التهديد بالقوة أكثر فائدة من إستخدامها.
الرئيس كلينتون
إننا نخوض حرباً صليبية بوحي من الرب.
الرئيس بوش الإبن
ترك كلينتون الأميركيين وهم قادرون على التساؤل “لماذا يكرهوننا؟!” وهو العنوان الذي طالعتنا به الصحافة الاميركية عشية حوادث ايلول/سبتمبر بعد أشهر من مغادرة كلينتون للبيت الأبيض. وجاء عهد بوش ليعلم الأميركيون علم اليقين لماذا يكرهونهم وكيف ولأية أسباب. وهي معرفة بلغت الأميركيين عن طريق الاحصاءات المنشورة حول صورة أميركا في العالم.
وإسمحوا لي هنا ببعض التدخل المتخصص حيث ردة الفعل الاولى على الظلم هي التفكير بالانتقام. وهي ردة فعل طبيعية ومعروفة على صعيد الأفراد والجماعات والأمم. وإذا كان الظالم يستند للقوة فان ما يفوته هو امكانية الالتفاف على هذه القوة بطرق لا تخطر على بال. وبهذا الصدد يحذر المفكر الاستراتيجي زبيغينو بريجنسكي إدارة بوش من التشبه بالامبراطورية الرومانية بقوله: ” تجنبوا التشبه بالإمبراطورية الرومانية التي كانت تستخدم فيها مصطلحات قريبة جدا من المصطلحات التي تصدر عن مسؤولين في واشنطن مثل “الدول المارقة” و “محور الشر” و “الجماعات الإرهابية”…الخ. ملاحظا أن الغطرسة التي كانت تمارسها روما أدت بالإمبراطورية إلى الانهيار، وعلى هذا الأساس فهو يدعو إلى أن تكون أميركا مدينة على جبل ” كما ورد في العظة الأخيرة للسيد المسيح” مدينة مشعة وفي سلام مع العالم، لا قلعة على جبل” معزولة وكئيبة وتستقبل جثث جنودها على وقع الموسيقى الجنائزية”.
أميركا الظالمة بلغت قمة إستهتارها زمن بوش وهي لم تكن عادلة قبله. ولو نظرنا لإنتخاب أوباما لرأينا أن الهدف منه هو امتلاك القدرة على استمرار تصدير الفوضى الداخلية الاميركية الى الخارج.
فإنتخاب اوباما يعكس الاحساس باحتمال انتقام مظلومي الداخل الاميركي. وهم الذين تحركوا في ثورات ضد العنصرية وضد السود خاصة من حوادث ليتل روك (1957) وحتى حوادث سينسيناتي (2001). وهو ظلم أضيفت له آثار الازمة الاقتصادية التي ظلمت المهمشين في الداخل الاميركي حتى بات احتواء ثورة اميركية داخلية يقتضي حلولاً أقلها انتخاب رئيس أسود. وبالنظر للعنجهية الاميركية فقد بقينا نشك حتى آخر لحظة باحتمال قبول الحكومة الاميركية الخفية لآخر الدواء بالكي عبر أوباما. وهذا القبول انما يعكس عمق الازمة وحجمها. وبات الآن على أوباما ان يتولى بنفسه عملية تصدير الفوضى الاميركية الى الخارج.
وهكذا فانه من الخطأ توقع توجه أوباما لرفع الظلم عن أحد بل علينا توقع إنسحابه من الحرب الصليبية البوشية المستندة لخيال مريض نحو سياسة التهديد بالقوة والإستفادة من هذا التهديد الى أقصى الحدود الممكنة. وهو ما فعله كلينتون. حيث تكفي مراجعة سياسات كلينتون لتبين السلوك المتوقع لأوباما.
وهذه المراجعة تتطلب منا التحذير من خدعة بالغة الخبث اعتمدها كلينتون ،وسيعتمدها أوباما، وهي خدعة الوعود. فقد وزع كلينتون وعوده يمنة ويسرة دون ان يتحقق أي منها اذ الغاها بوش بجملتها. ومن هذه الوعود على سبيل الدقة الوعد بالسماح بانشاء القوة الاوروبية للتدخل السريع مع التهدئة في شمال افريقيا. ثم الوعد بعدم الاقتراب من تخوم الصين وها هي القوات الاميركية في أفغانستان على الحدود المباشرة للصين.
وهذه الوعود الفائتة تفسر التحفظات العالمية تجاه العهد الاميركي الجديد وتبرر المطالبات الاوروبية والروسية ومطالبات الدول الصاعدة باحداث تغيير في النظام العالمي. ذلك ان أميركا تضع العالم امام خيارين لا ثالث لهما فإما التهديد بالقوة وإما استخدامها الفعلي.
أرجو ألا ننظر لانتخاب أوباما بسذاجة النظر لموقفه من السنيورة وعباس والمالكي وجوقاتهم كون اميركا لم تعتد الاحتفاظ باصدقائها أوحفظهم. فهل تصلنا حقوقنا بمجرد سحب اميركا لقادة المجتمع المزيفين على الطريقة الأميركية؟. فمشكلتنا مع اميركا هي مشكلة حقوق ولبقى هؤلاء فالاشخاص ليسوا المسألة وظلم الشخوص يحله الداخل.
يبقى السؤال بعد أن نسي بعضهم العروبة هل تراه يذكر ماذا تعني “الحقوق العربية”؟؟؟.
رئيس المركز العربي للدراسات المستقبلية