عندما يكون الفشل هدفاً ماذا ننتظر؟
بقلم : زياد ابوشاويش
حماس أرادت أن لا تحاور في مصر وقالت أنها تعتبر إغلاق معبر رفح مشاركة في الحصار على قطاع غزة ومصر هي التي تغلق، ومع ذلك لم تقل حماس أنها لا تثق في الوسيط المصري خشية أن تنقلب مصر بشكل أفدح ضدها وألقت بأعذارها على حركة فتح,وفي المقابل لم تكن السلطة الفلسطينية ترغب في نجاح الحوار إلا بشروطها التي لا تتفق مع معظم الفصائل على صعيد الترتيبات والبرنامج، وفتح منقسمة على نفسها وفيها من تمنى من الله أن لا يكون هناك حوار وإن جرى أن لا ينجح وقد استجاب لهم رب العباد، كما أن السلطة تذرعت بأن معتقلي حماس أمنيون وأبقتهم في السجن وهذا يخالف أبسط منطق وطني فلسطيني. ثم ما العيب في حضور السيد الرئيس محمود عباس كل الحوار رغم أنه مطلب ثانوي من حماس؟.
الطرفان كانا يناوران ويخدعا الشعب الفلسطيني، ولا مصداقية للطرفين رغم أن الذي مارس المقاطعة هو حلف حماس بكل أسف، ووضع شروطاً أربعة.. ثلاثة منها شكلية والرابع جدي، وهذا لا يعيق الحضور بل يعطي حماس ورقة قوة في يدها ليصطف معها الجميع لو ذهبت للحوار.
كلنا نعلم انحياز مصر للسلطة الوطنية الفلسطينية ومشروع التسوية الأمريكية في المنطقة وقد قبلت حماس بأن تكون مصر وسيطا،ً ووفودها ذهبت إلى القاهرة وأبدت كل ملاحظاتها وطلباتها على المشروع المصري… فلماذا توقفت عن الذهاب لمصر قبيل موعد الحوار بيومين؟.
دعونا نلقي نظرة على شروط حماس وملاحظاتها والتي تذرعت بها مع باقي الفصائل التي اتفقت معها في رفض الحضور وهي منظمة الصاعقة التابعة لحزب البعث الفلسطيني، والجبهة الشعبية- القيادة العامة – ، وحركة الجهاد الإسلامي.
الشرط الأول هو مشاركة فصائل انشقت عن تنظيماتها أو انشقت عنها فصائلها وهي جبهة النضال الشعبي الفلسطيني التي وافقت على تغيير إسمها إلى جبهة النضال الوطني الفلسطيني، ولجان المقاومة الشعبية، وحركة فتح الانتفاضة، وجبهة التحرير الفلسطينية، والأخ مصطفى البرغوثي ممثلاً لكتلته ولحركته وكذلك الحزب الشيوعي الثوري الفلسطيني.
الشرط الثاني هو حضور أبو مازن كل الحوار وليس فقط إلقاء كلمة والمغادرة، باعتباره رئيس السلطة وحركة فتح والخصم الرئيسي لحماس وبالتالي إكمال الحوار حتى الوصول لنتيجة.
والشرط الثالث هو أن يلقي خالد مشعل كلمة في موازاة كلمة أبو مازن الافتتاحية، أي أن يكون هناك كلمتين افتتاحيتين مع بدء الحوار.
أما الشرط الرابع فهو الإفراج عن معتقلي حماس في الضفة باعتبارهم مناضلين وطنيين وليس كما اعتبرهم الرئيس محمود عباس، وربما يكون من حقنا أن نطالب حماس بالإفراج عن معتقلي فتح في مقابل ذلك ولكن هذا هو الشرط الوحيد الجدي من وجهة نظرنا والمحق والعادل.
وحتى تكتمل الصورة فإن ترتيبات الإخوة في مصر من حيث المكان وطريقة الافتتاح ومكانه وبدء الحوار… إلى آخر الإجراءات التنظيمية هي إجراءات غير مناسبة من وجهة نظر حركة حماس ومناصريها.
والآن هل هذه أسباب تعرقل الحوار أو تمنعنا من الجلوس سوياً من أجل التوصل للقواسم المشتركة لو كان هذا هو الهدف حقاً؟ وفي المقابل هل كانت السلطة والرئيس سيردوا بهذه الطريقة على مطلب عادل ومحق بالإفراج عن المعتقلين الحمساويين في الضفة لو كانت المصالحة والوحدة هدفهم؟.
إنني أعتقد، بل أكاد أجزم أن الطرفين كانا جاهزين لإفشال الحوا
ر والمصالحة ولكل أسبابه الخاصة به والحافظة لمصالحه، وربما ليس من المناسب اليوم الحديث بهذا الخصوص، حيث سيأتي يوم تنكشف فيه كل المسائل، وحيث لن يجد كل هؤلاء ما يقولوه لشعبهم الذي أمل وتمنى أن نعود لبعضنا ونوحد صفوفنا في ظروف صعبة وفي مواجهة عدو لا يريد منحنا أدنى حقوقنا الوطنية. إن أوهاماً تعشش في عقول قادة الطرفين وللأسف فإن باقي المستويات القيادية والقاعدية لا دور لها ولا رأي في كلا الحركتين، بمعنى أنهم شهود زور على ذبح القضية الفلسطينية، كما أن الفصائل التي أيدت حماس في موقفها الخاطىء والتي أيدت السلطة في موقفها الخاطىء أيضاً تتحمل مسئولية جسيمة، ولم يعد هناك أي مبرر لبقاء بعض الناس في منتصف المسافة بين الطرفين على مستوى الرأي والقناعة والاصطفاف الذي يجب أن يتوقف الآن.
لقد أرادوا المناورة حتى اللحظة الأخيرة وقلنا لهم كفوا عن ذلك واذهبوا بشروطكم واطرحوها في الحوار وإن لم تصلوا لنتيجة غادروا واحردوا وقاطعوا وانسحبوا وافعلوا ما بدا لكم، أما أن لا تذهبوا بذرائع واهية وبشروط ليس لها أي قيمة حقيقية باستثناء مطلب الإفراج عن المعتقلين فهذا ضرب من العبث والطيش السياسي، اللهم إلا أن يكون هناك أجندة لا نعرفها سواء لحماس بالذات، أو للسلطة وفتح التي نعرف خطوط أمريكا الحمراء أمامها على هذا الصعيد.
أيها العابثون بمستقبل قضيتنا في فتح وحماس هنيئاً لكم الفشل ومبروك عليكم القطيعة، وعليكم أن تستعدوا لجولة من التراشق بالنار بدل الحوار، ناهيك عن التراشق الإعلامي المخجل.
عندما خاطبناكم وقلنا سئمنا منكم في المنافي وفي الوطن فارحلوا عنا غضب البعض وعاتبنا آخرون، لكن ألا يدفعنا ما جرى، وفشل من يدعي الحرص على مستقبل قضيتنا وشعبنا إلى قول ما هو أكثر؟ ألن يستفيق هؤلاء الحالمون بالجاه ويتوقفوا عن تدمير مصالحنا ومستقبل أبنائنا؟
زياد ابوشاويش