لحسن بولسان
أن تصدر محاكم الصورالمغربية أحكاما بالسجن على مواطنين صحراويين بمدة تتجاوز المعقول، فكم هو هذا المواطن الصحراوي عظيم في وطنيته ومواقفه وقيمه وإنتمائه لأرضه وشعبه بكل ما تحمل كلمة العظمة من معنى ومغزى، وأن يطلق الإحتلال المغربي سراحهم مكرها ، فكم هي قوية إرادة وتصميم القوى والجهات التي وقفت وراء إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين بكل ماتحمل أيضا مفردات ( القوة،والمساندة ) من دلالة !!… وأن تتراجع الدولة المغربية عن أحكامها المتخذة بحق هؤلاء الأبطال بعد فبركة مسرحيات من قبيل:(عفو ملكي، أعياد وطنية)،فكم هي هذه الدولة مهزومة بالأكيد وضعيفة في كل ما تعنيه مفردة (الضعف) من دلالات.
ولأن المعتقلين الصحراويين عاشوا من أجل الوطن مثلما أن الشهداء سقطوا من أجله ،فهم ليسوا مجرد أرقام يحملونها في المعتقلات، وإنماهم طليعته النضالية،وصناع النضال والتاريخ والتحريروالإستقلال.
فالشعب الذي أنجب الشيغالي ولد ماكية، السالك عبد الصمد،الديه ولد المحجوب،نفاع ميارة، محمد لحبيب الونات، عبد العالي عبد المجيد ، الباتول سيداعلي ،لمباركي وغيرهم من الشهداء والشهيدات في سجون الإحتلال، هو نفس الشعب الذي أنجب ددش ، المتوكل، اعلي سالم، امينتو حيدار،التهليل، سلطانة ،الكينان، النومرية،البيلال ، وغيرهم وقادرعلى أن يلد أمثالاً لهم ،وأن يقدم لمسيرة كفاح الشعب الصحراوي صورا أخرى من النضال ويفتح آفاقاً جديدة, والذين كانوا كباراً ولا يزالون لم يولدوا كباراً بل شقوا دروبهم وحققوا مجدهم في النضال رويداً رويداً ووصلوا القمة ،فوحده الزمن كفيل بتحديد مكانة كل مناضل ومناضلة في هذه المسيرة الكفاحية المريرة .
فمنذ غزو الصحراء الغربية والمعتقل الصحراوي يرفع راية التحدي رافضا الإستكانة والهدنة مع محتل متعال ومتغطرس.فشهدت محاكم الصور وهيئاتها القضائية على صلابة وبسالة هؤلاء الأبطال، وهم يقفون بعد صدور الأحكام الجائرة بحقهم ليرددوا بأعلى أصواتهم، ومن أعماق قلوبهم المفعمة بصدق الإنتماء للصحراء الغربية وقوة الإرادة :”لا بديل لا بديل عن تقرير المصير”،”رغم كل الجبروت نحن شعب لا يموت ” ، فكانت الوقفة المشرفة للرفيق والزميل المصطفى عبد الدائم بمحكمة الإحتلال واحدة من عديد معالم وصورالصمود والشموخ للأبطال المعتقلين على غرار رفاقهم الاحرار بقلعة مكونة وأكدس وتازمامارت ، الذين سطروا وعبر سنوات الإعتقال المرير أسمى معاني الصمود والثبات والنضال جنبا إلى جنب مع إخوتهم ورفاق قيدهم ومعاناتهم من الأسرى الصحراويين الذين أطلق سراح 66 منهم وبقية حوالي 160 في حالة مفقودة.
لقد إستطاع المعتقل الصحراوي وعلى مدار 35 سنة من الإحتلال أن يجعل من المعتقلات التي خصصها الإحتلال المغربي للمعتقلين الصحراويين، أن يجعل منها صورة إصرار على مواصلة المسيرة وعناق شمس الحرية رغماً عن ظلام أقبية سجون أكدز،قلعة مكونة،تازممارت،السجن لكحل،تزنيت،ايت ملول ….. حيث كان شعارهم الأساسي “نجوع نجوع ولا نركع” ولنا في تجربة المناضلين سيدي محمد ددش،أبراهيم الصبار،وأسماء أخرى العبرة والسؤدد.مما شكل القاعدة في الوعي المتطور الذي لعب دوراً بارزاً في تعميق الحس الوطني ، حتى أن الوعي الجماعي قد تمفصل مع هذه التجربة متحولاً من شكله الحماسي إلى وعي مؤطر ومنظم قادر على تجديد نفسه في أطر وهياكل.
إن هؤلاء المعتقلين الشجعان الصامدين أكثر من الجبال والصابرين الذي يعمي صبرهم السجان لم تستطع سنوات الإعتقال الطويل وعتمة الزنازين وصلابة قضبان السجون ولا حتى صلافة وعنجهية السجان، أن تنال من عزيمتهم وإرادتهم الفولاذية.بل إستطاع هذا المعتقل الصامد أن يحول مراسم إستقباله إلى عرس طني. وأمام كل ما شاهدناه من حشود جماهيرية ومواقف معبرة ذرفت لها الدموع فرحا وصدقا وإيمانا بمناسبة إطلاق سراح كل معتقل ومعتقلة ، وما هذه المواقف في حقيقة أمرها إلا تعبير حقيقي عن حالة الإنتماء الإرادي والفطري لمسيرة الإنتفاضة و تأكيد واضح على صحة نهجها .
فهذه هي الصحراء الغربية العصية ،تكره الخونة وتمجد الأبطال ،ولها ألف روح في القتال والنضال وتستذوق النصر ولم تعقم من ولادة الرجال.ومن يظن ان الأحكام الجائرة في حق أبنائنا ستذبح الصحراء الغربية فهو واهم ،فالصحراء الغربية تستقبل أجيالا وتودع أجيال وتبقى إرادتها صلبة، ومحاولة كسرها وإذلالها صعبة، وعزيمتها شامخة شموخ الجبال…، من أسا ،اكلميم ,الطنطان ،لمسيد،الطرفاية،العيون ،بوجدور السمارة والداخلة وباقي مداشر وقرى الوطن) كتب عليها أن تكون قلعة الفرسان هذا قدرها وهذا إختيارها.