بعد حفل تذوق الخمور الذي شهدته مدينة مكناس المغربية في نوفمبر الماضي، تترقب العاصمة الاقتصادية للبلاد (الدار البيضاء) حفلا مماثلا يبدأ فعالياته غدا الخميس. وبحسب صحف فرانكفونية مغربية، تجرى حاليا الاستعدادات على قدم وساق لاستقبال المشاركين بالحفل الذي سيختتم أعماله السبت المقبل بمنطقة عين السبع داخل أحد أقدم المنازل التي خصصت لصناعة الخمور إبان فترة الاحتلال الفرنسي للمغرب.
وعلى رأس شركات الخمور المغربية المشاركة بالحفل شركة “زنيبر” التي تسيطر على إنتاج الخمر بالمغرب.
وإلى جانب الشركات المغربية ستعرض أربعون شركة خمور من إيطاليا وفرنسا وإسبانيا والشيلي منتجاتها في الحفل.
وبحسب صحف “أجوردوي لوماروك”، و”لاغازيت دوماروك”، و”لوبوتي جورنال” المغربية الناطقات بالفرنسية، فإن مجموعة “إيبرتيك” المغربية لإنتاج الخمور هي المشرفة على “الحفل” الذي ستعرض فيه أيضا بعض المأكولات المصاحبة.
دعاية إعلامية
موقع “لوبوتي جورنال” من جانبه نشر مقالا دعائيا عن الحفل قبل أيام، تضمن رقما هاتفيا خاصا للاستعلام، لكنه لا يرد على طالبيه.
وأعطى المقال نبذة تاريخية عن صناعة الخمور بالمغرب موضحا في هذا السياق أن البلد عرف الخمر منذ عهود الفينيقيين والرومان، غير أن ما أسماها “بالغزوات” التي شهدتها الأرض المغربية ضيقت على هذه الصناعة، في إشارة إلى الفتح الإسلامي الذي حرم الخمر ومنع تصنيعها وشربها.
وأكد المقال أن مجيء الاحتلال الفرنسي رسميا عام 1912 سمح لشركة بلجيكية عام 1923 -وحرب المقاومة على أشدها- بإنشاء أول مصنع للخمور بمنطقة بن سليمان (شمال) لتبدأ معها سلسلة بناء مصانع الخمور بالبلاد.
وتداوم صحف مغربية خاصة الصادرة بالفرنسية على نشر إعلانات عن أنواع الخمور دون أن تجد أي متابعات قضائية بتهمة مخالفة الدستور والقانون.
مخالفة للدستور
وعن الموقف القانوني للحفل، قال المحامي المغربي نبيل عموتي في تصريح لـ”إسلام أون لاين.نت”: “إن مثل هذه اللقاءات مخالفة للدستور؛ كونه ينص على أن دين الدولة هو الإسلام”.
وأشار إلى أن “القانون في المغرب يسمح لغير المسلمين بشراء الخمور ويجرم بيعها للمسلمين، رغم أن أغلب من يشتري تلك الخمور مغاربة مسلمون”.
الحفل أثار أيضا انتقاد كثير من العلماء المغاربة الذين اعتبروا أن تنظيم حفل لـ”لأم الخبائث” استفزاز للمشاعر الدينية للمواطنين.
واعترف وزير الداخلية المغربي شكيب بن موسى في يناير 2008 بأن عدد المحلات المرخص لها ببيع الخمور تبلغ 414 محلا، مشيرا إلى أنه تم سحب 18 رخصة بيع خمور من محلات خلال سنة 2007.
تجارة رائجة
وبحسب تقارير إعلامية، فقد استهلك المغاربة عام 2006 خمسين مليون لتر من الخمر، بينها 30 مليون لتر من النبيذ الأحمر وحده، وهو ما يعادل قنينة ونصف لكل مواطن، على اعتبار أن عدد سكان البلاد يقدر بحوالي 30 مليونا.
ويتم إنتاج مختلف أنواع الخمور بالمغرب، وخاصة في مدينة مكناس التي تستحوذ على 70% من الإنتاج، حسب دراسة قامت بها البعثة الاقتصادية الفرنسية بالمغرب.
وكشفت دراسة ميدانية على 1259 سائقا قامت بها لجنة حوادث السير ونشر تفاصيل منها الإعلام
المغربي في يناير 2008 أن الخمر والمخدرات احتلا المرتبة الثانية في أسباب حوادث الطرق التي وقعت خلال 2007.
المغربي في يناير 2008 أن الخمر والمخدرات احتلا المرتبة الثانية في أسباب حوادث الطرق التي وقعت خلال 2007.
وتؤكد إحصائيات رسمية أن عدد القتلى الذين يسقطون سنويا جراء حوادث سير يتجاوز 3 آلاف شخص، في حين يعد الجرحى بعشرات الآلاف.
زيت زيتون!
ويأتي حفل الخمور الذي سيقام بالدار البيضاء بعد عام من تنظيم حفل مماثل بمكناس أثار احتجاجات شعبية وحزبية.
واعتبر في حينه حزب العدالة والتنمية ذو التوجه الإسلامي أن “تنظيم يوم وطني احتفاء بأم الخبائث وبتيسير من السلطات المحلية، يُعَدّ تحديًا سافرًا للمشاعر الوطنية والدينية للشعب المغربي المسلم.. وخرقًا لدستور المملكة وثوابتها ومقدساتها”.
وردا على هذا الحفل، نظم المجلس الحضري لمدينة مكناس الذي يشرف عليه أبو بكر بلكورة عضو حزب العدالة في مارس الماضي حفلا لـ”تذوق زيت الزيتون” وأكد أنه سيكون سنويا.