يرفض الرئيس الأميركي (جورج بوش) بشدة أي حوار مع إيران بشأن الإتفاقية الأمنية، لكنّ أكبر الأحزاب الشيعية في العراق –كما ترى صحيفة أميركية- يتعرّض حتى الآن الى ضغوط شديدة من أجل مواصلة معارضة الاتفاقية. وتعتقد الصحيفة أنْ الأحزاب الشيعية لن توافق على أي اتفاق مع واشنطن، ما لم تُجلب إيران الى المفاوضات. وبحسب الرؤية التي رسمها محللو الصحيفة بشأن كل (حالات التفاؤل) و(حالات الإحباط) التي انتهت إليها شهور من التفاوض، بصرف النظر عن طبيعة النتائج، فإنّ إيران كانت وراء كل هذا.
وتقول صحيفة الهيرالد تربيون في افتتاحية لها عن (التفاؤل) و (الإحباط) في أواخر العلاقة بين بغداد وواشنطن: إن التفويض الدولي للأمم المتحدة الذي يسمح للقوات الأميركية للعمل في العراق، ينتهي مع نهاية الشهر المقبل. ولشهور، ظلت الإدارة الأميركية والحكومة العراقية، تتشاجران على اتفاقية (وضع القوات) لتكون بديلاً عن هذا التفويض.
وتؤكد الصحيفة أن ما يدعو الى التفاؤل أن بغداد والأميركان (في الأقل على الورق) وافقا على أنّ الوقت قد حان لبداية التخطيط لانسحاب القوات الأميركية. ومصدر التفاؤل الآخر هو أن العراقيين متلهفون بشكل متزايد لإدارة بلدهم بأنفسهم.
أما الحال التي تدعو الى الإحباط –بحسب الهيرالد تربيون- فهي أن إدارة (بوش) كانت قد قاتلت فكرة سحب القوات لمدة طويلة، لم تنجز خلالها شيئاً سوى أن تحدد للعراقيين (يوماً وطنياً). والأمر المحبط الآخر هو أنّ السياسة العراقية الداخلية مازالت –كما ترى الصحيفة الأميركية ذلك- عاطلة لأن قادتها السياسيين غير قادرين على الاتفاق على أكثر من المطالبة برحيلالأميركان. وتؤكد الصحيفة أن الرئيس (بوش) دخل محادثات الاتفاقية قبل شهور، باحثاً عن تخويل قانوني لإبقاء قواته في العراق لسنوات مقبلة. ولحسن الحظ، فإن العراقيين، لديهم تطلعات مختلفة. وقد وافق (بوش) الآن على رحيل القوات خارج المناطق المدنية بحلول شهر حزيران المقبل، وسحب القوات نهائياً من البلد كله في نهاية 2011، تاركاً فقط عدداً محدوداً من القوات المتخصصة بشؤون التدريب، فضلا عن عدد من مهندسي الملاحة الجوية.
وقد أعطى (بوش) أيضا –كما تعتقد الهيرالد تربيون في افتتاحيتها- تنازلاً مهماً بشأن قضية أخرى؛ لقد أراد العراقيون خضوع القوات الأميركية لقوانينهم؛ والأميركان طلبوا حصانة كاملة. وبموجب التسوية التي حصلت، فإن القوات الأميركية سوف يكون لها حصانة، ماعدا تلك الحالات التي تكون فيها الجرائم (خطيرة) أو (مبيّتة) وترتكب خارج واجبات الجنود الأميركان الرسمية. والتقارير الأخيرة –كما تقول الصحيفة- تؤكد أن الأميركان ربما يكونون جاهزين للتعهد بعدم الشروع في هجمات ضد جيران العراق منطلقين من التراب الوطني العراقي.
وتضيف الصحيفة قولها: إنه من الصعب معرفة في ما إذا كانت التنازلات كافية لتشجيع العراقيين على توقيع الاتفاقية أم لا. وبالتوقيت مع الانتخابات المحلية في المحافظات التي يشتد التنافس يومياً بشأنها، يصبح عسيراً على أي طرف من الأطراف المتنافسة أن يبدو بأنه ((أميركي الولاء جداً)). لا أحد من هذه الأطراف يريد ذلك!. وهناك مؤشرات أن الانتخابات الأميركية قد تغيّر تلك الديناميكية، إذ بالنسبة لبعض العراقيين (المتفائلين) بفوز (باراك أوباما) أن الرئيس الجديد قد يتعايش مع شروط الاتفاقية.
وإذا ما أعيق إتمام الاتفاقية أي توقيعها رسمياً، فإن الولايات المتحدة والعراق، يجب أن يطلبا من مجلس الأمن الدولي تمديد التفويض السابق. أو أن البلدين يتفقان على ترك القوات الأميركية تعمل في العراق الى أن يصلا الى نتيجة بشأن الاتفاقية الأمنية المختلف عليها حتى الآن.
وأكدت الصحيفة أن استغراق عملية التفاوض لهذا الوقت الطويل، وعدم الاتفاق النهائي حتى الآن، إنما هو (رسالة تذكير) بأن لا تقدم نحو الأمام في العراق من دون ((جلب إيران الى عملية التفاوض نفسها)) وهي المسألة التي يقاومها الرئيس (بوش) بقوة. لقد ضغطت إيران على الشيعة العراقيين الرئيسين من أجل أنْ يعارضوا ((أي اتفاق مع الأميركان)) ولذا فهي تواصل تدريب الميليشيات الشيعية وتسليحها وتمويلها.
و(أوباما) يقول إنه يريد أن يفتح حواراً مع طهران. والأسبوع الماضي، بعث الرئيس الإيراني (محمد أحمدي نجاد
) رسالة الى (أوباما) يهنئه على انتخابه. وهذا الأمر –تقول افتتاحية الصحيفة الأميركية- سيشجع كثيراً، إذا ما أعطى (أحمدي نجاد) مؤشر الرغبة في العمل مع الإدارة الجديدة في الولايات المتحدة على تحقيق استقرار العراق، بدلاً من الاستمرار في إثارة النعرات الطائفية التي يمكن أن تمزق البلد.
) رسالة الى (أوباما) يهنئه على انتخابه. وهذا الأمر –تقول افتتاحية الصحيفة الأميركية- سيشجع كثيراً، إذا ما أعطى (أحمدي نجاد) مؤشر الرغبة في العمل مع الإدارة الجديدة في الولايات المتحدة على تحقيق استقرار العراق، بدلاً من الاستمرار في إثارة النعرات الطائفية التي يمكن أن تمزق البلد.
وتضيف الهيرالد تربيون قولها: إذا ما تسلم الرئيس (أوباما) مكتبه في البيت الأبيض، فإنه يجب أن يكون (مجهّزاً) ليس فقط بستراتيجية لسحب القوات الأميركية من العراق، إنما يحتاج –أيضاً- خطة جدية في إشراك إيران وكل جيران العراق (هناك نحو مليوني عراقي لاجئين الى سوريا والأردن) في حوار أمني موسع. ومثل ذلك الحوار ضروري بالنسبة لاستقرار العراق، ولضمان أن مشكلات العراق لا تندلق الى دول أخرى عبر الحدود.