جمال الدين بوزيان
قد يكون رأيي مفاجأ للكثيرين، بصفتي محسوب دون اختيار مني على تيار فكري يرفض رفضا باتا عقوبة الإعدام و لو كان في حق إرهابي جزار اتخذ من الأطفال و النساء خرافا يتفنن في نحرها، بينما أرى أنه يجب الإبقاء على عقوبة الإعدام و تقييدها بشروط صارمة، خاصة في بلد مثل الجزائر تفاقمت فيه نسبة الجريمة بكل أشكالها منذ بداية العشرية الدموية السوداء، و ازدادت بعد تكريس سياسة اللاعقاب تحت مسمى ما يعرف بـ “الوئام المدني” و “المصالحة الوطنية”، حيث انحصرت جرائم الإرهاب بالمناطق الجبلية النائية و ابتعدت عن المدن، و اقتصر بها نشاط جماعات الموت على التفجيرات و العبوات الناسفة، بعد هذا، فسح المجال بالمدن الجزائرية أمام الجرائم المدنية المنظمة و العشوائية، القتل بسبب و بلا سبب، و بكل أنواعه، و الكل أصبح يشارك في تجريب القتل، و الجرائد صارت تخصص الصفحات لأخبار الحوادث، السرقة بكل أنواعها، كل شيء قابل للسرقة ما دام قابل للبيع، عدا عن أخبار الاختلاسات بالملايين و الملايير و الضحية في الغالب “صندوق الضمان الاجتماعي” أو “البنوك” أو “بريد الجزائر”… الاغتصاب أيضا له نصيب كبير في قائمة أنواع الجرائم المنتشرة بجزائر اللاعقاب و الفوضى، فالأمراض النفسية و الانحرافات الجنسية أصبحت تترجم على أرض الواقع في حق الأبرياء من الأطفال و النساء، صور ضحايا “البيدوفيلي” تتصدر الصحف، أخبار زنا المحارم لا تصدق عند قراءة تفاصيلها.
ماذا نسيت؟ و ماذا لم أذكر من الجرائم التي ترتكب في بلد العزة و الكرامة، هل أبقت كل تلك الجرائم على عزة و كرامة الفرد الجزائري؟
هل يعقل أن نطالب بإلغاء عقوبة الإعدام وسط كل ما يحدث فقط ليقال أن الجزائر تحترم حقوق الإنسان؟ أين هو حق المواطن ضحية الإجرام؟ أو المواطن المعرض للإجرام في ظل سياسة العفو العشوائي في كل عيد و مناسبة وطنية أو دينية؟
كنت أتمنى لو تم رفض إلغاء العقوبة من طرف هيئة أخرى غير المجلس الإسلامي الأعلى، هيئة أو مؤسسة غير دينية، العنف أصبح تهمة ثابتة لصيقة بالإسلام منذ مدة، لأنه إضافة إلى الحجج الدينية التي يبرر بها رجال الدين موقفهم، أرى بأن المعطيات الواقعية لا تسمح أبدا بإلغاء عقوبة الإعدام.
**جمال الدين بوزيان
ناشط اجتماعي جزائري