بعد نحو أسبوعين من إصدار فتوى للشيخ عبدالمحسن العبيكان المستشار بوزارة العدل السعودية تجيز للزوجة الدفاع عن نفسها إذا اعتدى عليها زوجها دون وجه حق، سجلت مدينة جدة شمال المملكة أول حالة ضرب من قبل سيدة ضد زوجها ردا على اعتدائه عليها.
وقالت الزوجة إنها تعرضت لعنف من زوجها ما دعاها للرد عليه دفاعا عن نفسها كما يجيز لها الشرع ذلك. بحسب جريدة شمس اليوم الجمعة.
وبدأت القصة بمناقشة حادة بين الزوجين في منزلهما بحي الفيصلية شمال جدة، فقام الرجل بضرب زوجته بشكل عنيف بيده، إلا أنها ردت عليه بالعصى بضربه في رأسه وظهره عدة ضربات أدت إلى سقوطه على الأرض.
وعقب ذلك ، أوقفت الزوجة سيارة أجرة ونقلت زوجها إلى المستشفى، حيث تبين أنه يحتاج إلى راحة علاجية 3 أسابيع بسبب وجود كسر في اليد اليمني وكسر متوسط وجروح في الرأس إضافة إلى جروح في الظهر.
وحضرت الشرطة التي حققت مع الزوجة ، فقالت إنها تعرضت لعنف من زوجها ما دعاها للرد عليه دفاعا عن نفسها كما يجيز لها الشرع ذلك.
وتم الإفراج عن السيدة بكفالة حضورية إلى حين خروج الزوج من المستشفى ويحدد ما إذا كان سيوجه إليها تهمة الاعتداء عليه أو يتنازل عن القضية.
للدفاع.. لا الاعتداء
وكان الشيخ عبد المحسن العبيكان قد أصدر فتوى يجيز فيها للزوجة ضرب زوجها دفاعا عن النفس إن اعتدى عليها دون وجه حق، وذلك بعد حوادث عديدة فقدت الزوجة فيها حياتها بعد اعتداء زوجها عليها.
وأثارت الفتوى جدلا متناميا داخل المجتمع السعودي بل والإسلامي عموما، ما بين مؤيد ومعارض.
وعقب الجدل الذي أثارته الفتوى أوضح الشيخ “عبد المحسن العبيكان” في تصريحات سابقة لـ”إسلام أون لاين” أن الناس فهموا الفتوى خطأ بعد أن تم تداولها في وسائل الإعلام.
وأوضح أنه لم يبح للمرأة ضرب زوجها –هكذا على عموم القول- وإنما قال إن من حق المرأة رد اعتداء زوجها والدفاع عن نفسها إذا اعتدى عليها بدون وجه حق، مشيرا إلى أن بعض الأزواج الذي يتعاطون المخدرات مثلا قد يحيلون حياة زوجاتهم إلى جحيم، فهل يعقل أن يقدم الرجل على قتل زوجته وتجلس ساكنة.
وبين أن دفاع المرأة عن نفسها إذا تعرضت للعنف من زوجها يقع في حكم “دفع الصائل”، “فـأي إنسان إذا صال عليه صائل كسبع أو حتى إنسان له أن يدافع عن نفسه، حتى لو وصل الأمر لقتل الصائل إن حاول قتله”.
واستشهد بقوله تعالى: “وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا” (الشُّورى:40)، وقوله أيضا: “فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ” (البقرة:194)، وقوله تعالى: “وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ” (النحل:126).
وتابع: لم أعط لأحد الحق أن يرد العنف بعنف مضاد، ولكن قلت بأن ترد الاعتداء؛ لأن دفع الصائل بما يندفع به مشروع، ولكن على أن يدفع عن نفسه، وذلك بالأسهل.
واحد في المائة
وقبل نحو 3 أسابيع دفعت سيدة سعودية 350 ألف ريال (94 ألف دولار) لزوجها تعويضا له مما لحق به من أضرار وإصابات نتيجة إلقائها مادة الأسيد الحارقة على وجهه، مقابل تنازل الزوج عن الدعوى القضائية وتطليقها.
وتمت هذه التسوية خلال جلسة صلح بمنطقة نجران ، وبموجب ذلك الصلح نجت تلك المرأة من الحكم عليها بالسجن عامين والجلد 400 جلدة بعد دعوى رفعها الزوج أمام المحكمة الجزئية في نجران عقب أن سكبت زوجته على وجهه مادة الأسيد نتيجة خلاف بينهما مما نتج عنه إصابته بتشوهات كبيرة.
ورغم تحذير حقوقيين وخبراء مؤخرا من تزايد العنف ضد المرأة بالمجتمع السعودي فإنه لا توجد إحصاءات دقيقة تحدد حجم ذلك العنف، فيما برزت مؤخرا تحذيرات من وجود نوع جديد من العنف من الزوجات ضد الأزواج وإن بقي محدودا.
ويرى خبراء اجتماع أن هناك أسبابا عديدة تدفع الزوجة لاستخدام العنف من بينها معاملة الزوج القاسية وتعرضها للضرب أو اكتشافها خيانته لها وغالبا ما تدافع عن نفسها بالضرب أو السب.
وأشاروا إلى أن أكثر الحالات الموجودة لا يُصرّح بتفاصيلها، لحساسية موقف الرجل السعودي من عنف الزوجة، فهو غير مألوف ولا يتقبله.
وفي هذا السياق أوضحت الحقوقية السعودية د.سُهيلة زين العابدين في تصريحات صحفية سابقة أنه ظهرت خلال السنوات الثلاث الماضية حالات قليلة لعنف الزوجات لا تتجاوز نسبتها 1%.