الإرهاب عدو للأديان كلها، هكذا قال العاهل السعودي في كلمته أمام مؤتمر حوار الأديان، وكرر الفكرة نفسها كل المتحدثين، حتى الإرهابي” بيريز” نفسه، أكد على ضرورة محاربة الإرهاب. لكن أحدا من هؤلاء القادة لم يقل لنا ماذا يقصد بالإرهاب ومن يقصد بالإرهابيين، ولا الملك السعودي نفسه.
في الوقت الذي كان فيه القادة يتكلمون عن محاربة الإرهاب كان الجيش الصهيوني يحاصر غزة ويقتل أبنائها، بينما تقوم الحكومة الصهيونية بقطع الكهرباء والماء والوقود والطعام والدواء عن أهلنا في فلسطين.
ومع كل هذا الإرهاب الوحشي، كان الملك السعودي يجلس إلى أكبر إرهابيي العصر الحديث بيريز الصهيوني وجورج بوش الأمريكي. ثم نتساءل، هل غاب عن ذهن العاهل السعودي، أن من قتل أربعة ملايين عربي ومسلم في أقل من عشرين سنة هما هذان الرجلان بالتحديد، وأن من عاث فساداً في ديار المسلمين فقتل الرجال وشرد النساء ويتم الأطفال هما هذان الإرهابيان.
نحن كل يوم في فاجعة جديدة، فالفاجعة لم تتوقف عند تصدير الغاز المصري إلى الصهاينة والتآمر العربي على سحق المقاومة العربية ضد الصهاينة، ولم تتوقف عند حدود وزير الخارجية البحريني ونظيره القطري، وزميلهما العماني وغيرهم من قادة دول الاعتدال بل وصلت اليوم إلى الديار المقدسة، ورأى العالم العربي والإسلامي وفي ذهول كامل كيف يجتمع ملك السعودية مع الإرهابي بيريز في صالة واحدة ويأكلان الطعام فيها سوية، وبمزيد من الذهول شاهدنا الملك عبد الله، وهو ينادي بمحاربة الإرهاب الذي لا نعرفه ولم يأت أرضنا إلا بعد أن اعتدى الصهاينة على فلسطين وسلبوها أهلها واستوطنوها بالقوة.
فعن أي إرهاب تتكلم يا جلالة الملك؟ هل كنت تقصد ما حدث على أيدي عصابات الهاغانا، وشتيرن، أم كنت تتحدث عن عام 1984 حيث سيطرت مجموعات من الشذاذ وبموافقة عالمية على بلد عربي مسلم، وبشكل كامل. أو لربما أن الملك قصد في حديثه مذابح كفر قاسم ودير ياسبن، أو حرب الصهاينة على النساء في بيت حانون. هل كنت تقصد ذلك الإرهاب، أم أنك غمزت من طرف المقاومة العراقية والأفغانية والصومالية والفلسطينية!!.
من المفهوم أن يجلس الإرهابي بيريز إلى صاحبه الإرهابي بوش، ولكن كيف نفهم نحن العرب والمسلمين جلوس ملك بلد يحج الناس إلى بعض أرضه، مع بيريز الذي يقتل أبناء المسلمين ويحتل أرضهم ويتفنن في تعذيبهم. وكيف قبلت نفس بعض القادة العرب الجلوس إلى رجل بهذه المواصفات، وهو الذي يفكر إلى اليوم باحتلال بلادهم، ولا أعتقد أن ملك السعودية لا يعلم بالمخططات الصهيونية لاحتلال المدينة المنورة نفسها.
وبعيداً عن الحديث حول الإرهابي الصهيوني والإدارة الإجرامية في أمريكا، أ فلا يحق لنا أن نسأل سؤالاً حول مؤتمر حوار الأديان هذا، فهل الأولى أن يجتمع الملك السعودي مع عدو الله و الإنسانية والتاريخ الصهيوني بيريز ويتقارب معه، في الوقت الذي لا يجتمع فيه جلالته مع المختلفين عن المذهب السائد في بلاده.
لقد نسي الملك التقرّب إلى المختلفين معه بالرأي والاجتهاد من المسلمين العاملين، وتذكر التقارب فقط مع الصهاينة المجرمين، فهل خلافكم جلالة الملك مع “المبتدعة” من المسلمين أشد من خلافكم مع اليهود الذين تآمروا على قتل محمد صلى الله عليه وسلم، ولا يزالون يتآمرون على قتل دينه وتدمير العقيدة التي جاء بها؟؟.
ومسألة أخرى يعذرنا عليها جلالة الملك، فيخبرنا لماذا لم يحضر القمة العربية في
دمشق، وحضر مؤتمر الأديان في أمريكا، أيعقل أن يكون الجواب أن ملك السعودية يعتقد أن بيريز وجورج بوش أقرب إليه من الرئيس بشار الأسد!!.
دمشق، وحضر مؤتمر الأديان في أمريكا، أيعقل أن يكون الجواب أن ملك السعودية يعتقد أن بيريز وجورج بوش أقرب إليه من الرئيس بشار الأسد!!.
فكم من زعيم عربي لم يلتق به الملك عبد الله منذ أمد بعيد، ولم يفكر بإجراء محاورات معه فيتقاربا ويصنعا أرضية مشتركة. فهل أفكار بيريز وبوش أقرب إلى الملك من أفكار الأسد ولحود وغيرهما.
وبعيداً عن المذاهب المخالفة والسياسيين العرب، أ ليس الأولى لخادم الحرمين الشريفين أن يتقارب مع معارضيه الذين لا يستطيعون دخول بلادهم، فكم كانت ستكون تلك الدعوة ذات أثر لو وجهت إلى سعد الفقيه وحركته للعودة إلى البلاد والتحاور والتقارب لبناء السعودية دولة حديثة متطورة.
لقد نسي الملك كل هذه الاقتراحات وتذكر فقط أن عليه أن يتقارب مع أعداء البشر من الصهاينة والأمريكان، ومع غيرهم من الذين يسبون رسول الله صلى الله عليه وسلم جهاراً ونهاراً ويفاخرون بحرية الرأي والتعبير!!.
لا نحتاج في هذه العجالة إلى تحليل سياسي لنعرف، أن السعودية تشعر اليوم أكثر من أي وقت مضى أن قيمتها القومية والإسلامية في ضمور، وأنها تفقد دورها بتسارع ملفت للنظر، كما هو الحال بالنسبة لمصر، وكما فعلت مصر، سارعت المملكة بعمل ما تستطيعه للتمسك بدور ما، والبوابة الأقرب هي البوابة الصهيونية – الأمريكية. فبعد اشتعال الفكر القومي وفكر المقاومة والجهاد، لم تجد السعودية بدّاً من أن تعلن عن وجودها، فبدأت تبحث عن دورها المفقود في مؤتمر الأديان وتأييد أمريكا في إجرامها ضد المسلمين.
أريد أن أسأل الملك عبد الله إذا كانت القضية الفلسطينية قد انتهت وحل النزاع مع العدو، أم ليس بعد؟، فإذا كان الملك يعلم كما نعلم أن الصهاينة ماضون في السيطرة على كامل فلسطين، فهل يعني هذا أن التفريط في قضية المسلمين وصل الأراضي المقدسة بالفعل. ونريد أن نسأل جلالته أيضاً، إذا كان قد فرح بثناء بيريز عليه عندما قال له يحب أن يكون صوتك أيها الملك هو الصوت الغالب، ونستغل المقال أيضاً لنسأله إذا كان سعيداً بأن الإرهابي بيريز قد أعجبه صوت الملك وأراد أن يكون غالباً، فهل يجب جلالته أن يكون صوته غالباً عند بيريز.و نسأله أيضاً لماذا يريد بيريز أن يكون صوت الملك هو الصوت الغالب؟
السعودية وحدها تستطيع، أن تتحكم في مستقبل نصف العالم لو كان قرارها بيدها وحدها، ولو وقفت السعودية مع نفسها ومع الأمة العربية والإسلامية لكان حالنا غير هذا الحال ووضعنا غير هذا الوضع، ولكن رحم الله من قال: مدّوا يداً لغريب بات يقطعها وكان يلثمها لو أنه لطما
دكتوراه في الإعلام – فرنسا