مفردات على مرفأ البوح
عبدالجواد خفاجى
القمر :
كجريمتينِ ..
أنا وأنتَ
والآخرون ملائكة!
هذه الذكرى لنا:
كنتَ تدنو
وكنتُ أصعدُ في بهاكْ
كنتَ لعينيَّ البهاء.
ـ أيها المخنوق في كبدِ السماء
ناطحتْكَ الغيومُ ،
أم الدُّلْجَةُ الحالكه؟
لماذا تتركني وحيداً
وحيداً
كالموقوذةِ
كالنطيحةِ
كالجريمةِ
وحدي
والآخرون ملائكة ؟!
النهر:
“لِدَمِي لُغة
ٌ أخرى”
وللنهرِ وجْهَتُه!
يصُبُّ الطمْيَ في البحرِ، في دَمِنا ..
ويُغْرِقُ قشَّةَ الروح لا تطفو!
ـ لماذا قشَّةُ الروحِ لا تطفو،
ويطفو على جبينِك ـ يا أيها النهرُ ـ الزَّبدْ ؟!
البحر:
كالخيبةِ الماثله
تنام على ضفتيك
وتتركُ الريحَ نائمه !
غارقٌ أنتَ ـ يا أيها البحر ـ في مِلْحِنا
تَزُفُّ إلينا ما تَصَحَّر من عرائِسِك البائره.
تحكي لنا
عن غيمةٍ يابسةٍ ..
عن الوجبة المُرتجاةِ
المعلَّبه
عن جُزُرٍ في جبينك بائده
غارب عن ضفتيك ..
عن رماد أيامنا
ـ لماذا أيها البحر
لا تفتح البابَ للموجِ ؟
لماذا ….
تنام وتترك الريحَ نائمه ؟!
الليل:
أوْلَمَ الليلُ لي
نوبةَ الاشتعالْ ،
وأرغفةً من حروفِ الهِجاءْ ،
وأنا ….
لي أن أنطفي
في مواسمَ لامعةٍ
تماماً كالحذاءْ .
فهل لي ـ أيها السادةُ ـ أنْ أُمارسَ لُعْبةَ الانطفاءْ ؟
فوق هَذِي الرمال التي …
سيجتها الكمائنُ
تلك التي تهُشُّني
وتستبيح البدأَ
من وهدَةِ الروحِ إلى وهدةِ الانكفاء
من يفتح الآن أبوابَ الرمال،
ويفْتَرِعُ الطريقَ إلى لحظةٍ لا تنتمي
للصباح الذي ..
لا ينتمي
للمساء ؟.
ليلى:
ولله البنفسجُ في عينِ ليلَى
ولي ما لها :
لطمةُ عُنَّابِها،
سَديمُ أحزانِها ،
كُثبانُ أوجاعِها ،
و ….
هَذِي السماء التي ..
لم تعد ترانا ،
والنَّزْعُ الأخير.
ـ لمن تُشْرِقُ الشَّمسُ يا ليلَى ..
لمن كلُّ هذا الفضاءِ المستديرْ ؟
لمن الصَّهدُ ،
فزَّاعةُ العصافيرِ تلك ،
رائحة التَّجهُّمِ ،
صَلْصَلةَ الحصادْ ؟!
وليلَى مسالمةٌ !
كأشجارِنا التي كانتْ
كآخرِ عصفورةٍ
لم تجد غيرَ مِعْصَمِي للرُّقادْ ..
مهادِنَةٌ
كحبَّةِ العِنَبِ الوحيدةِ
تلك التي لم يشَأها اللهُ في كَرْمَتي.
لكِ الرُّوحُ يا ليلَى،
وفسحتُها / شروقُ عينيكِ / مطلعُها
في شُرفةِ الوجدِ / مغربُها ….
لله العصافيرُ
وللخنازيرِ البراح.
الصُّبحُ :
أَوْلَمَ الصبحُ لي
نوبةَ الانطفاءْ
حانتِ اللحظةُ الآنَ
ادخلي ،
ثَلِّجِي ما تشائينَ في بَرْدِ أيامِنا
صَفِّدي الأحرفَ الباقياتِ / الفراشاتِ /
أغنيةَ الصباحاتِ ..
لا تتركي النوافذ مفتوحةً ـ أرجوكِ ـ
أو …
فاتركيها.
هُزِّي ـ في صالة البوحِ ـ أردافَ أوجاعِنا
وابدئي الرَّفضَ ،
أو ..
فابدئي الرقصَ
حتى مطلع الروح.
أُشافِهُ الصمتَ / المساءاتِ الضليلةَ
أسائلُ هذا الصباحَ المشنقة:
ـ لم تكنِ الأغاريدُ ـ هكذا ـ فَطْسَى ،
ولم تكن أكوابُ الصَّباحِ
ـ هكذا ـ
فااااار
غه .
لم يكنْ غيرُ موعدِنا
كي تؤرْجِحَ هذا الفؤادَ ليلَى
قبل أن تَرُفَّ إلى وهدةِ الرُّوحِ
رويداً
تُمَوْسِقُها …
تعيدُ ترتيبَ أشيائها
ثمَّ ….
تَصُبُّ الحليبَ لهذا الصباحِ
الذي لم يكن هكذا:
غبيًّا
معانِداً
ومشْـ
نَ
قَ
هـ .
الظهيرة :
تزَاوَرُ الشَّمسُ
عن أُفْقها
عن وصمةٍ في الضميرْ.
ـ أيهذا المسيرْ ؟!
سأركب “المتـرو”
إلى آخِرِ ما يشتهي السادةُ الراكبونَ ..
أو
كما تشتهي المحطاتُ التي
لا تجيء.
******
عبدالجواد خفاجى
أكتوبر 1995 م