د.عبد اللطيف الرعود
إن المعنى اللغوي للتكافل هو الانضمام “ضم ذمه”نفس” إلى ذمه للتقوى إحداهما بهذا الضم” ويعني أن كل فرد قادر أن يعين الآخر معنويا مثل ” النصيحة والصداقة والمواساة والتعليم…وان يعين ماديا كل حسب استطاعته.
أما عن مفهوم التكامل الاجتماعي فيقصد به أن يكون جميع أفراد المجتمع مشاركين في المحافظة على المصالح العامة والخاصة،وأن يساهم الفرد في دفع المفاسد والأضرار سواء المادية أو المعنوية ، وأن يعي أنه كما له من حقوق فأن عليه واجبات للدولة والمجتمع الذي يعيش فيه.
ويعد التكافل الاجتماعي من أهم الأسس التي يقوم عليها المجتمع والتي تضمن سعادته وبقاءه في جو مريح يسوده الأمن والسلم والمودة.
و على المستوى العالمي تقرر حقوق الإنسان أو ما يسمى (الحقوق الطبيعية) وهي الحقوق التي بدونها لا يستطيع الناس العيش كبشر حسب فلسفتها .
وجاء الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1948 وطلبت من الدول الأعضاء الالتزام بمبادئه ومنها الحق في الحياة والحرية والأمان الشخصي والمحاكمة العادلة ..والاعتراف بالكرامة المتأصلة في جميع أعضاء الأسرة البشرية وحقوقهم المتساوية هو أساس الحرية والعدل والسلام في العالم، غير أن تناسي حقوق الإنسان
وضياعها وازدراؤها أقضيا إلى أعمال همجيه أساءت إلى الضمير الإنساني و حطت من قيمه.
التكافل الاجتماعي والضمان الاجتماعي:
رغم تشابههما إلا أنه يوجد فرق بينهما ، فالتكافل أساس من أسس الدين الإسلامي وغايته تحقيق الرفاه والرخاء في المجتمع ، قال تعالى “إنما المؤمنون إخوة “( الحجرات 10) وقال الرسول صلى الله عليه وسلم”مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى”
أما الضمان الاجتماعي فهو مصطلح غربي يعني التزام الحكومة نحو شعبها وهي مسؤولة عن إبقاء الحد الأدنى من العيش الكريم تجاه شعبها.
أسس التكافل:
العدل:فريضة واجبه والعدل اسم من أسماء الله الحسنى و هو دلاله على أهميته بين البشر، قال تعالى “إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها “إذا حكمتم بين الناس إن تحكموا بالعدل إن الله نعما يعظكم به إن الله سميعا بصيرا”(النساء58)
والعدل شامل في جميع مناحي الحياة، عدل الوالي في الرعية وعدل رب الأسرة في أهل بيته والعدل تجاه الغير بالمجمل وتجاه النفس في الشؤون المادية والمعنوية وأكد الإسلام على تحري الحق والعدل وتحقيق العدالة الاجتماعية والتكافل الاجتماعي وأن على الحاكم أن يلتزم بذلك قال صلى الله عليه وسلم “ما من أمير عشيرة إلا يأتي يوم القيامة مغلولا لا يفكه إلا العدل”
2-المساواة وتكافئ الفرص:وتعني تشابه المكانة الاجتماعية من حقوق ومكتسبات ومسؤوليات وتكافئ الفرص بين الأفراد في المجتمع وتعد المساواة السياسية والاقتصادية والاجتماعية من أهم مبادئ المساواة،وتتلخص في نقطتين الأولى:مساواة الناس أمام القانون دون تمايز في العرق واللون والجنس والمولد والوراثة.
والثانية:مساواة المواطنين في تكافئ الفرص في مختلف الميادين دون محاباة أو ما جر إلى فساد!!
وسائل التكافل:
أ-الوسائل الفردية: الإلزامية التي جاءت في شرع الإسلام
-الزكاة:مقدارها 2,5% من مجموع الأموال تؤخذ من أموال الأغنياء وتعطى للفقراء وجعل للدولة الحق في أخذها إن امتنع الفرد المكلف عن أدائها و هنا لا بد من توضيح أن الدول الإسلامية حالياً تعتمد على دساتير عصرية علمانية في طابعها فلا وجود لبيت مال المسلمين فيها و الزكاة مورد هام له ، كما أن هذه الدول تعد معطلة لأحكام فرائض الإسلام و منها الزكاة فلو دفع كل غني زكاة ماله ما وجد فقير واحد في المجتمع الإسلامي كله أينما وجد و هذا ما سنوضحه في فقرة مسؤولية الدولة .
– الكفارات:كفاره تدفع في حال وقوع المسلم لبعض المحظورات أو ترك بعض الواجبات كالفطر في رمضان عمدا أو الحنث في اليمين..
– صدقة الفطر والتي تدفع في شهر رمضان.
– عون المحتاج: المساعدة حسب الحالة والجار أولى والقريب الفقير
قال صلى الله عليه وسلم”ما اّمن من بات وجاره جائع وهو يعلم”
ب- مسؤولية الدولة ؛ من أهم الوسائل :
تامين موارد الدولة من تنمية للثروات واستخراج معادن الأرض وتوزيع هذه الثروات بالعدل ؛ خدمات عامة وفرص عمل وبنى تحتية .
العمل على تأمين فرص عمل للقادرين عليه .
تنظيم وسائل التكافل الفردي القضاء على الفقر والبطالة وهدم الهوة الاجتماعية بين الأغنياء والفقراء والزكاة كفيل
ة بذلك .
ة بذلك .
تنظيم وسائل التكافل المجتمعي .
عندما تسود حالة غير عادية عندما يصل التفاوت الاجتماعي إلى حد خطير وغير مأمون وجالب لعدم استقرار اجتماعي مع عجز واضح للدولة عن القيام بتلبية الحاجات الاجتماعية وعدم القيام بوظائفها وواجباتها تجاه المجتمع وبحسب فقهاء الإسلام تتدخل الدولة وتفرض على الأغنياء دفع المستحقات المترتبة عليهم لتعود الأوضاع إلى نصابها على أن تكون الدوافع الحقيقية في خدمة الصالح العام ، فقد وصل إلزام الإسلام على المسلم أن يقدم لأخيه المحتاج خصوصاً عندما لا تكفي الصدقات والزكاة فعلى المجتمع أن يسعف بعضه بعضا ً و في ظروف الكفاف ولا يجوز أن يكنز الأغنياء الأموال فيما يتضور الفقراء جوعا ً ، قال تعالى ” كي لا تكون دولة بين الأغنياء منكم “( الحشر 7 ). وقال تعالى ” ها أنتم هؤلاء تدعون لتنفقوا في سبيل الله فمنكم من يبخل ومن يبخل فإنما يبخل عن نفسه والله الغني وأنتم الفقراء وأن تتولوا يستبدل قوما ً غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم .” (محمد 38 ).
إن غياب التكافل الاجتماعي يعني وقوع خلل في المجتمع بدلاً من التوازن والاتزان بين طبقات المجتمع فيتركز الثراء والثراء الفاحش في جانب ويتركز العوز والفقر في الجانب الآخر ، لذا كان لا بد من سيادة مجتمع التكافل على مجتمع إمبراطورية الأغنياء وقد ورد في القرآن الكريم وصف لطغيان هذه الطبقة قال تعالى ” كلا إن الإنسان ليطغى ، أن رآه استغنى ” صدق الله العظيم . ، وتظهر أبرز العقبات أمام التكافل الاجتماعي والأمن والسلم والاستقرار في المجتمع ذلك النظرة غير السليمة لأصحاب رؤوس الأموال وأصحاب الثروات إذ ينظر البعض أن وجود الثروات الهائلة عند أناس آخرين يجعل من الدعوات للتكافل بمثابة النفخ في قربة مخرومة وذلك لعد م استعداد الثري للتخلي عن ثروته التي يرى أنه استخلصها بالجهد والتعب فيما ينظر المعوز إلى الغني على أنه جمع هذه الثروة في ظل غياب العدل والمساواة نتيجة خلل تركز الثروات في جانب الأغنياء وتركز الشح في جانب الفقراء لينتج عنه ترف القلة المستوجب البطر والكفر والضلال .
و قد ساعد على ذلك الاستبداد السياسي في بلاد المسلمين كانت نتيجته إلغاء الطبقة الوسطى التي تعد صمام أمان للمجتمع وتكون النتيجة الحتمية في ظل تعاظم طبقة الفقراء إلى قيام أعمال عنف و فوضى و شغب و تسيب وارتفاع مقاييس الجريمة والانحلال الخلقي وجرائم الشرف وانتشار المخدرات والسرقة وغير ذلك .
التكافل الاجتماعي ضرورة من ضروريات الحياة ليعيد للإنسان حياته في ظل السلم والأمن الاجتماعي.