تحول مؤتمر حوار الحضارات والأديان في نيويورك، إلى ما يشبه لقاء تطبيعيا، حيث أثنى الرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز على العاهل السعودي عبد الله بن عبد العزيز، متحولا بالحضور من الحديث عن السلام بين الأديان إلى قضية التطبيع بين العرب وإسرائيل، وهو ما اعتبرته حركة حماس خللا في النظام العربي الرسمي.
وفي كلمته بالمؤتمر الذي يختتم أعماله اليوم الخميس بمقر الأمم المتحدة، قال بيريز مخاطبا الملك عبد الله: “صاحب الجلالة، ملك المملكة العربية السعودية، لقد استمعت لرسالتك، وآمل أن يصبح صوتك هو السائد في المنطقة كلها بين كل الشعوب، فهو على صواب، وهناك حاجة إليه وهو واعد”.
وأعرب بيريز عن ترحيبه بمبادرة السلام العربية، قائلا: إنها “تشكل مصدر إلهام ومدخل لإحراز تقدم ملموس نحو السلام، فالخيار العسكري لا يمكنه أن يحقق الأمن والسلام”، لكنه استدرك قائلا: “لا يتوقع أحد منا أن نقبل المبادرة العربية كما هي يتوجب إدخال تعديلات عليها”.
ونوه بيريز أيضا ببعض بنود المبادرة، التي تنص على ضرورة إنهاء النزاع العربي الإسرائيلي، وتطبيع العلاقات بين الدول العربية وإسرائيل، وإقامة علاقات حسن الجوار بين الجانبين.
وتربط المبادرة العربية للسلام، وهي في الأساس مقترح سعودي، تطبيع الدول العربية علاقاتها مع إسرائيل بانسحاب الأخيرة إلى حدود ما قبل حرب يونيو 1967 والموافقة على إقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية المحتلة، وإيجاد حل عادل لقضية اللاجئين.
وألقى بيريز كلمته في حضور الوفد السعودي بقيادة الملك عبد الله، وهي المرة الأولى من نوعها التي يشارك فيها العاهل السعودي في فعالية رسمية يحضرها إسرائيليون.
وفي تصريحاته للصحفيين بعد إلقائه الكلمة، قال الرئيس الإسرائيلي: “إنها المرة الأولى التي يواصل فيها ملك سعودي الجلوس والاستماع لكلمة زعيم إسرائيلي”.
وفي تعليقها على المؤتمر الذي جاء بمبادرة سعودية وتحت رعاية الأمم المتحدة، وصفت صحيفة “يديعوت أحرنوت” الإسرائيلية حضور بيريز مؤتمرا يشارك فيه الملك عبد الله بأنه “لقاء نادر يجمع عبد الله وبيريز”.
وأشارت الصحيفة إلى أن الملك عبد الله جلس على طاولة قريبة من الطاولة التي جلست عليها بيريز، فضلاً عن تناول كل من بيريز ووزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني الطعام بمعية الزعماء العرب”.
ليفني والمبادرة
ليفني من جهتها ركزت في كلمتها بالمؤتمر الذي بدأ أعماله أمس على العلاقات بين العرب وإسرائيل قائلة: “إن السعوديين والعرب باتوا يدركون أنه بالإمكان حل المشاكل بالمفاوضات وليس بالإملاءات”.
وفي تصريحات للصحفيين نقلها عنها موقع “ynet” أوسع المواقع الإخبارية العبرية انتشاراً، أعربت عن ترحيبها بنصوص المبادرة العربية، ولكن بعد إدخال تعديلات عليها، وهي أن تخلو من حق العودة للاجئين، وأن تعتبر القدس المحتلة عاصمة أبدية لإسرائيل.
وتابعت قائلة: “لا يكفي أن يتحدث هؤلاء الزعماء عن السلام، بل يتوجب عليهم العمل ضد التطرف وخوض القتال ضد المتطرفين الإسلاميين.
خلل عربي
في المقابل، اعتبرت حركة حماس حضور إسرائيل ودول عربية مؤتمر حوار الأديان دليلا على وجود خلل في النظام العربي الرسمي.
وقال الدكتور يحيى موسى القيادي بالحركة: “لا يصح أن يقوم الأعداء باحتلال أرضنا وقتلنا ليل ونهار، وفي نفس الوقت نجلس نحن وهم في مكان واحد تحت عنوان حوار الأديان، هذا أمر غير مقبول بأي حال من الأحوال”.
وعن حديث بيريز قال موسى: “واضح أن الطرف الصهيوني يحاول إدخالنا إلى متاهات جديدة؛ وذلك هروبا من أي استحقاقات للانسحاب؛ وكسبا للوقت إلى حين استكمال تهويد القدس والضفة الغربية”.
وأضاف قائلا: “إن المعركة قائمة على الأرض، والقضايا ليست كلمات تقال هنا وهناك، وبيريز يريد أن يفرغ المبادرة العربية حتى من أي عنصر قوة وهو عنصر عودة اللاجئين، ويريد أن يتبناها كما يريد”.