عبد اللطيف المنيّر
في قراءة للمشهد الإنتخابي، من كل عام في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني في الولايات المتحدة الأميركية، حيث تجري المنافسة في ذلك الشهر بين المرشحين، على المستويين السياسي والإداري، للوصول الى مقعد الرئاسة ومقاعد مجلسي الشيوخ والنواب، إلى جانب التصويت على بعض القوانين ليتم العمل بها بعد نيلها الأغلبية، في كل ولاية على حدى.
وبعد أن انتهت حمى هذه الإنتخابات بأسطورة نجاح أوباما كرئيس كريزما ونموذج جديد، ليتربع على رأس الهرم في كرسي الرئاسة الأميركية. وتعبيرا على مدى جدية الإرادة والتصميم لدى المواطن الأميركي في الإصلاح والتغيير المنشود لمواجهة المستجدات السياسية والإقتصادية التي عانى منها خلال الثماني السنوات الماضية. إرادة شعبية توجتها النتائج الإنتخابية ايضا في الفوز الساحق للديمقراطيين على مجلسي السناتور والنواب، وفي عدد حاكمي الولايات.
هذه السيطرة الكلّية على مفاصل القرار، والأولى من نوعها في تحكم الأغلبية الديمقراطية على اللوحة السياسية في التاريخ الأميركي، حصد بها الديمقراطيون على 54 معقد في مجلس الشيوخ من أصل 100 معقد، وعلى 285 معقد في مجلس النواب من أصل 435، وعلى 29 حاكم ولاية من أصل 50.
وكوني مواطن عايش التجربتين الانتخابتين، العربية والأميركية، تجدني ابتسم مستغربا حينا، وينتابني الحزن والأسى احيانا. وتعصف في ذاكرتني جملة من الأسئلة والمقارنات السريعة، ودون استباق الإجابات، أجد نفسي أتساءل:
– ماهو سر شفافية الإنتخابات في الولايات المتحدة الأميركية؟
– لماذا يقف المرشح الخاسر ويهنىء منافسه أمام عدسات التلفزة، ويصافحه متمنيا له النجاح؟
– لماذا لا تختلق اتهامات التخوين لمنافس الرئيس، أو يودع السجن، قبل أو بعد الإنتخابات؟
– لماذا دورة الحاكمية السياسية والإدارية والقضائية محدودة في فترة زمنية قصيرة نسبيا؟
– لماذا لا حراسة ولا حراس أمام منزل حاكم الولاية، والذي هو بمثابة رئيس جمهورية؟
– لماذا القضاء هو المعيار الحقيقي والفيصل الحسم في هرم الدولة الأميركية؟
– لماذا الشعب هو الذي يصنع القانون ويصوغه ويقدمه للتصويت (القانون ليس”منزلا” من الأعلى الى الأسفل)؟
– لماذا تُعتمد منظومة مكننة السياسة والقضاء (System) في إدارة الدولة؟
– لماذا يستطيع الكونغرس الأميركي أن يرفض قرارات الرئيس الأميركي؟
– لماذا هناك لجنة من الكونغرس تشكّل فورا حين الحاجة لتقصي الحقائق؟
– لماذا يحاسب المسؤول من قبل السلطة الرابعة (الإعلام) ويُسأل عن أخطائه بوضوح وشفافية؟
وعن الطرف الآخر من الكرة الأرضية، وفي الشرق الأوسط تحديدا، أتساءل ايضا:
– ماهو سر الرقم” 99″ في المائة في نتائج الإنتخابات؟
– لماذا البرلمانات في الشرق هي بمثابة أجهزة متممة وتوافقية للواقع “التجميلي” لوجه الدولة؟
– لماذا لايستطيع أي برلمان في الشرق أن يرفض أي من قرارات رئيس الجمهورية؟
– لماذا المواطن يُساءل من قبل الأجهزة الأمنية، ولا يحاسب دستوريا في ظل القانون؟
– لماذا دورة الحكم والرئاسة في الشرق الأوسط من المهد الى اللحد؟
– لماذا لا يوجد لجان تقصي حقائق عن أداء اجهزة الدولة والرئيس؟
– لماذا أسقطت الـ (لا) النقدية من قاموس الممارسات السياسية في الشرق؟
– لماذا الإعلام هو “حصرا” مرآة للحكومات الشرقية؟
– لماذا لا تمارس حرية الرأي في الشرق الأوسط، وسجناء الفكر يملؤون السجون والمعتقلات؟
– لماذا يسمح للأجهزة الأمنية تطوير اساليب تعذيبها للسجناء، بينما لا يمكن تطوير فكرة إصلاح سياسية واحدة؟
– لماذا لم تنفذ الدول الشرق اية اتفاقية وقعت فيما بينها، بينما يستثنى من ذلك الإتفاقات الأمنية، وتكون اجتماعات وزراء الداخلية هي الأكثر نجاحا؟
أسئلة كثيرة نعيدها ونكررها. والحكومات الشرقية، وحدها، تتقن فن ” فبركة” أجوبتها.!
كاتب سوري من أميركا
[email protected]