فيما تشير البيانات الاميركية الى انخفاض معدلات العنف مع زيادة القوات الاميركية في السنة الماضية، لكن ربما تبدو مأساة عائلة عراقية واحدة في كركوك كافية لتنذر بأن شبح الموت مازال مخيما على العائلة العراقية وإن الخطر لم يزل تماما، بحسب كاثرين زيف و سام ادغار مراسلا نيويورك تايمز التي تقدم صورة قلمية لمأساة عائلة عراقية فقيرة في كركوك.
في السنة الماضية، عانى خضير محمود 49 عاما من خسارته لولديه الكبيرين، وفي الاسبوع الماضي فقد خضير ابنه الثالث والأخير، وترقد ابنته الرابعة ذات الاربع سنوات في المستشفى الآن متأثرة بجراح خطيرة. وقد قتل ابنه الأخير محمد (7 سنوات)، بانفجار صاروخ في ساحة لكرة القدم حيث كان يلعب مع ثلاثة من اصدقائه الأطفال، بحسب تقرير الشرطة الذي أفاد إن محمد توفي مباشرة اثر اصابته بالانفجار ، بينما فقد صديقه احمد حامد جلو ، 9 سنوات قدميه الاثنين، ومات بعد ذلك إثناء نقله الى المستشفى، ومازال الطفل الثالث حسن دايا، 7 سنوات، واحلام خضير محمد، أخت محمد يعانيان من جروح خطيرة.
وقال عبد الله ، والد محمد ، انه كان عائدا لتوه من رعي اغنامه عندما طلب منه محمد السماح له باللعب مع أولاد الجيران في الساحة القريبة من دارهم. وبعد ربع ساعة من ذلك سمع محمد صوت الانفجار… ((كانت اجسامهم ممزقة تماما))، قال خضير بأسى، ويظن ان إبنه محمد كان يجلس القرفصاء بانتظار أن يمنع الكرة من الدخول الى مرماه، حيث وجد محمد جالسا بعد مقتله بينما تناثر دماغه، بحسب قول مسؤول في الشرطة.
كانت هذه المأساة الأخيرة في سلسلة المآسي التي عصفت بعائلة خضير، التي جعلته يتساءل فيما اذا كان هنالك مكان آمن في العراق للعيش فيه. حيث فقد محمد ولديه الكبيرين بعد ان خطف ابنه معزز، 19 عاما، وقتل بينما قتل ابنه الثاني، سعد 19 عاما، الشهر الماضي في انفجار نفذه انتحاري بحزام ناسف قرب اكاديمية الشرطة في كركوك حيث كان سعد طالبا.
(والآن فقدت ابني الثالث كما فقدت أخويه من قبله) قال خضير، ولم يتبق لي سوى ابنتي الصغيرة هذا اذا نجت من الحادث. وأحلام تعاني من اصابات خطيرة ولكن يتوقع نجاتها بحسب شهادات الأطباء. وأشار خضير الى انه انتقل الى كركوك في العام 1987 للهروب من شبح الموت الذي خيم على مدينته البصرة ابان الحرب العراقية الإيرانية. وبدا إن الموت يطارد عائلة خضير شأنها شأن كل العوائل العراقية حيث تساءل حائرا: ((أين سنذهب الآن، فالموت يحاصرنا من كل جهة)).
وهذا المأزق ليس غريبا على العوائل العراقية، كما تقول الصحيفة الاميركية، بينما تصر القوات العسكرية الاميركية على ان العنف انخفض بشكل كبير.
وبينما شكر ديفيد بيركنز، المتحدث باسم القوات القوات الاميركية في العراق في مؤتمر صحفي التعاون والتنسيق بين قوات التحالف والقوات المسلحة العراقية، أنكر وجود تصاعد في العنف او الهجمات المسلحة ضد المدنيين. ولكن بحسب احصائيات منظمة الجنود الجرحى فان الهجمات في العراق ادت الى موت 13 من جنود الخدمة الاميركيين في شهر تشرين الأول.
ويرافق هذه التصريحات التي تشيد بالتحسن تصاعد نسبة العنف في شمال الموصل، حيث قتل مايقارب 15عراقيا واصيب 32 اخرون في الأسبوع الماضي. وفي الأحد الماضي أيضا قتل جنديان في انفجار عبوة ناسفة على جانب الطريق وهم في طريقهم الى وحدتهم قرب الكرمة، كما قال مصدر غير مخول رفض الكشف عن اسمه لوسائل الأعلام. وفي جبال قنديل في شمال العراق، قال مسؤول كردستاني ان 20 من المقاتلين الأكراد قد لقوا حتفهم في هجمات من الجانب التركي، بينما اضاف ان معنويات مقاتليهم مازالت عالية. ووسط هذه التصريحات من كلا الجانبين الاميركي والعراقي، مازالت العائلة العراقية تشعر بوجود الخطر وتبحث بقعة في العراق يسودها الأمن والأمان.