضافة إلى مساندة الصفويين له فانشأ على أن يكون عونا لهم في المنطقة فقام بإنشاء إمارة ” كعب آل أبو كاسب ” في مدينة المحمرة ..
وبعد معاهدة ” ارض روم ” الثانية بين العثمانيين والصفويين سنة 1848 م .. ألحقت الأحواز بإيران ، فأصدر ” ناصر الدين شاه القاجاري ” مرسوما يعترف بالاستقلال الذاتي لحليفه جابر بن مردوا سنة 1857 م ..
وبقيت الأحواز على ذلك إلى أن سقطت الدولة العثمانية ، وتقاسم الانجليز والفرنسيون العالم الإسلامي ووفق معاهدة سايكس بيكو قسمت بلاد الشام والعراق إلى دول ، واقتطعت أجزاء منه مثل فلسطين وتم منحها إلى اليهود وسلخ لواء الأسكندرونة من سوريا وأعطيت لتركيا ، وتغاضت بريطانيا عن الأحواز التي كانت قد منحت استقلالا ذاتيا من قبل وتم ضمها إلى إيران .. إذ كان الأوربيون بحاجة إلى الأتراك العلمانيين والفرس واليهود في تمزيق الأمة الإسلامية من خلال هذه المثلث الشيطاني اللعين ، بعد أن تمكنوا من القضاء على الخلافة العثمانية الإسلامية ..
ففي عام 1925 م سيطر الشاه رضا على إيران ، واتفق مع البريطانيين أن يتخلوا عن حماية إمارة الأحواز وأميرها ليمكنه احتلال عربستان عسكريا وضمها إلى مملكته فاستجابت له بريطانيا ومهدت له القضاء على الحكم العربي في الأحـواز .. وحاول الأمير خزعل أن يطلب من الانجليز الالتزام بتعهداتهم السياسية لحماية الأحواز وتقديم المساعدات العسكرية له ولكنها لم تحرك ساكنا ، وتمت السيطرة الفارسية على عربستان في 20 نيسان 1925 م واقتيد الأمير خزعل أسيرا إلى طهران وقامت بعدها المخابرات الإيرانية بخنقه سنة 1936 م وبذلك زالت آخر إمارة عربية في عربستان ..
وهو نفس الشيء الذي فعله الانجليز مع الملك علي بن الحسين حيث تحالف معهم ضد إخوانه العثمانيين المسلمين ، ثم نكثوا عهودهم معه ، وقاموا بعدها بتقسيم بلاد الشام وإعطاء فلسطين لليهود ..
ومنذ سقوط إمارة الأحواز بيد الفرس وهم يعملون جاهدين على اقتلاع كل شيء يمت إلى العربية بصلة من صدور أبناء الشعب العربي الأحوازي وتفريسه…
وذلك من خلال جرائم بشعة وقذرة :
أولا _ من خلال الإعدامات البشعة –
ففي 24 من تشرين الثاني 2006 تم إعدام مجموعة لا تقل عن سبعة أشخاص مما أثار احتجاجات عنيفة في مختلف دول العالم ، إذ تمّ إعدامهم بطرق وحشية دون تمتعهم بأية حقوق قانونية أو محاكمات مدنية عادلة ، وكان آخر هذه الإعدامات إعدام المناضل ” زامل باوي ” بتاريخ 31 من كانون الثاني 2008 .
ثانيا _والاعتقالات العشوائية _
وحدث عنها ولا حرج فان السجون الإيرانية تعج على مدى ثمانيين عاما بمئات الآلاف من السجناء العرب ..
ثالثا _ تهجير العنصر العربي من الأحواز ومصادرة أراضيه من خلال شرائها من أصحابها والبيع يتم بشكل قسري ومن يرفض البيع يهدم بيته فوق رأسه كما حدث ذلك في آلاف المرات والحوادث في ذلك أكثر من أن تعد ، وعلى سبيل المثال فجزيرة قيس (كيش) الأحـوازية ؛ هجر أبنائها منها ، فمنهم من هجر إلى دول الخليج العربي و منهم من هجر إلى داخل العمق الإيراني ومن ثم استبدلتهم السلطات الإيرانية بمستوطنين فرس جلبتهم ليحلوا محل سكان الجزيرة الأصليين ونفس الشيء يحصل في الجزر الإماراتية المحتلة من قبل إيران ..
فبعد الكشف عن وثيقة أعدتها السلطات الإيرانية لتهجير العرب من مناطقهم من خلال سلب المزيد من الأراضي الزراعية وتوطين أعداد كبيرة من المستوطنين الفرس الذين يتم جلبهم من خارج الإقليم –شهدت البلاد ثورات عارمة في نيسان 2005 سقط خلالها العشرات من الجرحى والقتلى ومئات من المعتقلين العرب ، الذين يسعون لرد الظلم عنهم ..
وفي الشهر التاسع من السنة نفسها أد
ت تصادمات بين الشرطية الإيرانية وعرب الأحواز إلى مقتل خمسة شبان وجرح آخرين .. وقد خرجوا مطالبين بإطلاق المعتقلين العرب في السجون الإيرانية ..
ت تصادمات بين الشرطية الإيرانية وعرب الأحواز إلى مقتل خمسة شبان وجرح آخرين .. وقد خرجوا مطالبين بإطلاق المعتقلين العرب في السجون الإيرانية ..
رابعا _ وعندما فشل الفرس رغم كل هذا الجرائم البشعة ولله الحمد – بالرغم من القبضة الحديدة التي تنتهجها السلطات الإيرانية ضد أبناء الشعب العربي الأحوازي لمنع تحركاتهم السلمية التي يسعون من خلالها لنيل حقوقهم الإنسانية ومنع الظلم الذي يحدث عليهم – في ثني إرادة الشعب العربي الأحوازي ، لجوا – كما تفعل يهود الآن في فلسطين – إلى تقطيع الأشجار وحرقها في محاولة منهم لتهجير الشعب من أرضه .. ومن هذا الأعمال الحريق الهائل الذي وقع يوم الاثنين 21 شباط 2006 .. مما أدى إلى إتلاف أكثر من ثلاثة آلاف نخلة .. والحريق الآخر يوم 7 حزيران 2007 الذي أدى إلى إتلاف أكثر من خمسة آلاف شجرة .. وآخر هذه الحرائق كان يوم الثلاثاء 19 حزيران 2008 وقد قضى على ألف وخمسمائة شجرة ، ورفض الجانب الإيراني أن يعطي أي سبب لاندلاع الحريق !!
هذا ما تفعله إيران في إخواننا العرب من الشيعة والسنة على حد سواء ، فما الذي ستفعله إيران إذا ما صدّرت ثورتها إلينا واستلمت زمام الأمور عندنا ؟؟ هل تريدون أن نقتل ونهجر ونفرّس .. أم تريدون أن تمنع عنا اللغة العربية في شوارعنا !!
ولكن للأسف أن نجد في دولنا مقرات وممثلين لإيران ، في الوقت الذي يتعرض له إخواننا العرب في الاحواز إلى كل هذا العذاب ، ولا يعترض احد منا عما يجري هناك .. بل أن هناك حركة حثيثة تسعى لنشر التفرّس في بلادنا تحت سمع ومرأى الحكومات العربية العفنة ، ولا صوت ولا استنكار وهذا هو سبب حقدهم الدفين على صدام حسين – رحمه الله – الذي منعهم من تصدير ثورتهم كل فترة حكمه ..
بل والمحزن أن ترى الطبقة التي تدعي المفهومية من كتابنا .. مطبلة ومزمرة وراكعة وساجدة تحت أقدام هذا العدو ، الذي يدعي أنه يسعى لنشر الإسلام ، فهل هذا هو الإسلام التي يريد أن ينشره مقابل محو أي شيء عربي !! أو يمت إلى العربية بصلة !! كما فعل الخبيث أتاتورك الذي منع الأذان باللغة العربية بعد أن قضى على الخلافة الإسلامية وحول الكتابة التركية التي كانت تكتب بالحروف العربية إلى اللاتينية !! ، أليس العرب هم الذين أخرجوهم من عبادة النار إلى عبادة الله الواحد القهار ؟؟ – إذا كانوا فعلا قد تركوا هذه العبادة – فكافؤه بمحاولة محو هذا العنصر العربي وتغير أي شيء يمت إلى العربية بصلة !!
فهل جزاء الإحسان إلا الإحسان ؟؟
أما آن لنا أن نستيقظ ونعلم مدى هذا الخطر القادم إلينا ، الم نشبع ذلا ونرتوي مهانة مما جرته علينا قيادتنا الحكمية ، أم أننا نريد أن نستجير من الرمضاء بالنار !!
احمد النعيمي