لا توجد أي عوامل تجعلني أحلم في احتلال مركز الرئاسة في أي بلد عربي إطلاقاً.
ولكن، دعوني قبل ذلك أستعيد جزءاً من واقعي الشرقي، أو على الأرجح، كينونتي الإنسانية كلاجئ فلسطيني، ما يزال يتخبط بين عواصم الدنيا، ويحلم بالعودة يوما ما، إلى القرية الصغيرة الواقعة في أتون الاحتلال.
ولنفترض جدلاً بأنني تخطيت هذه الحواجز الصغيرة، وحققتُ أحلامَ العصافير الجذلة، وشربت من البئر القديمة الواقعة أمام منزل بيتنا الواقع فيما يسمى (فلسطين أو الأراضي المحتلة أو إسرائيل أو أراضي السلطة الفلسطينية؟)، سمّها كما شئت.
لن أكون رئيساً يوما ما، لكني سأختزل هذا المنصب في إمبراطوريتي، حيث تسود القوافي وأنظمة أرسطو والمدينة الفاضلة، وحوار الأعين الناعسة والقهوة الشقراء أصنعها بنفسي على نار هادئة، وأمارس طقوسي ليلاً، وحيدا أشعل الشمع، وأكتب رسائل أبعثها مع الطيور المهاجرة نحو الجنوب.
لو كنت مواطنا سوريا لما حلمت بامتلاك قصر الرئاسة، فهو مشغول إلى زمن غير محدود، وكذلك الأمر في مصر العربية والأردن والسعودية وليبيا ومعظم الدول العربية. وفي فلسطين أخشى الرموز الوطنية التي لا تتزحزح قيد أنملة عن مراكزها، أخشى ثورة دحلان وشتائمه، ولسان ياسر عبد ربه الذي لا يحتمل نقداً، وجيش الدبلوماسيين الذين لا يتأخرون ثانية عن المتاجرة بمناصبهم المجانية. أخشى هويتي، أخشى انتمائي، والشرق الأوسط خارطة دموية، نخلف عن ركب الحضارة، امتد منذ العصر العباسي إلى يومنا هذا.
لو كان والدي أخطأ وهاجر إلى الولايات المتحدة الأمريكية، لو كانت الظروف مهيأة للانتماء إلى حزب ذو ثقل عالمي، لو كانت ظروفي المعيشية تكفي للانعتاق من لعنة الواقع! عندها فقط، كنت سأفكر بالترشح لأصبح الرجل الأول في أمريكا. كنت سأملك القدرة على صنع القرار، والتخفيف من آلام البشرية.
القارة الإفريقية تدخل التاريخ من أوسع أبوابه، وتحتفل كينيا بحفيدها أوباما، الذي سيقود قارب أمريكا العملاق، وسيترك بصماته في التاريخ المعاصر. هكذا يتحول المواطن من فرد يحمل رقما وطنيا ويدفع الضرائب بانتظام، إلى مشروع قيادي، حيث تنفجر الشخصية لتعبر عن مواهب وحضور قوي، قد يغير مجرى التاريخ.