“”تم تحذيرنا من أن نعرض على الأمة أحلاما زائفة”. على وقع كلمات الرئيس الأميركي المنتخب باراك أوباما، نسج مفكرون وأكاديميون أردنيون مواقفهم حيال الحقبة الأميركية المقبلة، فحدا بعضهم الأمل في أن تكون أخف وطأة على العالمين العربي والإسلامي من سابقتها، فيما بقي آخرون متوجسين خيفة من تجربة وُسِمت طويلا بتحيزها ضد مصالح المنطقة.”
“ثورة في السياسة الأميركية يمثلها فوز الأسمر ابن الرجل المسلم الذي يحمل اسما عربيا”، يقول المفكر والأكاديمي هشام غصيب، مردفا “يتجلى في هذا الفوز تغيّر النمط الأميركي في التفكير، إلى جانب أنه يُحسب لمصلحة الديمقراطية الأميركية”.
ويشبّه غصيب خطاب أوباما بخطاب الديمقراطيين الاجتماعيين في أوروبا “المفعم بالمضمون الاجتماعي”، ما يرمز لتحرك “أبناء الطبقة الوسطى والعاملة كي يفرضوا أجندتهم بعدما سيطر أرباب الشركات الكبرى على أميركا لفترات طويلة”.
ويتفاءل غصيب أن ينعكس هذا الإصلاح الداخلي لأوباما على سياسة أميركا الخارجية. يقول “لا بد أن سياسة أوباما ستكون أقل عدوانية من سياسة الجنون التي ورثها عمّن قبله”، مردفا “أعتقد أنه سيسعى لتدارك الوضع في العراق تحديدا”.
بيد أن غصيب لا يعوّل كثيرا على أوباما فيما يتعلق بالملف الفلسطيني “لن ننتظر يوما من الأميركيين والإسرائيليين أن يعطونا غير الدولة المسخ التي يعدوننا بها، والتي لن نقبلها”.
ويقول إن الإسرائيليين “يتظاهرون بالسعادة والرضا لفوز أوباما برغم أنهم غير مرتاحين لوصوله سدة الرئاسة”، معللا “لأنه لن يرضيهم أحد مثلما أرضاهم بوش، وخصوصا أن خلفية أوباما الاجتماعية لا بد وأن تصطدم مع الصهيونية، ما سيؤدي لعلاقة غير طيبة قد تتطور لمحاولة إيذائه”.
المناضل الفلسطيني بهجت أبو غربية يشترك مع غصيب فيما يتعلق بتعامل أوباما مع ملف الدولة الفلسطينية “الأزمة المالية وحرب العراق والملف الإيراني ستكون على رأس أجندة أوباما”، فيما يرى أن “الملف الفلسطيني سيكون في ذيل القائمة”.
ويضيف “السياسة الأميركية معروفة بتحالفها الاستراتيجي مع العدو الصهيوني، كما أن سياستها الخارجية واضحة ومستمرة”، لذا لا يعلق أبو غربية أي آمال على “أميركا أو أي دولة محتلة ومستعمرة”. ويقول “ستظل آمالي منوطة بمقاومة شعبنا لا غير”.
ويسوق أبو غربية مثالا على ضوء تجارب الفلسطينيين السابقة قائلا “سيتم تجاهل الحق الفلسطيني والمماطلة بشأنه”، وهو ما يفتح الباب إلى التوسع بالمستوطنات، وجلب مزيد من المهاجرين، والتضييق أكثر على الفلسطينيين.
الأمر ذاته تراه التشكيلية الفلسطينية تمام الأكحل “ليس هناك أمل من السياسة الأميركية، فهي في اليد الصهيونية”. وترى أنه “لو حاول أوباما الانحياز إلى مصلحة الفلسطينيين فستتم تصفيته حتما”.
ولا يبدي الشاعر د. محمد مقدادي أي تفاؤل حيال فوز أوباما، بل يذهب للوصف بأنها “المحاولة الأخيرة أميركيا لإنقاذ الاقتصاد وتجميل الوجه القبيح الذي بدت فيه أميركا أمام دول العالم الثالث”.
“أميركا هي أميركا ولو تغيرت أدوات القتل”، يقول مقدادي، الذي يجنح نحو شاعريته في تصوّر أن “على نهر الأمازون تغيير مجراه نحو العراق وفلسطين وأفغانستان، علّه يغسل خطايا بوش الكثيرة”.
من جهته يرى الأكاديمي د. سالم ساري أن فوز أوباما يمثل “حدثا هائلا أميركيا”، فهي المرة الأولى التي يتم فيها انتخاب رئيس أميركي من غير ذوي الأصول الأنجلو-سكسونية والبروتستانتية.
ويرى أن أوباما سيكون “جادا في تطبيق الديمقراطية والليبرالية وحقوق الإنسان والتعامل السوي مع العالم الخارجي”، مردفا “لن تكون أميركا بعد أوباما هي ذاتها التي كانت قبله”.
رئيس تحرير الزميلة “السجلّ” محمود الريماو
ي يرى أن أصول أوباما الأفريقية ستصب في خانة الانحياز لمصلحة العدالة والمواطنة بعيدا عن التمييز والعنصرية.
ي يرى أن أصول أوباما الأفريقية ستصب في خانة الانحياز لمصلحة العدالة والمواطنة بعيدا عن التمييز والعنصرية.
ولكن تأثيره عربيا، سيرتبط بحسب الريماوي “بالتحرك العربي المتزن نحوه لبث قضايانا وإدانة الإدارات الأميركية السابقة”، مشترطا أن يتم ذلك “بعيدا عن منطق التسوّل، ومن خلال تقديم العرب ذواتهم لأوباما والأميركيين كأصدقاء وشركاء”، وعندها سيعرف بالظلم الواقع على العرب، “نظرا لخلفيته التي قاست الظلم هي الأخرى”.
الكاتب الصحافي الزميل موفق محادين يرى في فوز أوباما “حقبة أميركية جديدة، أخطر ما فيها أنه سيتم التركيز على الملف المصري فالسعودي فالأردني”. ويضيف “سيكون ذلك من خلال الضغط الناعم وليس بمنهجية عسكرية كالتي حدثت في العراق”.
“الإدارة الأميركية ستعمل على توفير مزيد من المناخات لدمج الفلسطينيين أكثر في الحياة السياسية الأردنية”. ويسوق مثالا على ذلك بـ “تعديل قانون الانتخابات” أو أي قوانين أخرى مماثلة، وصولا إلى “إعادة تأهيل الأردن فلسطينيا ضمن مشروع الكونفدرالية”.
ويستخدم رئيس رابطة المترجمين الأردنيين د. سليمان العباس لفظة “متشائل”. ويقول “أشعر بالتفاؤل لمجرد مغادرة بوش البيت الأبيض، ومتشائم بسبب التجربة العربية عموما والفلسطينية خصوصا مع الأميركيين”.
بيد أن العباس يدعو إلى إعطاء أوباما الفرصة مع عدم الجنوح كثيرا نحو الأمل والتفاؤل.
من جهته، يرى الأكاديمي د. أنور الزعبي أن أوباما “يمثل الأمل للشعوب المضطهدة والمهمشة”. ويذهب إلى أن “التصريحات الانتخابية لأوباما الداعمة لإسرائيل كانت من باب المناورة ولا تتسم بالدقة”.
الناشطة السياسية عبلة أبو علبة متفائلة بالحدث، وتقول أنه “فاتحه لتغيير السياسات الأميركية حيال العالم”. غير أنها لا ترفع سقف توقعاتها كثيرا، إذ تؤكد أن “السماء لن تمطر حلولا أميركية”، والأولوية العربية هي “إنجاح الوحدة الفلسطينية تحديدا”.
الناقد سليمان الازرعي يبدو متأكدا من أن “لغة القوة والحرب ستتنحى جانبا”، وأن “السلام العالمي بات متوقعا”.
ويرى أن “أوباما لن يكون بدرجة السوء التي كان عليها الجمهوريون”، وخصوصا أنه يعلم جذور الصراع في المنطقة، إلى جانب كونه واحدا من تلاميذ المفكر الفلسطيني إدوارد سعيد.
“الرئيس لا يرسم سياسة الولايات المتحدة، بل المجمع الصناعي العسكري “، يقول الناشط السياسي د. مازن حنا، مؤكدا أن “السياسة العدوانية ستبقى على ما هي عليه فيما يتعلق بالنهب الإمبريالي وقمع الشعوب”.
حنا غير متفائل بهذا الحدث “أي تغيير سينعكس على الداخل الأميركي وليس على السياسة الخارجية، خصوصا فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية”.