رداد السلامي- صنعاء
يعكس الخطاب المتشنج للرئيس صالح بحسب سياسيين مدى ما وصلت اليه الازمة في اليمن من عمق وامتداد أضحى من غير الممكن التبؤ بنتائجها، فمنذ 30عاما على حكمه لم يكن صالح بهذه الصورة المهتزة التي يبدو عليها اليوم ، فتيس الضباط –كما كان يطلق عليه الرئيس اليمني الراحل ابراهيم الحمدي لم يكن يتصور يوما أن ثمة ما سيجعله في مأزق كهذا الذي يحدث من احتقان في الجنوب و عصيان سياسي واسع لاحزاب المعارضة اليمنية التي قررت مقاطعة الانتخابات ، وحركة مسلحة شمال اليمن خاض معها صالح 5حروب ولم يفلح بعد في إخمادها ليجأ الى عقد تصالحات آنية زادت من توغلها .
فمع تداعيات الوضع وبروز ما ينبيء عن اتساع لتفاقمات أزمة خارجة عن السيطرة ، يلجا صالح الى خطاب تلويحي باستخدام العنف والقوة وهو ما يؤكد أن ثمة شعور عميق لديه بوجود مخاطر حقيقية لم يكن يتوقعها يوما، راكمها أداء نظامه السياسي الذي يصفه الكثير من السياسسين المعارضين وقادة الاحزاب والمثقفين اليمنيين بالمختل ،والبعيد عن روح الاحساس بالمسؤلية الوطنية إزاء البلاد.
الانخابات النيابية لم يتوصل حزب المؤتمر الحاكم الذي يرأسه صالح إلى توافق مع تكتل المعارضة اليمنية ” اللقاء المشترك” إلى حل بشأنها فالحوارات التي دارت معها حول تشكيل اللجنة العليا للانتخابات وتصحيح سجل الناخبين الملغوم بالاخطاء المعقدة ، لم تفضي الى شيء فقد التف حزب صالح على ما تم الاتفاق عليه بشأنها ، وهو ما حدا بالمعارضة الى التلويح المبكر بمقاطعة الانتخابات وأكدت على أنها لن تشارك فيما أسمته “منح شرعية لنظام هتك شرعية النظام والقانون والدستور ” وشكَّل الديمقراطية لتعمل على إعادة ، وترى أحزاب المعارضة أن الانتخابات لم تعد وحدها المشكلة ، فجنوب اليمن محتقن وغاضب والبلاد أضحت في وضع غير آمن ، وبالتالي اتجهت نحو ما أسمته الحوار مع الشعب وقواه الاجتماعية الفاعلة بهدف تحريكة لمقاطعة الانتخابات بالصيغة التي يريد صالح أن يفرضها كأمر واقع لابد من القبول به، كثيرا من المحافظات اليمنية شهدت أعمال عنف بسبب قيام المواطنيين بطرد اللجان الاشرافية والاساسية ، أبرز تلك المحافظات الضالع ، التي لم يفز فيها صالح إبان الانتخابات الرئاسية .
المعارض حميد الاحمر نجل الراحل الشيخ عبد الله الاحمر قال على قناة الجزيرة :نعتبر أن الانتخابات القادمة مغتصبة وأن النظام الحاكم انقلب على الديمقراطية لشعوره بالفشل ، مشيرا إلى انقلاب حزب صالح على اتفاقيات مجلس النواب حول قانون الانتخابات ، مؤكدا أن قضية الانتخابات قضية منظومة متكاملة واعمال الدستور والقانون من أولوياتها حسب قوله.
الرئيس صالح في خطاب له في الدورة الاستثنائية للجنة الدائمة لحزبه لم يعترف بالقضية الجنوبية وما يحدث في الجنوب من احتجاجات واسعة تبنت معظمها مطالب انفصالية وقال أن ما يطلق عليه الحراك في الجنوب ليس حراكا وليس هناك مشكلة وما يحدث حالات نادرة، واعتبر الرئيس صالح أن ما يحدث هناك هو عمل من وصفهم بالخارجين عن القانون وأضاف يجب أن يقف كل المواطنين الشرفاء في وجه العناصر الخارجين عن النظام والقانون فمن المستحيل أن ينشطر اليمن مرة أخرى ، مؤكدا أنه رفع أمام مجلس النواب عندما نشبت حرب صيف 1994 مع شركاءه في تحقيق الوحدة –الحزب الاشتراكي اليمني – شعار الوحدة أو الموت ولو قدم مليون شهيد ثمنا لتثبيتها ، وأنه من المستحيل أن تعود اليمن مشطرة إلى عهدها السابق .
لا يدرك صالح خطورة خطابة المتشنج كما يرى الكثير فهو ما أن يجد ذاته أمام مأزق يهدد نظامه السياسي نتيجة الخلل في إدارته للبلاد حتى يلجأ إلى التلويح بالقوة واستخدامها ، خصوصا في الوقت الراهن الذي تقول فيه المعارضة اليمنية أنها ستقاطع الانتخابات النيابية القادمة ، وهو ما يهدد شرعية نظامه السياسي .
ثمة أمور غير الانتخابات هي أعتى المشاكل ، الجنوب يبدو ممانعا إلى اللحظة لم يرضخ الذين تم شراؤهم لم يستطيعوا إخماد جذوة ما يحدث هناك .
الوحدة منجز أخير يحسب لصالح إلا أنه كما يرى غالبية اليمنيين لم يعرف
كي يحافظ عليه فالتداعي الحاصل هو نتيجة منطقية لخلل الاداء السياسي لنظامه أو تجاهله الأزمات بالقفز عليها وترقيعها وتبسيطها من خلال النظرة إلى القوة والثروة ، بالإضافة إلى احتقار الناس هناك والتشكيك في جدية ما ينادون به، وكأن الناس وصل بهم الخوف إلى حد التسليم بالأمر الواقع الذي يحاول فرضه دون إدراك للنتائج التي ستحدث .
كي يحافظ عليه فالتداعي الحاصل هو نتيجة منطقية لخلل الاداء السياسي لنظامه أو تجاهله الأزمات بالقفز عليها وترقيعها وتبسيطها من خلال النظرة إلى القوة والثروة ، بالإضافة إلى احتقار الناس هناك والتشكيك في جدية ما ينادون به، وكأن الناس وصل بهم الخوف إلى حد التسليم بالأمر الواقع الذي يحاول فرضه دون إدراك للنتائج التي ستحدث .
المعارضة تسعى جادة إلى إيجاد ما يجعل البلاد تستعيد توازنها ، لكن الرجل مصر وماض في تنفيذ ما يريد دون اكتراث بشيء..لا يستجيب لما فيه مصلحة الوطن ، تدفعه غريزة البقاء فيما غريزة الانتماء نائمة تماما ولم تستيقض بعد .
يحدث سيتحول إلى كارثة كبرى لن تسلم منه البلاد . علاوة على ذلك فإن المحيط لا يسمح بوجود متماسك ، وإن كان ثمة تحركات أو محاولات طمأنة ، البحث عن قوة من خلف الحدود وهم ، القوة تنبع من الداخل ، واللجوء إلى القمع أثبت فشله وانه يقود نحو المزيد من الإثارة والممانعة ثمة ما يراكم للمزيد من اتساع رقعة ما يطلق عليه بالثورة ، وإذا اتسعت فمعنى ذلك أن الدوامة ستكبر لتصبح خارج نطاق السيطرة ووحده اليمن ووحدته هو الخاسر.
*كاتب وصحافي يمني