لا نملك سوى النصيحة.. فلتسمعها فتح وحماس
بقلم : زياد ابوشاويش
حتى اللحظة لم يتوقف التراشق الإعلامي بين فتح وحماس ولم تتوقف معها الاتهامات المتبادلة أو المناورات الحزبية السخيفة والمعرقلة لأي جهد صادق في سبيل مصالحة تاريخية بين حركتي فتح وحماس تنهي هذه المرحلة القاتمة من تاريخنا وتعيد نضالنا الوطني إلى سكته الصحيحة وتعطي فرصة جديدة نحتاجها لمشروعنا الوطني الذي جار عليه القريب قبل الغريب والذي يتلاعب به اليوم قادة ابتلانا بهم رب العالمين لحكمة لا نعرفها ولن نعرفها على الأرجح في المستقبل.
بعد يومين أو ثلاثة سينطلق الحوار الشامل بين الفصائل الفلسطينية في القاهرة وعلى بساط البحث مبادرة مصرية كانت نتاج حوار منفرد بين القاهرة وكل التنظيمات الفلسطينية وجاءت لتغطي كل قضايا وعناوين الاهتمام الفلسطيني، لكنها بكل تأكيد ليست كاملة ولن يتم النظر إليها من كل الأطراف بذات السوية، وسيجد كل فصيل جملة هنا أو فاصلة هناك ليساوم عليها، وإلى هنا الأمر مفهوم وفي إطار المعقول. لكن ظهرت في اللحظات الأخيرة بعض الاشتراطات والملاحظات من الوزن الثقيل نخشى ببساطة أن تعرقل الحوار وأن تخرب كل عملية المصالحة.
كنا نتمنى أن لا يكون هناك محاور أو تكتلات قبل الحوار وأن يذهب كل فصيل بما لديه إلى القاهرة وهناك نبدأ الحوار حول المبادرة المصرية لنتفق في النهاية على صيغة موحدة للبرنامج وطرق التطبيق، وتمنينا صادقين أن يذهب طرفا الخصومة بقلوب وعقول مفتوحة، كما بثقة في الشقيق تزيل كل الاحتقان وتمهد بشكل حقيقي لتوافق وطني يتوج مصالحة أخوية لن تكون هناك أي فرصة لنجاح مشروعنا الوطني بدونها، وقلنا أن مسألة الثقة وحسن النية هي مفتاح كل شيء في هذا الإطار.
اليوم نقف على أعتاب أزمة جديدة ومواقف غير مفهومة أو حتى مقبولة سواء من حركة حماس أو من حركة فتح، وسيكون أمام الحركتين قليل من الوقت لشرح أسباب هذه المواقف، وحيث لن يكون بمقدور أي مسئول فيهما أن يمرر على الشعب الفلسطيني تبريره لإضاعة هذه الفرصة للإمساك من جديد بمستقبلنا والسير على طريق إنجاز حقوقنا بحدها الأدنى ناهيك عن عودة المقاومة والانتهاء من المفاوضات العبثية والتهدئة الأكثر عبثية.
ربما يكون مفهوماً من حماس أن تطالب باطلاق سراح معتقليها في الضفة ونحن معها في هذا بطبيعة الحال، كما أننا نتفهم رفض أي قيود على مقاومة الاحتلال بل ونحن أول من يرفض مثل هذا الحظر أو القيود، وقلنا بتوحيد غرفة العمليات حتى لا يصبح استخدام أي شكل للمقاومة ورقة للمساومة الداخلية، ولكي نكون أمام نضال يستوحي أساليبه وتكتيكاته من برنامج واضح وقيادة سياسية موحدة. وربما نتفهم أن تطالب حماس بحل رزمة واحدة وسنساندها في ذلك ، كما نعلم أن هناك ملاحظات جدية لدى فصائل أخرى على المشروع المصري ، ومع رفضنا لإسلوب الضغط والابتزاز في اللحظات الأخيرة يمكن أن نستوعب مثل هذه الأساليب وبعض المماحكات المعتادة…كل ذلك يمكن قبوله وتفهمه، غير أن الذي لا نستطيع فهمه في موقف الإخوة في حماس وضعهم كل الحوار والمصالحة على كف عفريت عبر التهديد بالمقاطعة قبل يومين من انعقاد الحوار أو بوضع شروط ثقيلة وغير مقبولة من الطرف الآخر كقصة أن يكون محمود عباس على رأس حركة فتح أثناء الحوار أو الاتفاق على الحصص والكوتة في نفس الوقت الذي يتفق فيه على البرنامج وباقي قضايا الحوار، كما لا نفهم شرط مشاركة بعض صنائعها من تنظيمات لم نسمع بها على هذا الصعيد لأن ذلك يفتح على مسألة خطيرة وتساهم في تمزيقنا لسنوات طويلة قادمة وستكون حماس أول النادمين على فتحها. لكل ما تقدم فإن نصيحتي للإخوة في حماس أن يذهبوا للحوار بقلوب مفتوحة وعقول مفتوحة وبلا شروط مسبقة وهناك سيجدوا إخوة وأشقاء من كل الفصائل مع أي مطلب عادل وسليم وطنياً يطرحوه وعليهم أن يتوقفوا عن المزايدة على صدق الناس وإخلاصهم لقضيتهم والتخوين والحديث عن التبعية سلاح ذو حدين، لذلك أرجو أن يتوكلوا على الله كما عهدناهم ويتقدموا الصفوف لمصافحة أشقائهم في حركة فتح ويحاوروهم بالحق والكلمة الطيبة وهذا نريده من الجميع، ولا يضعوا أي عراقيل أمام الحضور لأن هناك انطباعاً لدى قطاع واسع من الشعب الفلسطيني بأن حماس مرتاحة في غزة وما تجنيه من مكاسب، وأن المتشددين في قيادتها لا يرغبون في الوحدة الوطنية لأنها تجردهم من بعض نفوذهم الذي تعزز بعد الحسم العسكري في غزة والذي أدى إلى دخول قضيتنا الفلسطينية نفقاً مظلماً.
وللإخوة في حركة فتح والسلطة برام الله نقدم أيضاً ملاحظاتنا ونصائحنا علهم يستوعبون التغيير على الصعيد الداخلي والخارجي وأن هناك شريكاً جدياً لهم في المشروع وأن هذا الشريك من حقه الحصول على موقعه الصحيح في صنع القرار الوطني، كما أنه ليس من المناسب الحديث بشكل دائم عن الانقلابيين والخارجين عن القانون وغير ذلك من أساليب التحريض والشقاق الممجوجة وغير المفهومة. لماذا تصر السلطة على بقاء المعتقلين من حماس في سجونها تحت ذرائع كلنا نعرف أنها غير صحيحة وغير قانونية؟، اللهم إن كان الكفاح ضد العدو الاسرائيلي والسلاح المستخدم فيه غير شرعي! فهذا يحتاج لتصنيف جديد للعمل المقاوم سواء كان هذا في الضفة أو في غزة، وعليه فإن إبقاء المعتقلين من حماس رهائن لدى السلطة حتى وان كانوا ينوون الاستيلاء على السلطة في الضفة كما أشارت تصريحات بعض المسئولين الفتحاويين فإن بقاء الاعتقال قبل الحوار هو عمل ضد الوحدة الوطنية وضد كل جهد حقيقي للمصالحة تماماً كاعتقال حماس بعض نشطاء فتح اليوم.
فتح صاحبة المشروع الوطني وقائد المسير لأربعين سنة والمفترض أنها الأكثر حرصاً على النجاح وأنها الأكثر خبرة في مجال التحالفات وعلاج الخلافات واستيعابها ومن هنا فإن مسئوليتها عن أي عرقلة للحوار ستكون أكبر بكثير من مسئولية حماس التي لم تنضج بشكل يؤهلها لاستلام الراية وحمل المشروع الوطني على أكتافها حتى الآن .
أيها الإخوة في فتح وأنتم على أعتاب المؤتمر السادس لحركتكم الرائدة نرجوكم أن توقفوا كل العابثين بمستقبلنا والمراهنين على أعدائنا، وأن تقدموا كل المرونة من أجل عودة الوئام لصفوفنا والفرصة الآن متاحة أكثر من أي وقت لترتيب بيتنا الفلسطيني من الداخل، وهذا نسمعه أيضاً للإخوة في حماس، لأنه قد يأتي عليكم وقت لن تجدوا فيه أدنى فرصة للتآخي والمصالحة أو حتى لالتقاط الأنفاس، وإلى هنا يكفيكم تلكؤاً ومناورات نتمنى أن تجيدوها مع العدو وفي مواجهته.
زياد ابوشاويش