تم التوافق مؤخراً ما بين المخرج التونسي شوقي الماجري من جانب وشركة طارق زعيتر وشركاه، منتجة باب الحارة بجزأيه الأول والثاني وزهرة النرجس ويوم ممطر أخر، وقناة الليبية من جانب أخر على إنتاج المسلسل التاريخي المعاصر “عمر المختار”، ليكون ضمن إنتاجات رمضان 2009، وذلك بحسب ما صرح المدير التنفيذي لشركة طارق زعيتر وشركاه، محمد زعيتر.
حيث صرح زعيتر أن الاستعدادات قد بدأت لاختيار كاتب العمل وأختيار الممثلين الذين سيقدمون الأدوار الرئيسية للعمل، وذلك بعد أن تم التوافق مع قناة الليبية التي تتشارك في إنتاج العمل على أن يتم المخرج التونسي شوقي الماجري زمام الإعداد للعمل.
من جانبه قال المخرج شوقي الماجري: “أنه لا يخشى مقارنة العمل الدرامي الجديد بالفيلم الذي أنتج قبل سنوات وأخرجه المبدع الراحل مصطفى العقاد، موضحاً أن شخصية المجاهد الشهيد عمر المختار أهم من أن يتم حصرها في فيلم سينمائي واحد، فهي سيرة غنية بالأحداث والوقائع كونها ارتبطت بوقائع الثورة الليبية العربية، ومرحلة الاحتلال الإيطالي، حيث يجري حالياً الإعداد للعمل ضمن إمكانيات عالية جداً.
وعن النص، أشار مخرج أسمهان، شوقي الماجري إلى أنه يدرس حالياً عدداً من المصادر التاريخية والمراجع التي تستعرض حياة الشيخ المجاهد، لكنه حتى اللحظة لم يتم التوصل لاختيار الكاتب الذي سيقوم بكتابة حلقات العمل، غير أنه من ناحية رؤية إخراجية يرى أن العمل سيتناول تفاصيل حياة عمر المختار من قبل إلتحاقه بالثورة، وعلاقته بالأحداث ووضع ليبيا في ذلك الوقت، ومن ثم إلتحاقه بالثورة، عبر استعراض واقعي اجتماعي للتاريخ الاجتماعي الليبي في ذلك الوقت، والموروث الشعبي والبيئة والثقافة بكل تفاصيلها.
وفي ذات السياق أوضح عبدالسلام المشري، رئيس مجلس إدارة قناة الليبية، أن التوجه لإنتاج عمر المختار اليوم درامياً ينبع من محاولتنا إيفاء هذا المجاهد الكبير حقه، باعتباره شيخ المجاهدين، ورجل الاستقلال، والرجل الصعب الذي نفتقده اليوم.
ومن ناحية الفرق بين العمل الدرامي والفيلم الذي سبق إنتاجه سابقاً، أشار المشري إلى أن العمل الدرامي الجديد سيكون اشمل وأوسع وأكثر تفصيلاً من ناحية الجغرافيا والزمان في تناول مرحلة الثورة والبيئة وحياة المختار، فالفيلم كان مختزلاً في تناول الاستقلال فقط، وتناول فقط ما مدته سنة وثمانية أشهر من حياة الشهيد المختار، في حين سيتناول الفيلم أكثر من عشرين عاماً من حياة المختار، بالإضافة لأنه سيكون أغنى في تفاصيله الاجتماعية واستعراض الحياة الليبية في تلك الحقبة الزمنية.
وحول أماكن تصوير العمل الذي لم يتم التوصل لأسم نهائي له ضمن ترشيحات مثل “شيخ المجاهدين”، “أسد الصحراء”، “عمر المختار”، والممثلين المرشحين، فقد أوضح محمد زعيتر أن جزء كبير من التصوير سيكون في بيئة العمل الأصلية في ليبيا، بالإضافة لبعض المشاهد التي سيتم تصويرها في إيطاليا والمغرب العربي، وبمشاركة فنانين عرب من الأردن وليبيا وسوريا ومصر.
وحول الشخصية المرشحة لأداء دور عمر المختار التي قدمها في الفيلم السينمائي الممثل العالمي أنطوني كوين، أضاف زعيتر أنه جاري البحث عن وجه جديد يكون قادر على حمل هذه المسؤولية التاريخية كون العمل سيكون شهادة حية حول مرحلة الثورة وتاريخ المختار.
كما وأشار إلى أنه قد تم تشكيل فريق عمل ليقوم بالترشيحات وإنتقاء المصادر التاريخية، يتكون من خبراء عرب وأجانب، حيث بدأ هذا الفريق بالتعاون مع عدة مراكز بحوث ودراسات وعلى رأسها مركز الجهاد الليبي والذي دون لتلك المرحلة بأسلوب عصري يحفظ كافة جوانب تلك الحقبة الزمنية من صور ومخطوطات ورسائل ووصف دقيق للمعارك، بالإضافة للروايات الشفوية من أناس عاصروا مرحلة المختار، وكذلك الأرشيف الإيطالي للوصول لأكثر مصداقية في تجسيد العمل.
يذكر أن الشيخ الشهيد عمر المختار ينتسب إلى قبيلة المنفه إحدى كبريات قبائل المرابطين ببرقة شرقي ليبيا على الحدود المصرية, ولد عام 1862م في قرية جنزور بمنطقة دفنة، تربى يتيما بعد أن وافت المنية والده مختار بن عمر وهو في طريقه إلى مكة المكرمة بصحبة زوجته عائشة.
شارك عمر المختار في الجهاد بين صفوف المجاهدين في الحرب الليبية الفرنسية في المناطق الجنوبية (السودان الغربي) وحول واداي. وقد استقر المختار فترة من الزمن في قرو مناضلاً ومقاتلاً, ثم عين شيخاً لزاوية (عين كلك) ليقضي فترة من حياته معلماً ومبشراً بالإسلام في تلك الأصقاع النائية.
كما عاش المختار حرب التحرير والجهاد منذ بدايتها يوماً بيوم, فعندما أعلنت إيطاليا الحرب على تركيا في 29 سبتمبر 1911م وبدأت البارجات الحربية بصب قذائفها على مدن الساحل الليبي, درنة وطرابلس ثم طبرق وبنغازي والخمس, كان عمر المختار في تلك الأثناء مقيما في جالو بعد عودته من الكفرة, وعندما علم بالغزو الإيطالي سارع إلى مراكز تجمع المجاهدين حيث ساهم في تأسيس دور بنينه وتنظيم حركة الجهاد والمقاومة. وقد ش
هدت الفترة التي أعقبت انسحاب الأتراك من ليبيا سنة 1912م أعظم المعارك في تاريخ الجهاد الليبي.
هدت الفترة التي أعقبت انسحاب الأتراك من ليبيا سنة 1912م أعظم المعارك في تاريخ الجهاد الليبي.
بعد الانقلاب الفاشي في إيطالي في أكتوبر 1922, وبعد الانتصار الذي تحقق في تلك الحرب إلى الجانب الذي انضمت إليه إيطاليا. تغيرت الأوضاع داخل ليبيا واشتدت الضغوط على السيد محمد إدريس السنوسي, واضطر إلى ترك البلاد عاهداً بالأعمال العسكرية والسياسية إلى عمر المختار في الوقت الذي قام أخاه الرضا مقامه في الإشراف على الشئون الدينية.
بعد أن تأكد للمختار النوايا الإيطالية في العدوان قصد مصر عام 1923م للتشاور مع السيد إدريس فيما يتعلق بأمر البلاد, وبعد عودته نظم أدوار المجاهدين, فجعل حسين الجويفي على دور البراعصة ويوسف بورحيل المسماري على دور العبيدات والفضيل بوعمر على دور الحاسة, وتولى هو القيادة العامة.
بعد الغزو الإيطالي على مدينة اجدابيا مقر القيادة الليبية, أصبحت كل المواثيق والمعاهدات لاغية, وانسحب المجاهدون من المدينة وأخذت إيطاليا تزحف بجيوشها من مناطق عدة نحو الجبل الأخضر, وفي تلك الأثناء تسابقت جموع المجاهدين إلى تشكيل الأدوار والإنضواء تحت قيادة عمر المختار, كما بادر الأهالي إلى إمداد المجاهدين بالمؤن والعتاد والسلاح.
في 11 سبتمبر من عام 1931م، وبينما كان الشيخ عمر المختار يستطلع منطقة سلنطة في كوكبة من فرسانه، عرفت الحاميات الإيطالية بمكانه فأرسلت قوات لحصاره ولحقها تعزيزات، واشتبك الفريقين في وادي بوطاقة ورجحت الكفة للعدو فأمر عمر المختار بفك الطوق والتفرق، ولكن قُتلت فرسه تحته وسقطت على يده مما شل حركته نهائياً. فلم يتمكن من تخليص نفسه والدفاع عن نفسه، فحاصره العدو وتعرفوا على شخصيته، فنقل على الفور إلي مرسى سوسه ونقل إلي بنغازي حيث أودع السجن الكبير بمنطقة سيدي اخريبيش.
يوم 15 سبتمبر 1931م أعلن عن انعقاد “المحكمة الخاصة” للمجاهد البطل وتم الحكم عليه بالإعدام في محاكمة غير عادلة. وفي صباح اليوم التالي للمحاكمة الأربعاء، 16 سبتمبر 931م، اتخذت جميع التدابيراللازمة بمركز سلوق لتنفيذ الحكم بإحضار جميع أقسام الجيش والميليشيا والطيران، واحضر 20 ألف من الأهالي وجميع المعتقلين السياسيين خصيصاً من أماكن مختلفة لمشاهدة تنفيذ الحكم في قائدهم. وفي تمام الساعة التاسعة صباحاً سلم الشيخ إلي الجلاد، وكان وجهه يتهلل استبشاراً بالشهادة وكله ثبات وهدوء، فوضع حبل المشنقة في عنقه، وقيل عن بعض الناس الذين كان على مقربة منه انه كان يأذن في صوت خافت آذان الصلاة، والبعض قال انه تمتم بالآية الكريمة “يا أيتها النفس المطمئنة إرجعي إلى ربك راضية مرضية” ليجعلها مسك ختام حياته البطولية. وبعد دقائق صعدت روحه الطاهرة النقية إلي ربها.