وافق البرلمان الجزائري يوم الأربعاء 12 نوفمربأغلبية ساحقة، اذ صوت 500 نائب لصالح التعديلات فيما عارضه 21 نائبا ينتمون إلى حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية الذي يقوده السيد سعيد سعدي، وتم تسجيل امتناع ثمانية نواب عن التصويت، وهم ينتمون إلى حزبين إسلاميين وهما حركتا النهضة والإصلاح.
وبالتعديلات الجديدة تقرالجزائر رسميا نظاما شبه رئاسي يمنح الرئيس صلاحيات واسعة،وتعطيه الحق في الترشح
لعهدة رئاسية ثالثة بعدما كان ذلك ممنوعا بموجب المادة 74 من دستور1996،محور كل التعديلات وبيت القصيد.
وفي أول رد فعل له على تصويت البرلمان لصالح التعديل، أثنى الرئيس بوتفليقة على النواب وشكرهم على موافقتهم على التعديلات التي بادر بها،في رسالة وجهها لهم عقب تصويتهم بالأغلبية على نص تعديل الدستور ، الرسالة التي حملت فيما حملت الافكار التالية:
“إن المبتغى من هذا التعديل هو تعزيز النظام السياسي للبلاد وإثراؤه بما يحقق المزيد من النجاعة والاستقرار السياسي والمؤسساتي للبلاد”
كما نصت على ” أن القصد الأساسي من التعديل الدستوري الذي صادق عليه النواب وباركوه بكل حرية هو تعزيز رموز الجمهورية وحماية أفضل لها وترقية كتابة التاريخ”
وحيى الرئيس بوتفليقة في ذات الوقت روح الوطنية والمسئولية لدى النواب، مشيداً بتبصرهم وحكمتهم في تزكية هذه الخطوة المباركة في سياق دعم مسيرة الإصلاحات.
معتبرا تصويتهم بالأغلبية على مشروع قانون تعديل الدستور و تباين المواقف ورفض بعض التشكيلات السياسية التصويت لصالح المشروع مؤشرا إيجابيا على حركية وحيوية الديمقراطية في مجتمعنا. وهي رسالة لاشك انها تحمل اكثر من معنى، وهو شيء طبيعي بالنظر الى المستوى السياسي والفكري لسياسي ودبلوماسي قدير.لكن السؤال الذي يطرح نفسة في هذا السياق هو التباين والاختلاف الذي اشار اليه الرئيس؟ هل هو تباين مواقفهم قيل زيادة اجورهم وبعدها؟ او هو تباين مواقفهم ومباديء احزابحم؟ ام هو التباين بين او ضاع المجتمع وما يسعى النواب لتحقيقه؟ ويكفي جمع هذه التساؤلات في سؤال واحد هو: على اي اساس اختير النائب من طرف ناخبيه؟.
ومما لاشك فيه، كما يقال وعند جهية الخبر اليقين،فلا يعرف الاجابة الا النواب المصوتين على التعديل الدستوري الذي يخدم المادة 74 منه وما يدور حولها،وهناك مبدا براغماتي ” لاعدوة دائمة ولا صداقة دائمة” والتغني بمبادئ لامناقشة فيها وهناك مصلحة دائمة او مداوم عليها ، غير ان الملاحظ أن الكثير يتحدث عن الدستورفيبتديء بوزن مواده وهو ما يخفف الموازين ويعطيها معاني سطحية،فتفضي بالنفوس الضعيفة الى المراتب الدنيا، بعيد عن المقاصد السامية وفي اتجاه معاكس للوجهة التي وضع الدستور من اجلها. ولولا جهل المسيئين لحقيقة احترام العقد الاجتماعي الذي يتضمنه الدستور وما يثمره من الاحترام والحب والرضى والسكينة والاطمئنان في وسط المجتمع عبر محطات منطلقات افراده وصيرورة مؤسساته ،لأدركوا أن كلفة الضلال في فهم القصد، يؤل الى فهم القصد ومعانيه ، وهو في اعتقادنا ما افقد النصوص فعاليتها، الا فيما يخدم مصالح ضيقة مخاطة على المقاس، وعلى هذا الاساس التصقت بدستورية النصوص معاني التحايل والمواربة.
لعلك توافني اذا قلت ان في الجزائر تعددية حزبية- تعدد اسماء الاحزاب- عوض التعددية السياسية التي كان قد اقرها دستور 89 انطلاقا من مادته 42. حق انشاء الجمعيات السياسية ،فالاحزاب التي كانت تطالب بالديمقراطية والتداول على السلطة لم يعد يرغب زعماؤها اليوم في الوصول الى الحكم، وانما الهدف هو الحصول على مزايا لاغير،فحينما يطرح اسما جديدا يستيقظ الاموات منهم وتظهر جمعيات ومساندين ويرقى حينها الانتهازيون الى رتبة اصحاب مبادئ المحافظين على المكاسب الوطنية، وتبرر المواقف تلك المقولة البراغماتية لاعدو دائم العداوة ولا صديق دائم الصداقة.
وقد توافقني ايضا إذا قلت أن الانتهازية ليست خالية من مضمون، والناس لاينافقون ويهدرون كرامتهم وينبطحون الا متجهين الى غاية سافرة كالبهائم السائرة الى المراعي، والواقع ايضا انه لايوجد موقف كيفما كانت طبيهته اخلاقيا اوغير اخلاقي مجردا، لكن المنطلقات المادية هي التي تكشف طبيعة الموقف وتفضح خفاياه.
ان النفاق السياسي عندنا اضحى على الارض واقفا، بل قل ان شئت قفز قفزة نوعية، ولا تكون مبالغين اذا قلنا أن الانتهازيين انقلبوا ظاهريا على انفسهم وفي حقيقة الامر انقلابهم على الشعب ومؤسساته ،وكذلك يفعل الامنتهازيون.
ان الاستعداد الذي ابداه النواب وتماسكهم التام على اختلاف كتلهم ان كانت هناك كتل حول التعديل المقترح مناف تماما لروح الدستور وهو في اعتقادنا ما اراد الرئيس التنبيه اليه وكانه يقول لماذا لا يخرج البعض معارضا حتى نبدي لغيرنا اننا ديمقراطيين؟ . لو كان لهؤلاء قدر من الحشمة لكان تصويتهم حسبما هو منصوص عليه في ذات الدستور، بلوائح سرية أو برفع الايدي لكن بصفة فردية لا بالجملة مكرهين،او مكرهين، فحينما طلب الدين الاسلامي الحنيف من الناس ان يؤمنوا بعقائده ويؤدون سائر الشعائرلم يحملهم عليها اكراها، وطبيعة الايمان تأبى الاكراه (لا اكراه في الدين البقرة 256) (و مكان لنفس ان تؤمن الا بادن الله…يونس 100).
والملاحظ ان مظاهر الاكراه والتملق في الوطن العربي قد اصبحت اسلوبا محبذا وهو ما يمكن تسميته بالتخلف، فمثلما يعتد مجتمع على مجتمع اخر ، ويستعبده تتكرر الصورة ضمن ا ا
لمجتمع الواحد في شكل استعباد داخلي تفرضه فيئة على فيئة اخرى ويتحول الى ضغوط وهو ما يوجه اهتمام الجماعات المسيطرة الخارجية منها او الداخليةعلى حساب المواطنين والمواطنات.