عبدالكريم الكيلاني
لا نبالغ إذا ما قلنا بأن الحقيقة في الموصل تختلف باختلاف الألوان والأطياف والتيارات الموجودة فيها , فهي تتلون كالحرباء التي تبدّل لون جلدها كلما شعرت بالخوف من مجهول يحاول اصطيادها أو حين تروم الانقضاض على فريسة لها , وقد أكون قاسيا بوصفي هذا على الحقيقة الموصلية ( ولا أقصد بها جريدة الحقيقة التي تصدر في الموصل ) ولكن على الذين يحاولون تشويه الحقيقة في مدينة أصبحت ( وبقدرة قادر ) وكرا كبيرا للمافيا الإرهابية التي لملمت أوصالها المقطّعة في مختلف أنحاء العراق وحلّت في ( أم الربيعين ) آمنة مطمئنة لا تبالي ولا تخشى من القوى الأمنية والعسكرية التي تغيّر نهجها وأسلوبها القتالي وخططها ( اللوجستية ) والعسكرية بين آونة وأخرى , هذا من جهة , ومن جهة أخرى الحمى الانتخابية التي دخلت مرحلة جديدة لاقتراب موعد انتخابات مجالس المحافظات والتي ستحسم الكثير من الأمور وربما سترسم خارطة الموصل بحسب رؤية كل طرف من الأطراف المشاركة في الانتخابات , ولكن الأمر المهم معرفته هنا هو ماذا ستفعل ( الحقيقة ) وقد أصبحت ككرة الغولف تتدحرج يمينا ويسارا حسب الرؤى المختلفة لكل جهة من الجهات الداخلة في الانتخابات , وهذا أمر خطير يجب الوقوف عنده , فتشويه الحقيقة لا يمت للوطنية والديمقراطية بصلة , فكلنا نعلم بأن الكورد هم مكون أساسي من مكونات الموصل وكل هذا التهجير والقتل والاغتيالات بحق هؤلاء دليل قاطع على عراقة موصليتهم وجذورهم الراسخة في هذه المدينة , ولا يجب أن يكونوا وقودا لمحرقة الانتخابات , فهؤلاء بشر أبرياء ذنبهم الوحيد هو وجودهم في مدينة الموصل منذ حقب طويلة , وأجزم أن حبهم لمدينتهم يفوق حب الآخرين لها وارتباطهم بتاريخ الموصل ارتباط أزلي روحي لا يمكن لأحد قطعه أو تناسيه أو تشويهه , تحت أي ظرف كان أو أي ذريعة كانت , فالنظام السابق لم يستطع بجبروته وسطوته وقوته الكبيرة أن يعرّب كورد الموصل ويبعدهم عن مدينتهم بالرغم من كل الاستفزازات التي رافقت حملات تعريبهم فيما مضى ومنعهم من امتلاك الأراضي والمحلات وغيرها من الأمور التي مورست ضدهم , فكيف يستطيع ( البعض من المتسلّقين إلى السلطة ) أن يعيدوا التاريخ إلى الوراء ويمارسوا الإجحاف والظلم بحق الكورد ( ونحن نعيش مرحلة تحول جذري في الحياة الديمقراطية وحرية الرأي والتعبير وحرية ممارسة الحقوق ) , إن البعض من المفلسين سياسيا يلقون الزيت في النار ويبتدعون أفكارا مريضة لإلقاء اللوم على الكورد في كل ما يحصل من أفعال إرهابية شنيعة بحق المواطنين الأبرياء وهم يعلمون قبل غيرهم بأن الكورد بعيدون كل البعد عن تلك الأفعال المخزية لسبب بسيط هو أن الكورد أناس مسالمون لا يريدون سوى السلام مع كل الأطياف والقوميات الأخرى الموجودة في الموصل والعراق ولكن هؤلاء المتسلقين لا يكلّون ولا يتعبون ويتخذون المنابر الإعلامية لتشويه الحقيقة وتمرير مخططاتهم الدفينة الحاقدة من أجل الوصول إلى الكراسي واستلام زمام السلطة في المدينة وهؤلاء معروفون تاريخيا بشوفينيتهم وبعثيتهم وحرباويتهم , فكيف يدّعون أنهم ديمقراطيون ووطنيون وأنهم سيعاملون كل المكونات الموصلية بنفس المستوى وهم كل يوم يؤلبون الرأي العام على الكورد وقادتهم وسياستهم بشتى الطرق ومختلف الاتهامات الكاذبة الملفّقة , إن المواطن الموصلي أمام مرحلة خطيرة وعليه أن يقلّب الحقائق ويكتشف زيف النوايا وعليه أن يقرر شكل المستقبل بروح وطنية إنسانية ولا يغتر بالدعايات الانتخابية التي يمارسها البعض , فالحقيقة موجودة في الشارع والأحياء الموصلية والتاريخ الناصع للكورد في هذه المدينة المتآخية , الموصل مدينة التآخي, والكورد هم جزء أصيل من مكوناتها , العرب والكورد والمسيحيين والصابئة كلهم شركاء في الأرض والمصير , والغرباء هم المتسلّقون الذين يحاولون تشويه حقيقة وجود الكورد في الموصل , وحملات تطهير البعض من كورد الموصل لن يغيّر من حقيقة شراكة الكورد للآخرين في مدينة الموصل , وأني لأعجب أن هؤلاء لا يتعبون من الكذب على مواطني المدينة ففي حادثة الزنجيلي وحادثة تهجير المسيحيين من الموصل والحوادث الأخرى الكثيرة ظهرت الحقيقة وعلى لسان مسؤولين كبار في رئاسة الوزراء ووزارة الدفاع والداخلية أن القاعدة هي المسئولة عن تلك الحوادث , ولا أحد يقول لهؤلاء المزايدين كفاكم كذبا , وكفاكم حقدا , وعودوا إلى صوابكم أيها المنافقون , فالكورد هم عراقيون أصلاء وموصليون أصلاء وتاريخهم حافل بالتضحيات من أجل مستقبل العراق وأمنه وأمانه , كفاكم فقد أصمتم آذاننا بالمهاترات وعودوا إلى رشدكم , وإن كنتم وطنيون حقا ؟ّّ ( وهذا مانشك فيه ) اتخذوا الحقيقة منبرا والسلام سلاحا ( وأؤكد هنا بأني لا أقصد هنا جريدة الحقيقة التي تصدر في الموصل والتي سمعنا مؤخرا أن أصحاب المكتبات يبيعونها سرا خوفا من الإرهاب وعملائهم لأنها تنقل الحقائق الكوردية الموصلية باللغة العربية ) وعجبي !!!!!!!