أي حوار هذا الذي يتحدثون عنه ؟ وبين الأديان .. عجبي.. هل انتهينا من كل شيء ولم تبق سوى الأديان كي نتحاور فيها وعنها .. ها هي غزة شاهدة على الوضاعة العربية ووضاعة المتحاورين ووضاعة الداعين لهذا الحوار .. شاهدة على نفاقهم جميعا ، فجميعهم يشتركون بطريقة أو بأخرى في سحق وطحن مليون ونصف مليون فلسطيني في مدينة غزة ، وغيرهم من الفلسطينيين والذين لا يختلفون كثيرا ، وها هي العراق وأفغانستان أيضا تثبت أنه لا أمل حتى لحوار إنساني مع هؤلاء الذي يريد النظام السعودي موادعتهم والتطبيع معهم علنا رغم ما يفعلون.
وأين يجري هذا ؟ في بيوت السفاحين الذين لا زالت دماءنا تسيل على أيديهم .
ثم بأسم من يحاور النظام السعودي؟ من مكة إلى مدريد إلى نيويورك ،وربما قريبا في القدس أو تل أبيب ، قد يحاور النظام السعودي بأسم أي دين يشاء ، ولكن ليس بأسم الإسلام الذي أعتاد النظام السعودي توظيفه فقط لمصلحة الأعداء ، والتاريخ شاهد.
في عام ١٧٤٤ خرجت دولتهم بمجددها محمد عبد الوهاب عن دولة الخلافة العثمانية ودولة الخلافة في أوج قوتها ، فقط بعد أربع سنوات من هزيمتها للنمسا وفتحها لبلجراد وثأرها من الصرب الذين أرتكبوا مذابح ضد مسلمي البوسنة ، وهم الذين باعهم النظام السعودي في التسعينات من القرن الماضي في عهد الملك فهد عندما كانوا يتعرضون لأسوأ المذابح على أيدي الصرب مجددا.
وبأسم الإسلام والتاج البريطاني شنوا حربا لا هوادة فيها ضد سكان الجزيرة ؛ قتلا وسبيا وتشريدا ، وكانت شر حروبهم ضد الرشيد والذين كانوا يمثلون دولة الخلافة العثمانية .
وعندما تحقق للتاج البريطاني تحقيق بغيته في أرض الجزيرة ألغى الجهاد ومن يجاهد أيضا فأمرت بريطانيا رجلها الملك عبد العزيز بإبادتهم وفعل ، ومن تبقى منهم أكملت عليهم الطيارات البريطانية.
وعندما مكّن الإنجليز الملك عبد العزيز من إحتلال الحجاز ، وفي أول مؤتمر “إسلامي” لهم في مكة ، نبّه الملك عبد العزيز أحد الوفود بعدم الحديث عن فلسطين حتى لا تغضب بريطانيا!.
وعندما احتاج الأمريكان المساعدة في طرد السوفيت من أفغانستان ، تذكر النظام السعودي الفريضة الغائبة -الجهاد - مجددا ، حين تذكرتها المخابرات الأمريكية ، وبعد أن انتهت المهمة تحوّل المجاهدون إلى إرهابيين بقدرة قادر ، وها هو الملك عبدالله بن عبد العزيز يطلب العون من الحاضرين في مؤتمر حوار الأديان ؛ لمحاربة الإرهابيين هؤلاء ، وكأن ما يجري لهم لم يكف الملك عبد الله ولم يشف غليله ، ويطلب من من ؟ بالطبع من أمريكيا والغرب والكيان الصهيوني والذي وجهت له الدعوة خصيصا من الملك عبد الله حسب ما أفاد به موقع “الإسلام اليوم” في نسخته الإنجليزية ، ويكفينا مدح أكبر سفاح صهيوني وهو شمعون بيريز للمك عبد الله حين تمنى له : “أن يصبح صوتكم هو الصوت الغالب في المنطقة بأسرها ولكل الشعوب إنه صائب إنه مطلوب ملهم وواعد واستهلال جاد لإحراز تقدم حقيقي”.
لقد حاور النظام السعودي منذ بدايته كل الأديان إلا الدين الإسلامي ، حاور النصارى حتى صار أكثر منهم نصرانية ، وحاور اليهود سرا وها هم يحاورنوهم علانية ، حتى صاروا أشد منهم يهودية ، أما المسلمون فلم يكن لهم من النظام السعودي سوى إراقة الدماء ؛ فتورطوا في الدم الفلسطيني في فلسطين وفي المنافي ، وتورطوا مع المخابرات الأمريكية في مذابح بنغلاديش عام ١٩٧١، وفي السودان عندما دعموا مع الكيان الصهيوني جنوبه النصراني ضد مسلميه ، وفي لبنان دعموا الكتائب المسيحية ضد مسلميه ، وتورطوا في الدم العراقي والأفغاني .
ومؤخرا ثبت أن الدم السوري الذي أريق في دمشق وفي شهر رمضان الفضيل الماضي كان على أيدي غلمان النظام السعودي في لبنان ، هذا هو حوار النظام السعودي مع المسلمين.
إذن لا يحاور النظام السعودي بإسم الإسلام والأولى به محاورة الإسلام أولا ، ومن لا يرى هذا فهو منه.