اعتبر الدكتور توفيق السيف بأن المجتمع الشيعي في السعودية يشهد حالة نهوض وتحولات تاريخية غير مسبوقة من الهم المذهبي إلى المدني وصولا لمطلب المشاركة السياسية الذي بات مطروحا بقوة اليوم. وضمن تحليله للأوضاع قال الدكتور السيف الذي يعد أحد أبرز المنظرين السياسيين الشيعة في المملكة بأن المجتمع الشيعي شهد تحولات بارزة في الآونة الأخيرة.
وعرض في ندوة مفتوحة بمنتدى الوسطية في مدينة صفوى بمحافظة القطيف مساء الإثنين مراحل التحول التي تمثلت في الانتقال “من الهم الديني إلى الهم الحياتي”.
مرجعا أحد جوانب النهوض للثورة الاسلامية في ايران التي كسرت برأي السيف ” تابو كبير عند الشيعة وهو الموقف من قيام الدولة” وإن جاءت بمشكلة ثقافية أخرى تمثلت بتنامي “نظرية التآمر”وإن الغرب رمز الشيطان.
موضحا بأن مطالب المجتمع الشيعي سابقا كانت تتمحور في البعد الديني المذهبي المتعلق بقضايا حرية ممارسة العزاء والمواكب وبناء الحسينيات والمساجد وتداول الكتب الشيعية.
جانب من الحضور (ارشيف)غير أن الفترة بين 1995- 2003 شهدت تحولا لافتا من خلال بروز مطالب أخرى في مجال الوظائف والقبول في الجامعات والحقوق المدنية وفقا للسيف.
مضيفا بأن آخر تلك التحولات يتمثل في “التحول من الإطار المذهبي المحدود إلى الإطار المدني وانتهاء بالإطار السياسي” الذي رأى أنه يمثل احد تمظهرات النهوض الشيعي منذ عام 2003.
وقال أن المجتمع الشيعي في السعودية أصبح منذ ذلك الحين يجاهر بالمطالبة بحقوقه السياسية وبالتمثيل السياسي بما يناسب حجمه المادي والنوعي على الأرض.
وذكر السيف أن هناك ثلاثة عوامل مؤثرة في صناعة الظرف السياسي الشيعي لخصها في التجاذب مع الدولة وتبلور التيار السياسي والعامل الإقليمي.
ورأى بأن أثر تلك العوامل انعكس على شكل تراجع النزاعات المرجعية والسياسية بين التيارات المحلية ونمو حالة “التفهم” للاختلاف والتباين في الرأي السياسي بين مختلف الأطراف.
وذلك ما دفع الى بروز توافق شيعي عام حول تشخيص المشكلة الطائفية الرسمية وغير الرسمية وأن هذه المشكلة قابلة للعلاج وأخيرا ضرورة العمل الجاد وراء علاج هذه المشكلة بحسب الدكتور السيف.
وأرجع السيف مسئولية الفتور و”بطئ وتلكؤ وتراجع” الحديث الرسمي عن الحقوق والمساواة والعدالة والحرية وسيادة القانون بعد عام 2005 إلى ما وصفه بـ”تشتت القرار” في المستويات العليا الرسمية.
ورأى بأن الساحة السعودية باتت اليوم أمام حقيقة بروز تيارات وأحزاب سياسية تمثل مختلف الأطياف السلفية والشيعية والحجازية والليبرالية و”لا ينقصها إلا الأسماء المعلنة وفتح مكاتب رسمية”.
وحول خيارات المجتمع الشيعي في السعودية رأى السيف أن من الضروري التركيز على توسيع المشاركة الشعبية في العمل السياسي وتوضيح المطالب المدنية والسياسية بالتحديد والمطالبة بسيادة القانون وأخيرا رفع سقف المطالبة وتحديدها بدقة.
وشهدت الندوة التي قدمها الكاتب والناشط السياسي عبد الله عبد الباقي حضورا مكثفا لناشطين سياسيين من مختلف الأطياف المحلية. كما شهدت مداخلات وتعليقات وتساؤلات ساخنة أجاب عنها الدكتور السيف بمنتهى الشفافية والصراحة وفقا لمشاركين في الندوة.