رياح التغيير على أمريكا بين الواقع والآمال : بقلم / سميح خلف
التاريخ: الخميس 06 نوفمبر 2008
الموضوع: سميح خلف
رياح التغيير على أمريكا بين الواقع والآمال
بقلم / سميح خلف
بداية ربما العرب أخر من يتأثر ايجابيا ً برياح التغيير التي وعد بها الرئيس الأمريكي أوباما لسبب بسيط أن العرب لم ولن يستطيعوا الاستفادة من المتغيرات والفجوات التي تحدث في السياسة الدولية وربما المتغيرات في العلاقات الدولية لن يتعامل معها العرب ولصالح العرب .
أمريكا في عهد أوباما القادم إلى البيت الأبيض الأمريكي ليست هي أمريكا التي ترهب الشعوب وليست هي أمريكا التي تحتوي على الكنز من الثروات وليست هي القوة التي يمكن أن تهيمن على العالم .
لم يترك لها القاتل بوش ادنى احترام بسياسته الرعناء التي لا يمارسها إلا الجيل القديم من رعاة البقر وان كانت بعض الأنظمة خضعت لسياسة بوش ارهابا ًً أو أملا ً في استقرارها امام ما تواجهه من مشاكل في أوضاعها الداخلية تحت مغلف اسمه محاربة الارهاب .
لم تكن سياسة الأرعن بوش إلا تأجيجا ً لمفاهيم الارهاب الرسمي وحشد طاقاته العدوانية أمام ردود الفعل المحدودة والصغيرة لسياساتها والتي بنى عليها بوش سياسة الغزو والهيمنة والبطش بمصالح الشعوب في المنطقة العربية وفي آسيا بشكل عام .
اذا كان هناك تغيير في سياسة الولايات المتحدة بتقلد أوباما رئاسة البيت الأبيض الأمريكي فإن تلك المتغيرات في السياسة الأمريكية لن يستفيد منها العرب فهناك أوجه جديدة في العلاقات الدولية وملامح الحرب الباردة بين روسيا وأمريكا وأوروبا من ناحية أخرى ،فاليوم هدف مدفيدف بنصب الدرع الصاروخي ردا ً على منظومة الدفاع الأمريكية في أوروبا ، أمريكا التي بررت وجود منظومة الدفاع في بولندا كانت بهدف حماية أوروبا من نمو ترسانة الأسلحة الإيرانية واليوم يقوم نجاد رئيس ايران بإرسال رسالة مباركة للرئيس اوباما ، العالم اليوم يتجه نحو تقسيمات جديدة يقودها الشابين مدفيدف وأوباما لصالح أمريكا ولصالح روسيا ، تقاسم للنفوذ في أوروبا وفي منطقة الشرق الأوسط ولكن أمريكا بعد حربها الغاشمة والغبية على العراق ستخرج خاسرة في المنطقة وليس لصالح العرب بل ستعترف أمريكا بمتغيرات جديدة على سايكس بيكو والمتغيرات الديمغرافية في المنطقة ، فإيران لها أحلامها في المنطقة وخاصة في المنطقة العربية وفي البوابة الشرقية للوطن العربي العراق كما لها أحلام وآمال برسم أفاق جديدة للنفوذ في منطقة الخليج .
إذاً امريكا في عهد أوباما سيحركها أزمتين أزمة الركود الاقتصادي والخسائر الفادحة التي منيت بها في العراق وفي افغانستان ولذلك ستقبل أمريكا بتقاسم النفوذ في المشرق العربي وإذا ما أقرت امريكا بهذه المعادلة فأن ذلك سينعكس على البنية السياسية والاقتصادية في بعض البلدان العربية ، أما بخصوص فلسطين فستكون اتفاقية أوسلو نسيا ً منسيا ً وسيكون الوجه السياسي للسياسية الفلسطينية يختلف كثيرا ً عن واجهة السياسة الفلسطينية والسياسيين الذي تقلدوا وتبوأوا الخط الأول في قيادة العمل الفلسطيني ، فأمريكا مطلوب منها الحوار بناء على تلك المعادلة مع قوى العمل الاسلامي في الساحة الفلسطينية واللبنانية والعراقية ولا نستبعد حوار بين أطرف من القاعدة وأمريكا ،فأمريكا أيضا ً وكرزاي قلقين مما يحدث من طالبان ،لقد صرح الرئيس كرزاي بإعادة التفكير في طريقة محاربة الارهاب وفي أوقات سابقة قد طرح حوار مع طالبان يعني ذلك فشل الحملة الأمريكية الأوروبية على أفغانستان والذي دفع كرزاي لأن يعبر عن عدم استقرار نظامه في ظل الحملة الامريكية الأوروبية .
أمريكا ستنسحب من العراق ضمن معادلة التوافق الإقليمي الدولي مع ايران وروسيا والعرب سيخرجون خاسرين من هذه المعالدة ومن هذه اللعبة ، العرب قد فقدوا كثير من أوراق اللعبة ولا يمكن ان يحقق البكاء على الماضي واحساسات الحصرة على ما فقدوه في العقد السابق ، لقد خسروا صدام حسين حامي البوابة الشرقية للوطن العربي من الأطماع الخارجية ، كان يمكن للعرب أن يقفوا موقف التحدي لسياسة بوش الرعناء وأن يضغطوا وأن يقايضوا لكي لا تنفذ عملية الاعدام للزعيم القومي صدام حسين ، فبفقدان صدام حسين فقدت الأمة مصيرها لعقدين قادمين على الاقل .
ربما كانت رسالة أخي أيمن اللبدي إلى الرئيس الأمريكي الجديد أوباما تحمل المعاني الإنسانية لما يجب أن يكون من سياسات أمريكية ودولية تجاه فلسطين والعراق ولكن أعتقد أن الأمور أبعد من ذلك فنحن قادمين على رياح تغيير في المنطقة واعادة الحسابات وبالتأكيد العرب هم الخاسرين .
بقلم / سميح خلف