كتب عبد الحميد دشتي
على العكس مما يتمناه الإعلامي السعودي عبد الرحمن الراشد وزملائه من تلامذة المحافظون الجدد في الإعلام العربي لا نتمنى أن يكون باراك أوباما كاذبا في وعوده بالتغيير في السياسة الخارجية لبلاده التي مسخها جورج بوش حتى صارت مضرب المثل في الشيطنة والعدوان وإن لم يكن أول معتدي من رؤسائها إلا أنه الأول الذي أوصل الأمور إلى أقصاها .
تخريب العلاقات الدولية وضرب الإستقرار الإقليمي والتعامل مع العالم بصيغة معنا غصبا عنك أو عدونا رضيت بعداوتنا أم رفعت لواء التعاون الدولي والأهم، هو إستغلال بوش وإدراته من قبل فئة لها أجندة خاصة لا علاقة بالمصالح الأميركية التي قد تتقاطع مع مصالح بعض الدول في المنطقة، فنتعاون معها وقد نتصادم فنتحاور أيضا ، بينما جورج بوش ومن خلفه تلك الفئة الباغية المسماة بالمحافظون الجدد الذين تمكنوا من أن يسخروا بعض الدول العربية لخدمة مصالح إسرائيل وسيطروا على مصالح عربية وجيروها لمصلحة إسرائيل، وشنوا ثلاثة حروب في أفغانستان ولبنان والعراق ورابعة على الحقوق المدنية لكل مسلم بحجة الإرهاب، دون أن تؤدي حروبهم تلك إلا إلى تقوية الإرهاب لا ضربه، ولولا لطف الله والمقاومة العربية فينا لكنا الآن وسط ستة حروب مع رغبة بوشية إسرائيلية بضرب إيران وسوريا وتقسيمهما .
تلك كانت خارطة طريق جورج بوش والمحافظون الجدد الذين إسمهم الحقيقي يجب أن يكون شياطين إسرائيل في أميركا.
وهم من قال عنهم الرئيس باراك أوباما بأنهم يعملون على شن الحروب الخارجية لمصالحهم المادية (سماسرة لشركات السلاح) والأيدولوجية وكان يقصد أن ولائهم لإسرائيل وليس لأميركا ( خطابه في تظاهرة شيكاغو المعادية لحرب على العراق2002 ).
منذ أعلن إنتصار باراك أوباما والصحف السعودية والعربية الممولة من المملكة تشن حربا إعلامية على كل من تفائل بالرجل خيرا على أساس أنه لن يكون صانع حروب بل محاورا، ولو أننا نعرف أنه ليس المقرر بل أحد المقررين للسياسات الخارجية ولو أننا نعرف بأن إسرائيل مثل العلم الأميركي بالنسبة لأي إدارة أميركية ، مصالحها وحمايتها فوق أي مصالح أخرى.
ولكننا نتفائل على الأقل بأنه لن يكون بنفس الغباء الذي كان عليه بوش، فأي حرب جديدة لا تخيفنا لأننا نثق بقدرة شعوب العالم العربي والإسلامي على المقاومة، ونثق بالشقيقة سوريا وقدرتها على المواجهة ، ونعلم علم اليقين أن شن أي حرب على إيران ليست قرارا سيربح من خلاله الأميركي ولا الإسرائيلي وإلا لشنوا الحرب منذ سنين عليها.
ولكن هل يجب أن نعاني وتعاني شعوب الأرض من الحرب فقط لنصل حيث يمكن الوصول بدون عنف ؟
أن أوباما اعلن طوال حملته الإنتخابية بأنه يرى مصالح أميركا في التعاون لا في التصادم وأنه مع الحرب على الإرهاب على أن يقودها المسلمون لا أميركا لانهم الأقدر على ربحها (مقابلة مع تي في 5 في السابع من شهر ايلول – سبتمبر الماضي) وأعلن ان عمل سيقوم به بعد الإهتمام بقضية المشكلة المالية في أميركا هي أن يدعوا زعماء العالم الإسلامي جميعا إلى مؤتمر دولي لبحث القضايا التي يريدون حلها للتفرغ لمحاربة الإرهاب (…) .
إن فعل أوباما ذلك فسيحل الإحترام المتبادل بيننا وبين الأميركيين وسيعمل الجميع لحقوق كلا الطرفين ومصالحهما بعيدا عن النزق الإسرائيلي وعن الإنحياز الأميركي إليه، فإن وصلنا عن طريق الحوار مع أوباما لحل لمسألة إيران والعراق والخلاف السياسي مع سوريا ولأن كانت موازين القوى لا تسمح بفرض حل عربي على إسرائيل وأميركا فإن رجلا مثل أوباما سيكون أكثر تفهما من بوش الرباني إلى أن اي نصر إسرائيلي في المرحلة القادمة على العرب لم يعد ممكنا وإسرائيل كما قال أولمرت ستدفع ثمنا مضاعفا في المستقبل إن فكرت في شن أي عدوان ومن مصلحتها أن تقدم التنازلات الآن وإلا بحسب أولمرت فعليها دفع أثمان أغلى في المستقبل . إنتهى كلام أولمرت ، برأينا أن رجل كأوباما نأمل أن يفهم بموازين القوى لا أن يحيلها ربانية كما فعل بوش وكما كان يؤمن ماكين المأسوف عليه من قبل الإعلام السعودي والذي يهددنا عبد الرحمن الراشد بأن أوباما سيتبنى خططه الحربية ضد سوريا وإيران (هل أنت عربي أمي شيطاني يا عبدالرحمن لتفرح بهكذا أنباء كاذبة وتسوق لها فهل من مصلحة السعودية أن تشن اميركا حربا جديدة في المنطقة؟
وكما قال الكاتب البريطاني جوناثان ستيل المختص بالشؤون الأميركية في الغارديان اليوم نقول ونطالب نحن أيضا بأن على أوباما أن يعلن أنه ملتزم بوعوده الإنتخابية وأنه مع حوار أميركي أيراني بدلا عن الحرب وأنه ملتزم بالإنسحاب من العراق والأهم عليه أن يعلن نهاية الحرب على الإرهاب لأن تلك الحرب التي أعلنها بوش هي التي قوت الإرهاب وساعدت في بقائه .
هذا كلام بريطاني بينما السيد عبد الرحمن الراشد يتمنى أن أوباما سيعتمد خريطة طريق هي نفسها التي كانت لماكين أي :
بومب إيران بومب إيران بومب إيران …فهل هذا ما يسعدك يا عبد الرحمن .
محامي كويتي