بقلم :لحسن بولسان
بالطبع، لاتأخذنا الدهشة أو المفاجأة حيال ردود الفعل المغربية تجاه موقف الجزائر المتمسك بتطبيق قرارات الشرعية الدولية الخاصة بقضية الصحراء الغربية، لكن اللغة المغربية الصارخة أبانت في تناقضها بين إدعاء حسن الجوار والرغبة في تطبيق قرارات المجموعة الدولية وبالمقابل التطرف للموقف المتناقض لرغبة العالم في تجسيد حق شعب الصحراء الغربية في تقرير المصير. وحقيقة الأمر أن هذا الغي المغربي يندرج تحت عنوان المماحكة الفارغة،وبعضها الأخر تحت عنوان إستطلاع ماهو مستطلع وثابت ،وبعضها الثالث تحت عنوان الإبتزاز والمساومة للجزائر من جهة وللصحراويين من جهة أخرى ،على مادة يدرك المغرب كما العالم أجمع أن لامساومة عليها ولافرصة للإبتزاز فيها.
لما تسمع ملك المغرب يتكلم بتردد ويقدم طرائق متلونة ومعلوكة في التعاطي مع مشكلات كبرى ومصيرية تتضح لك حالة إنفلات للرؤى والمواقف في نسيج الداخل المغربي الذي يبدو أنه هش في لبه رغم مظاهره الإحتفالية الخارجية التي لاتنبىء عن حقيقة تشكله الإصطناعي.
إن بعض ما جاء في خطاب الملك يأتي إما من باب الإستغراب أوالجهل ، أو من باب الحقد ومواربة الحقيقة .. ولا شك بأن العالم – ونحن منه – لم يصدق أحد زعم المغرب بخصوص الجزائر .
لقد أعطى سلوك وتعاطي المغرب في مفاوضات منهاست للعالم فرصة للتأكد من صوابية الموقف الصحراوي والجزائري … ولطالما عرف العالم الجزائر ولمس بدقة أنها من أكثر بلدان العالم التزاماً بالمواثيق الدولية وتنفيذاً لإرادة المجتمع الدولي. .. فالجزائر قديماً وحاضراً ومستقبلاً يعرفها العالم بمواقفها الثابتة. ..فإذا كان غيم المؤامرات ضد الشعب الصحراوي تكاثف في سماء الصحراء الغربية في 31 اكتوبر 1975 و6 نوفمبر 1975 و14 من نفس الشهر والسنة ،غيم لم يستطع أن يحجب ضوء موقف الجزائر .. وأن البوصلة الجزائرية لا تخطئ الإتجاه مهما كانت عوامل الوعيد والتهديد.
والجزائر تدرك أنها كلما إزدادت حضوراً في تقديم دورها وموقعها الصحيح إقليمياً ودولياً, لابد أن تزداد محاولات المغرضين والمتضررين والمتربصين الذين يقلقهم ذلك الحضور، وتغلق عليهم المسارات التي رسموها بعيداً في مخيلتهم.
بالطبع لم ينسى العالم مواقف وتصريحات المغرب في موضوع فتح الحدود مع الجزائر ،لكنه وعلى طبع الحرباء في التلون والتمويه ،يعود يستجدي الجزائر طالبا منها أن تنسى أو تتناسى وأن تعفو عن ما مضى فقد (إستقام) المغرب بعد طول إعوجاج ، وأدرك الحقائق.
أما فيما يخصنا نحن الطرف الصحراوي ،ومهما يكن من نيات المغرب ومناوراته وخططه ومدى جديته من عدمها فإن البوليساريو حددت ثوابتها وقناعاتها حيال إطار حل قضية الصحراء الغربية منذ زمن بعيد ،وبناء عليه فإن أي طروحات أو أي حلول أو مفاوضات مقترحة يجب أن تستند إلى القرارات والأعراف الدولية، وماعدا ذلك فإن أي طرح آخر لايخرج عن حدود المناورة المكشوفة والمفضوحة والتي لن تجلب السلام ولا الأمن ولا يمكن أن تحقق الإستقرار المنشود الذي تحتاج أليه المنطقة.