الرئيس بشار الأسد : خير الكلام
بقلم : زياد ابوشاويش
خطاب يحمل كل ملامح الوفاء للعروبة وللمصالح القومية ألقاه السيد الرئيس بشار الأسد أمام اجتماع البرلمان العربي ، كلام لم نعد نسمعه كثيراً في خطابات المسئولين العرب، خطاب تكرر فيه تعبير الأمة العربية والمستقبل العربي المشترك، وأضاء على جملة الثغرات التي تواجهها هذه الأمة .
لقد شمل الخطاب القومي كل النقاط موضع الاهتمام سواء على الصعيد العربي أو الدولي محدداً رؤية سورية العربية لهذه المسائل بشكل واضح وصريح وشفاف وخاصة ما يتعلق منها بالتضامن العربي وتباين الاجتهادات بين حكومات الدول العربية تجاه ما يفرض علينا من تحديات وأكمل في هذا الشأن بطريقته المؤثرة حول وجود مسافة كبيرة بين شعور المواطن العربي في كل الوطن العربي تجاه قضاياه وما يواجه وبين المواقف الرسمية لحكومات الدول العربية والتي تضع عناوين خاطئة لتبرير مواقفها، أو بالأحرى تساوقها مع الواقع السيء الذي تحاول قوى العدوان فرضه علينا.
وبجرأة نعتز بها ويفتخر بها كل مواطن عربي تحدث الرئيس الأسد عن فلسطين والعراق والسودان حيث الدولة المستقلة للشعب الفلسطيني وعاصمتها القدس وعودة اللاجئين، وأهمية الوحدة الوطنية ودعم سوريا لها، والعراق وضرورة انسحاب قوات الاحتلال منه وعدم ارتهانه لاتفاقات تضرب الأمن العربي، وعلى ذات السوية من الجرأة والصراحة رفض الاتفاقية الأمنية المزمع فرضها على الشعب العراقي، وأعطى مؤشراً خطيراً على نتائجها في حديثه عن عدوان قوات الغزو الأمريكية على منطقة البوكمال، وشدد على عروبة العراق وأهمية المصالحة بين كل مكوناته، وفيما يخص السودان رفض الرئيس أي تدخل أجنبي في شئونه تحت أي ذريعة أو يافطة، وكان مبدعاً حقاً حين أوضح الارتباط الوثيق بين الموقف السليم من قرارات الأمم المتحدة وما يسمى الشرعية الدولية ومصالحنا القومية وأمننا القومي بالانحياز بالكامل لهذه المصالح على خلفية أن تلك الشرعية تستمد قوتها من بعض المهيمنين على تلك المؤسسات وربطها بمصالحهم خصوصاً.
وحول السلام في المنطقة أعاد السيد الرئيس التأكيد على موقف سورية من هذه القضية منذ مؤتمر مدريد وحتى الآن وأوضح الفرق الكبير بين السلام كما تراه سورية كخيار استراتيجي وبين المفهوم الاسرائيلي للسلام وعملية الخداع التي تقوم بها اسرائيل بهذا الصدد، واستطرد سيادته ليعيد لمفهوم السلام القائم على العدل وعودة الحقوق ألقه عبر التنويه بل والتشديد بأنه لا سلام للضعفاء وأن السلام العادل هو سلام الأقوياء وعلينا أن نعمل للحصول على تلك القوة وفي طليعتها تضامننا العربي ووحدتنا،وقد شرح الأسد كعادته وبطريقة مسهبة وشديدة الإيحاء سياسة بلده في المنطقة ومحيطها وذكر من نسي بأن خيارات سورية لم تتغير حتى الآن رغم كل التطورات التي شهدتها المنطقة والتي كانت بمجملها سلبية وفي غير صالح الأمة العربية. خيارات المقاومة ودعمها تماماً كخيار الوحدة والتصدي للعدوان ورفض شعارات الواقعية لإخفاء التهاون في الحقوق وأداء الواجبات وعلى قاعدة المبادىء والثوابت الفكرية للبلد ولمسيرة طويلة من المعاناة مع الضغوط والحصار الخارجي.
إن من استمع للسيد الرئيس صباح اليوم الأحد التاسع من تشرين ثاني نوفمبر سيفهم تماماً لماذا اختار سيادته أن يتحدث أمام مؤسسة عربية جامعة وليس أمام مؤسسة قطرية سورية.
وفي شأن يرتبط بالمفاهيم والظروف الراهنة فقد مد الأسد يده مبسوطة إلى آخر حد لأشقائه ممن اختلف معهم في الاجتهاد حول بعض المسائل وقد كان في ذلك يعبر عن أمنيات كل مواطن عربي غيور على حقوق وطنه ومستقبله وكرامة شعبه، وأشار إلى مسألة غاية في الأهمية بالخصوص تقول أن مصالح العرب ومستقبلهم ومكانتهم بين الأمم يجب أن لا يحكمها أو يعرقلها مثل هذه التباينات أو الاختلاف في وجهات النظر شريطة أن يستمد الآخرون مواقفهم من عدالة مطلبنا وشرعيته الشعبية وليس من إملاءات التهديد والوعيد والمصالح القطرية الضيقة.
ولخص الرئيس الأسد موقف بلاده من عملية السلام والمفاوضات غير المباشرة مع العدو الاسرائيلي بالقول أن اسرائيل تريدنا أن نسلم بحقوقنا وأن نتنازل عن أمننا لم
صلحتها ولمصلحة أمنها وتدفع العالم الغربي بهذا الاتجاه تحت دعاوي كاذبة وباطلة وكأننا الذين نحتل أرضها ونشرد شعبها وأنها تحلم بتحقيق ذلك عبر العدوان والتهديد وهذا لن يكون لا الآن ولا في أي وقت قادم.
إن خطاب الرئيس الأسد أمام البرلمان العربي قد أثلج صدر كل من تابعه من المواطنين العرب لما تضمنه من موقف عز وكرامة تجاه كل مشاكلنا وأمانينا في مستقبل واعد، وبعد العدوان الأمريكي على سورية والتفجيرات الإرهابية فيها كنا جميعاً في حاجة لسماع هذا الخطاب الواضح والشجاع.
زياد ابوشاويش