زعمت صحيفة بريطانية بأن الغارة الأمريكية, التي استهدفت مزرعة السكرية في منطقة البوكمال القريبة من الحدود العراقية الأحد الماضي, تمت بالتعاون مع أجهزة المخابرات السورية. وقالت صحيفة “صنداي تايمز” في تقرير حمل عنوان: تساؤلات حول تواطؤ سوري بشأن الغارة الأمريكية “: إنها حصلت على تصريحات من مصادر أمريكية لم تعلن عن هويتها، تشير إلى أن أجهزة المخابرات السورية أيدت الغارة سرًّا.
وأضافت:” عقب هجمات الحادي عشر من سبتمبر، كان تعاون المخابرات السورية ملحوظا ثم تقطعت العلاقات، إلا أنها استؤنفت حديثًا, فالأمريكيين يتصلون بالسوريين من خلال قناة خلفية تُدار من خلال إدارة المخابرات الجوية السورية”.
وفي تفسيرها لرد الفعل السوري الغاضب على الغارة الأمريكية رغم هذا التعاون بشأنها، كتبت الصحيفة أن الأمور خرجت عن المتفق عليه بين الجانبين، فالسوريون الذي وافقوا على إغماض أعينهم على ما يفترض أنه غارة “اعتقال وانتزاع” هادئة، لم يستطيعوا أن يغضوا الطرف على إطلاق نار قُتل فيه العديد من الأشخاص.
وبحسب راوية المصادر الأمريكية؛ فإن المخابرات السورية هي التي نقلت للأمريكيين معلومات عن المكان الذي يتواجد فيه “أبو غادية”، ومن ثم استطاع الطيران الأمريكي رصد مكانه بدقة عن طريق تتبع تليفونه المحمول ووجهت المروحيات إلى حيث يوجد, وكان من المفترض أن يقوم الأمريكيون باعتقال “أبو الغادية” واقتياده للعراق للتحقيق، في عملية سريعة لا يراق فيها الدم.
إلا أنه عندما اقتربت المروحيات الأمريكية من الحدود السورية، رصدتها أجهزة الرادار السورية، وطلبت القوات الجوية بدمشق التصريح بالتدخل، إلا أن طلبها لم يُستجب له من قبل قادة جيش كبار لأن الغارة الأمريكية كانت متوقعة، طبقًا لما أوردته “صنداي تايمز”.
ويُعتقد أن المسلحين استطاعوا رصد المروحيات الأمريكية عند اقترابها منهم، ومن ثم وقع تبادل لإطلاق النار؛ وهو الخطأ الذي بدد ستار ما يُفترض أنه عملية سرية, حيث تقول الصحيفة إن هذه الرواية أيدها زعيم عشيرة محلية؛ حيث قال إن قذيفة صاروخية أطلقت من المجمع السكني على إحدى المروحيات المهاجمة.
وتدلل الصحيفة على صحة الرواية التي قدمتها بأن التخلص من “أبو غادية” القيادي بتنظيم القاعدة كان في صالح الحكومة السورية. فـ “أبو غادية” ينتمي إلى “تنظيم متطرف” معادٍ للنظام السوري العلماني, وكان الخبير الاستخباراتي “الإسرائيلي” رونين بيرجمان” قد صرح الأسبوع الماضي بأن الاستخبارات السورية كانت على علم مسبق بالغارة الأمريكية على منطقة البوكمال السورية، وأنها تعاونت مع الأمريكيين في تنفيذها.
وبحسب شبكة تلفزيون سكاي البريطانية فقد ادعى بيرجمان، المحلل الأمني والاستخباراتي في صحيفة “يديعوت أحرونوت” “الإسرائيلية”، أنه حصل على تصريحات لاثنين من كبار المسئولين الأمريكيين، أحدهما كان موظفًا رفيع المستوى في وزارة الدفاع الأمريكية, وزعم بيرجمان أن الغارة وقعت بعد الضغط المكثف الذي مارسته الولايات المتحدة على سوريا لوضع حد للنشاطات التي يقوم بها تنظيم القاعدة عبر الحدود السورية ـ العراقية.
وأضاف بيرجمان مؤلف كتاب “الحرب السرية مع إيران”: “السوريون لم يكونوا مستعدين لمواجهة المسلحين المرتبطين بالقاعدة كي لا يظهروا أمام الرأي العام وكأنهم انحنوا للضغوط الأمريكية، وفي نهاية الأمر قرروا إعطاء الضوء الأخضر للأمريكيين للقيام بالمهمة بأنفسهم”, وزعم بيرجمان أن الحكومة السورية أبلغت الأمريكيين أنها ستمنحهم ممرا لضرب المسلحين ولن تؤذي قواتهم.
وادعى الخبير “الإسرائيلي” أن الاستخبارات السورية كانت تتعاون بصورة سرية مع نظيرتها الأمريكية خلال حربها مع تنظيم القاعدة. وأشار إلى أن الغارة الأميركية “الغامضة” على البوكمال أثارت عدة أسئلة يصعب الإجابة عليها، وعلى وجه الخصوص لماذا لم تظهر القوات السورية أية مقاومة للطائرات الأمريكية.