احتفى الشعب الفلسطيني اليوم بالذكرى السنوية الرابعة لرحيل الشهيد القائد ياسر عرفات رمز القضية الفلسطينية وأعظم رموزها المعاصرين، وقائد الثورة الفلسطينية المعاصرة، التي رسخت لاول مرة بالتاريخ الشخصية الوطنية الفلسطينية المستقلة، ووضعت القواعد الاساسية لاقامة الدولة الوطنية المستقلة.
وخرج عشرات الالاف في مختلف المدن الفلسطينية للتعبير عن المكانة التي يحتلها من نسج الخيوط الاولى لمعركة الحرية التي يخوضها شعبنا ضد الاحتلال والاغتصاب والانقسام وضد قادة الحركة الطالبانية في امارة غزستان الاسلامية.
وبهذه المناسبة العظيمية التي يستذكر فيها الشعب الفلسطيني قائده الوطني ويعبرعن المه للخسارة التي ترتبت على رحيله، اصدرت الحركة الانقلابية في غزة بيانا هاجمت فيه بعنف الرئيس محمود عباس، واتهمته بالكذب والتضليل، واعتبرته غير جدير بقيادة الشعب الفلسطيني، وانه جزء من الازمة وليس جزء من الحل، في اشارة واضحة لتماديها في مخططها باقامة امارتها الدينية في غزة كخطوة على طريق الهيمنة على كافة الاراضي الفلسطينية.
وفي هذه المناسبة.. ذكرى رحيل القائد ابو عمار، تبرز مهمة هزيمة المشروع السياسي لحركة الاخوان المسلمين فرع فلسطين والمسماة بحركة حماس كمهمة رئيسية واساسية لابد منها لاعادة الروح الى الحركة الوطنية الفلسطينية وتحقيق الوحدة الوطنية سياسيا وجغرافيا وديمغرافيا.، ولتاكيد الوفاء للقائد الشهيد.
والدعوة لهزيمة المشروع السياسي لحركة حماس لا تستمد مشروعيتها من ردة فعل عاطفية، ردا على افشال حماس الحوار الوطني الفلسطيني في القاهرة، بل ان هذه الدعوة نابعة من قناعة ثابتة وراسخة بان عقيدة حركة حماس ترفض رفضا قاطعا ان يكون لها شركاء في الحكم، وذلك لأنه وفق عقيدتها تؤمن بان الله منحها وحدها الحق بالحكم وادارة شؤون البلاد والعباد.
فالحركة وفق عقيدة حماس هي الغاية والدين هو الوسيلة، و مثلها مثل باقي الحركات الاسلامية تؤمن بمقولة ‘تمسكن حتى تتمكن، مما يتيح لها اتباع سياسة براجماتية تضمن لها تحقيق مصالحها حتى لو كان ذلك على حساب ثوابت الشرع الي تدعي التمسك بها، وتعلل مواقفها هذه بانها اقتداء بالرسول عليه السلام في تعامله مع اليهود في المدينة ومع قبيلة قريش في الحديبية.
وتجيز عقيدة حماس الكذب والنفاق والتضليل، طالما ان ذلك يحقق اهدافها، فعلى قاعدة ‘الحرب خدعة’ تتعامل مع جميع القوى السياسية الاخرى، ومع القوى الخارجية المعادية، ولا تخضع شعاراتها لمزاج الجماهير وبسطاء المسلمين ومطالبهم وشعاراتهم، ولا يجوز وفق عقيدة الاخوان المسلمين ان تقول الحقيقة للجماهير لان ذلك يكشف خديعتها ويفشل مخططاتها، فالسياسة وفق مفاهيم الحركات السياسية الاسلامية تقوم على قواعد الدهاء والمكر والخديعة.
كما تتضمن عقيدة الاخوان المسلمين مثلها مثل باقي الحركات والجماعات الاسلامية على نظام البيعة ولكن ليس بالمفهوم الصوفي الذي تؤمن به الحركة السلفية مثلا، وانما البيعة السياسية التي جعلت المرشد بمنزلة الامام ‘الحاكم’ الذي يخضع لأوامره جميع افراد الجماعة.
ومن منطلق هذه العقيدة فان الحكومة التي تريدها حماس هي حكومة الهية، و افرادها ملهمون يتلقون الالهام من الله، وتمتلك قدسية لا مجال لاي كان ان يعترض عليها او يناقشها او يحاسبها، ومثل هذه الحركات لا تؤمن مطلقا بالشراكة السياسية، او بالديمقراطية، او بالدولة المدنية.
فحركة حماس التي لا تخفي رفضها للبرنامج السياسي للسلطة الوطنية الفلسطينية القائم على اساس اتفاق اوسلو وخارطة الطريق لايجاد حلول سلمية للصراع الفلسطيني الصهيوني، وخلافها مع الحركة الوطنية الفلسطينية وحركة فتح على وجه الخصوص يمتد لأكثر من نصف قرن، منذ المبادرة الاولى التي تقدم بها الشهيد خليل الوزير ابو جهاد للقيام بعمليات عسكرية ضد العدو الصهيوني.
وبعد ذلك خاضت حركة الاخوان المسلمين فرع فلسطين صراعا طويلا ضد فتح منذ عقدت الحركة اجتماعها التاسيسي عام 1958 . سواء بشكل مباشر او غير مباشر في قطاع غزة قبل هزيمة 67 واحتلال القطاع. وبعد الاحتلال واصلت حركة الاخوان مؤامراتها على فتح وفصائل الحركة الوطنية الفلسطينية سواء في غزة معقلها الرئيسي اوعبر حركة الاخوان المسلمين بالاردن.
وكان الشهيد ياسر عرفات ينظر الى حركة حماس كمنافس لا يؤتمن جانبها، ومع ذلك فضل التعامل معها مغلبا القواسم المشتركة المتعلقة بمواجهة الاحتلال، لكنها قاومته بضراوة، وافشلت العديد من الفرص لاقامة سلطة وطنية حقيقية حسب الخطة المقرة في اوسلو، وفي خارطة
الطريق، عبر عملياتها الانتحارية التي وضعت الرئيس الشهيد امام خيارين اما تصفية حماس او الصمود في وجه الآلة العسكرية الصهيونية ففضل الخيار الثاني وترتب عليه قيام العدو الصهيوني باعادة احتلال الضفة اثناء سنوات الانتفاضة التي حولتها حماس الى عبثية بعملياتها الانتحارية التي لم تؤثر بالعدو الصهيوني وانما اضعفت وشلت خيارات السلطة الوطنية السياسية والعسكرية والدبلوماسية.
الطريق، عبر عملياتها الانتحارية التي وضعت الرئيس الشهيد امام خيارين اما تصفية حماس او الصمود في وجه الآلة العسكرية الصهيونية ففضل الخيار الثاني وترتب عليه قيام العدو الصهيوني باعادة احتلال الضفة اثناء سنوات الانتفاضة التي حولتها حماس الى عبثية بعملياتها الانتحارية التي لم تؤثر بالعدو الصهيوني وانما اضعفت وشلت خيارات السلطة الوطنية السياسية والعسكرية والدبلوماسية.
وكانت السلطة الوطنية بزعامة عرفات قد قامت بحملة واسعة ضد حركة حماس لوقف طموحاتها السياسية عام 1999 واعتقلت الاف من كوادرها، ثم افرجت عنهم مع بدء الانتفاضة عام 2000.
اذن المعركة مع جماعة الاخوان المسلمين فرع فلسطين والمسماة حركة حماس ومن يساندها من فروع الجماعة في معظم الدول العربية وخصوصا في مصر والاردن وقطر، هي معركة ذات بعد تاريخي ولم تبدأ مع فوز حماس في الانتخابات النيابية في عام 2006.
واذا كانت حماس قد وافقت على المشاركة بالانتخابات والمشاركة بالسلطة الوطنية، فان ذلك لم يتم الا على اساس من عقيدة الخداع والدهاء والمكر، التي تؤمن بها حماس، كخطوة على طريق تحقيق مشروعها الاستراتيجي المتمثل باقامة الدولة الدينية في كل فلسطين.
ولذلك فان كل من يتصور ان حماس يمكن ان توافق على حوار لا يؤدي الى تعزيز مكاسبها وزيادة هيمنتها ويمنحها المزيد من حرية الحركة والعمل لتنفيذ برنامجها باقامة دولتها الدينية يكون واهما.
ولهذا يجب ان تتحد كافة القوى الوطنية الفلسطينية وان يلتف حولها كل فئات الشعب الفلسطيني لهزيمة المشروع السياسي لحماس وحركة الاخوان المسلمين ومشاريع كافة التيارات والاحزاب الاسلاموية في فلسطين.
وقد يتصور البعض ان هزيمة قوى التيار السياسي الاسلامي وفي مقدمتها حركة حماس صعبا او مستحيلا، لكن نظرة الى ما آلت اليه الحركات السياسية الاسلامية في المنطقة سوف يجد ان جميع هذه الحركات هزمت هزيمة ساحقة وفشل مشروعها السياسي فشلا ذريعا، في ايران والجزائر وافغانستان والسودان ويوغسلافيا السابقة، وباكستان، وماليزيا، واندونيسيا، واخيرا في العراق.
فعلى الرغم من محاولة هذه التيارات ان تظهر بمظهر الحركات السياسية الا انها لم تستطع ولا تستطيع مواجهة تيار الحداثة في العالمين العربي والاسلامي، وهي لا تمتلك المقومات الفكرية والسياسية لاقامة نظام حكم بديل، مهما ادعت من امتلاكها مشروع سياسي الهي منصوص عليه في القران الكريم.
ولذلك فان هذه التيارات لا تجيد غير استخدام العنف، والقتل، والموت المجاني، وشن الحروب ضد المدنيين، وجراء هذه المفاهيم الهمجية سقط اكثر من مليون قتيل مدني في الجزائر، وملايين القتلى في ايران، ومئات الالوف في السودان، ومن اجل دولة هزيلة لا تمتلك مقومات دولة في البوسنة والهرسك سقط مئات الالاف، وفي العراق سقط اكثر من مليون ونصف المليون قتيل في حرب طائفية مذهبية، فجرت فيها المساجد والحسينات ودمرت الاسواق ومواقف السيارات، وفي فلسطين لا تكترث حماس لو سقط مليون فلسطيني قتلى على مذبح برنامجها السياسي الديني العبثي.
ولذلك يجب هزيمة المشروع السياسي لحركة حماس، وارغامها على الانزواء والانطواء واعادتها الى المساجد والجوامع.
ولتحقيق هذا الهدف فان على السلطة الوطنية الفلسطينية وحركة فتح وكافة القوى السياسية الوطنية ان تبذل ما في وسعها لتوسيع وتعميق الديمقراطية وتطوير اطرها وترسيخ قواعدها، والارتقاء بالممارسة الديمقراطية والالتزام بالشفافية ومحاربة الفساد السياسي والمالي، وتطوير قطاعات الانتاج الاقتصادي وذلك للارتقاء بالعلاقات الاجتماعية، والغاء تاثير القبلية والعشائرية في العمل السياسي والاقتصادي والاجتماعي، كونها المسؤولة عن الفساد والواسطة والمحسوبية.
اننا نطرح هذا الهدف وهذه المهمة في ذكرى رحيل القائد الرمز ابو عمار باعتبارها مهمة يمكن من خلالها استكمال المشروع الوطني الفلسطيني بالحرية والاستقلال، وباعتبارها تجسد اروع صور الوفاء للقائد الرمز.
ونؤيد بقوة ما طرحه الرئيس الفلسطيني محمود عباس بالدعوة الى اللجوء الى الديمقراطية لمواجهة المشروع السياسي للانقلابيين في غزة، فلتطرح السلطة رسميا اجراء انتخابات تشريعية ورئاسية، او تلجأ الى الاسفتاء، فبالديمقراطية يمكن بالفعل هزيمة المشروع السياسي لامارة حماسستان الاسلامية.