حركة حماس تهدد وترغي وتزبد وبلهجة استعلائية استكبارية تنذر وتتوعد، فيقول المتحدث باسمها مشير المصري ” في كلمة له بمسرة نظمتها حماس في مخيم جباليا “جئنا اليوم لنقول للعملاء والخونة والمرتزقة بالضفة الغربية الذين يتنافسون في تقديم الولاء والطاعة للعدو الصهيوني كفاكم عبثا بالقضية الفلسطينية كفاكم عبثا بالمقاومة ونقول ان من يخن شعبه الفلسطيني فلن يستمر ولن تطول حياته”.
وتمادى المصري بالتهديد حين قال ” كما خنتم الشعب الفلسطيني في غزة وكان نصيبكم ما كان، ستأتي اللحظة ان استمر ظلمكم وقهركم لشعبكم وان تدوسكم حماس ويدوسكم شعب الضفة”.
وقول المصري الاستفزازي هذا يطرح سؤالا وبشكل ملح : اذا كانت حماس تذهب الى حوار القاهرة بهذه الروح العدوانية، فهل حقا انها تريد للحوار ان ينجح كما يدعي بعض قادتها؟ وهل يمكن ان ينجح الحوار وتتحقق المصالحة التي ينتظرها كل الشعب الفلسطيني ، بل وكل اصدقاء القضية الفلسطينية على مستوى العالم؟.
ان الجواب لا يحتاج الى عناء ومشقة .. فاذا كان النجاح يشترط موافقة حماس ، فان النتيجة واضحة لا لبس فيها وهي الفشل الذريع، وعلى زعماء وقادة فصائل المقاومة الا يكلفوا انفسهم ويرهقوا اجسادهم وعقولهم ويوفروا عليهم عناء الذهاب الى القاهرة.
ولكن وامام هذه العنجهية الحماسية لعل ما نسبته جريدة القبس الكويتية الى مصدر مصري مسؤول يشكل مخرجا من ازمة مناورات حماس، ويعطي فرصة حقيقية لنجاح الحوار حيث قال المصدر الرسمي ”ان القاهرة أكدت ان الحوار سيعقد بمن حضر وسيتم تحميل الأطراف الغائبة المسؤولية كاملة”. فموقف القاهرة هذا يستخق التمسك به وبقوة كونه موقفا صحيحا وضروريا ومطلوب الالتزام به لتفويت الفرصة على محاولة حماس “مطمطة” الحوار واطالة امده على امل حدوث فراغ دستوري كما تعتقد وذلك بان يحل التاسع من يناير، ويفقد الرئيس محمود عباس شرعيته الدستورية كما تروج، لتتمكن من فرض رئيس المجلس التشريعي رئيسا انتقاليا ويتم اجراء انتخابات تحت سلطتها، مما يمكنها من الاستيلاء على السلطة سلميا.
ويجب عدم الخضوع لمطلبها بالافراج عن قادتها ومسؤوليها الذين اعتقلتهم قوات الامن الوطنية، بتهمة التحضير للانقلاب على السلطة في مدينة الخليل، بهدف اقامة كانتون جديد على غرار كانتون غزة، تمهيدا، لانقلابات جديدة وكانتونات جديدة.
تعزيز التلاحم
ومع ان هذا السيناريو لن يحدث تحت أي ظرف، الا انه مطلوب انهاء هذه الاوهام خلال اجتماعات القاهرة، ولا شك ان اصرار القاهرة على عقد الاجتماع بمن حضر يشكل ضربة قاصمة لمن يسعون لافشال الحوار بكل السبل، خصوصا وان اغلبية الفصائل الفلسطينية وعلى السنة كافة مسؤوليها تشدد على اهمية انجاح الحوار، والتوصل الى اتفاق المصالحة وفق مشروع المصالحة الوطنية الذي صاغت بنوده القيادة المصرية بعد اشهر من الجهود المضنية من الحوارات واللقاءات والتشاور.
نعم لتعقد الاجتماعات بمن حضر، وحبذا لو تم التوقيع على مشروع المصالحة قبل دخول جلسة الاجتماع كما اقترح السيد نايف حواتمة الامين العام للجبهة الديمقراطية، ويجب الكف عن تقديم الملاحظات كما طالب السيد جميل مجدلاوي القيادي في الجبهة الشعبية، وتعزيز التلاحم بين فصائل اليسار لتشكيل قوة ضغط فعالة تساعد على انجاح المصالحة.
والسؤال الذي يثير الاستغراب وبشده : ما هو مصدر القوة الذي تستند اليه حماس والذي يقف وراء هذه العنجهية والعنترية الممجوجة؟. فكل طاقات الشعب الفلسطيني مع المصالحة ومع الوحدة الوطنية. من فصائل ومنظمات ورجال دين مسلمين ومسيحيين وممثلي الهيئات والمؤسسات المدنية ورجال الاعمال والمثقفين والاعلاميين والطلاب وهيئات المراة، جميع فئات المجتمع مع المصالحة، فباي حق وباي منطق تريد حماس ان تفرض وجهة نظرها على الجميع على قاعدة اما ان انتزع السلطة سلما او حربا ، أي اما ان تحصل على السلطة من خلال حوار القاهرة ، او ان حماس وجماهير الضفة ستدوس السلطة كما قال مشير المصري.
موقف رجال الدين
وفي سياق حملات المناشدة التي
وجهتها العديد من الفعاليات للقيادات الفلسطينية تدعوها للاتفاق والمصالحة، فقد دعا سماحة المفتي العام للقدس والديار الفلسطينية الشيخ “محمد حسين” خطيب المسجد الأقصى، كافة الفصائل الفلسطينية إلى إنجاح الحوار من اجل المصلحة الفلسطينية العامة، بعيدا عن الحزبية والفئوية مضيفا قوله ان الوحدة بين أبناء الشعب الفلسطيني هي فريضة خاصة في هذه الظروف العسيرة والصعبة” مؤكدا” أن الوحدة واجب وطني إنساني”.
وجهتها العديد من الفعاليات للقيادات الفلسطينية تدعوها للاتفاق والمصالحة، فقد دعا سماحة المفتي العام للقدس والديار الفلسطينية الشيخ “محمد حسين” خطيب المسجد الأقصى، كافة الفصائل الفلسطينية إلى إنجاح الحوار من اجل المصلحة الفلسطينية العامة، بعيدا عن الحزبية والفئوية مضيفا قوله ان الوحدة بين أبناء الشعب الفلسطيني هي فريضة خاصة في هذه الظروف العسيرة والصعبة” مؤكدا” أن الوحدة واجب وطني إنساني”.
وقال “وأنا أوجه نداء حار لكل الإخوة المتحاورين في القاهرة أن يعودوا إلينا موحدين الكلمة والموقف مضيف ا”ان دينا الإسلامي وعقيدتنا وشريعتنا الإسلامية تدعو للتعاضد والوحدة والتآلف وجمع الصف، وتوحيد الكلمة ، والآية الكريمة تقول «ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم».وآيات أخرى تحثنا على الاعتصام والوحدة ” واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا”، وآيات كريمات تدعوا للوحدة وعدم التفرق”.
الموقف المسيحي
ومن جانبه دعا المنسنيورمانويل مسلم راعي كنيسة اللاتين في قطاع غزة، الفصائل المشاركة في حوارات القاهرة، إلى العودة بوحدة الصف الفلسطيني ونبذ الخلافات، وذلك من أجل مصلحة الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة “.
وقال مسلم في تصريح لمراسل وكالة قدس نت للأنباء ” أقول من هنا من قلب مدينة غزة ، وليسمعنا إخوتنا المشاركين في القاهرة ، فهم معرضون دائما للخطأ، لكن الشعب كل الشعب لا يخطئ، الشعب يريد منكم أن تقولوا كلمة حق، وكلمة رأي واحد ومحبة واحدة ، وان تقولوا لبعضكم البعض أن شعبنا الفلسطيني يحتاج لمن يتنازل للآخر “.
وفي ذات الوقت أكدت شخصيات مستقلة ووطنية خلال مشاركتها بالاعتصام السلمي في ساحة الجندي المجهول في غزة، على أن الوحدة الوطنية الفلسطينية ، هي الأساس لإنهاء حالة الانقسام ، الذي شكل خطراً كبيراً على القضية الفلسطينية، محذرين من فشل الحوار الوطني الشامل المزمع عقده في القاهرة.
وقال الشيخ محمد ماضي رئيس اللجنة الشعبية لمؤتمر الوفاق الفلسطيني قائلا “ نحن مجموعة من الشخصيات الفلسطينية المستقلة أكاديميون ورجال عمال ودين، انطلاقنا من شعورنا بأنه لابد من عودة الأخوة المتحاورون متفقين ولا بديل عن الوفاق إلا الاتفاق ، لأن البديل الآخر سيكون مظلم، ونسأل الله عزوجل أن يجنبنا ما حدث من فتن سابقة “.
صرخة الاسيرات وصرخة ام محمد
وهذا هو موقف الاسرى الذي عبرت عنه رسالة عدد من القادة في طليعتهم مروان البرغوثي واحمد سعدات ، وايضا موقف الاسيرات الفلسطينيات المحررات اللواتي وجهن رسالة تحت شعار “صرخة مناضلات فلسطينيات .. من اجل الوفاق الوطني”، طالبن فيها بانهاء الانقسام المدمر الذي يسود الساحة الفلسطينية والذي يشوه صورة النضال الوطني المشرق وتحقيق وحدة الصف الفلسطيني.
وفي صرخة من ام غزية عبرت فيها عن كل الامهات الفلسطينيات عندما قالت “أنا أم فلسطينية وهبت ابنائى للثورة، فالتحق أحداهما بكتائب عز الدين القسام والأخر بكتائب شهداء الأقصى، وكنت افتخر اننى أم لبطلين جسورين، ينتميان إلى اكبر فصائل المقاومة، يدافعان ببسالة إلى جانب إخوانهم ورفاقهم من الفصائل الأخرى عن كرامتنا، ويضحون بأنفسهم رخيصة من اجل فلسطين وأجيال المستقبل لتنعم بالحرية، حتى جاءت أحداث حزيران المؤسفة، لتغير المعادلة، ويصبح العدو أخوك ابن قضيتك ورفيقك في النضال، وبعد أن كانت أفواه بنادقهم موجه لصدر المحتل تغيرت وجهتها لتصيب القلب الفلسطيني.
واضافت ام محمد ودموعها تنهمر حسب وصف مراسل القدس نت للانباء ” رسالتي لا بل صرختي “صرخة أم فلسطينية تجرعت مرارة الانقسام على مدار أكثر من عام ونصف العام”، إلى الفصائل والى حماس وفتح بشكل خاص لا تعودوا إلا وانتم متفقين متصالحين متصافحين، فالمصالحة ستعيد ابنائى إلى حضني مرة أخرى ، فمنذ الانقسام لم احضن اولادى الاثنين معا، ولم تجلس الأسرة كاملة حتى في الأعياد ورمضان على مائدة طعام، انني اعيش أياما قاسيه ومريرة لم أذق فيها طعما للنوم ، وخاصة عندما كانت تتطور الأمور بينهما من التلاسن الى التشابك بالايدى”، فالمصالحة ستعيد الأمن والاطمئنان إلى بيتي ، وستعيد اولادى لحضني،يخاف كل منهما على الأخر، يقاتلان جنبا إلى جنب من اجل فلسطين.
مقاطعة من يتخلف<
/b>
هذه صورة الموقف الفلسطيني فهناك اجماع رسمي وشعبي فلسطيني على كل الاصعدة حول ضرورة المصالحة وانهاء الانقسام، وهذا يلقي بمسؤولية ضخمة على جميع الاطراف الفلسطينية والعربية للاستجابة لهذا المطلب، واذا كانت فصائل المقاومة بكل اطيافها باستثناء حماس تدرك وتعمل بجدية لتحقيق هذا الهدف، فان الدول العربية مطالبة باتخاذ موقف رسمي ومعلن تقول فيه وبكل وضوح انها ستقاطع من يخلف عن الحوار، ومن يعمل على افشال الحوار، ومن يتنصل من بنود الاتفاق الذي يجب ان يوقع عليه في القاهرة خلال الاجتماعات المقررة.
وهاهي قلوب الشعب الفلسطيني بكل فئاته وفي كل اماكن تواجده في الوطن والمنافي الطوعية والقسرية، تناشدكم، وتتمنى عليكم ، وتامل منكم يا قادة الشعب، ويا قادة الامة، ان تنهوا الانقسام وان تعيدوا الوحدة للوطن، وان يتفق الجميع على العودة للشرعية وللقانون.
لا يوجد امامكم الا خيار واحد .. خيار الوحدة .. خيار الدفاع عن حق شعبنا باقامة دولته الوطنية المستقلة، دولة سيادة القانون، والتعددية السياسية والديمقراطية، وحقوق الانسان.
ابراهيم علاء الدين