بقلم : ميساء البشيتي
ضَيّعتُ الأماكن
كطفلة صغيرة أعدو ، أسابق الريح لأصافح
تلك الطرقات ، أقبل منها الجبين وأعانق فيها
نسمات الأماكن .
دغدغت قلبي بفرح عارم ووعدته بأمسية صيفية من أمسيات تموز الحالمة ، داعبت وجنات الورود في طريقي إلى درب الياسمين وهمست في أذنها أني عدتُ لأصطحبها في مشوار .
تصالحت مع الوقت وضممت إلي عقارب الساعات وألغيت من خارطتي كل الإتجهات ، نحوك فقط تتجه كل الخطى وحولك فقط تدورعقارب الوقت ومن خطوط كفيك تقرأ العناوين .
لكن … هل تهرم الطرقات ؟
هل تذبل الأماكن ؟
فلماذا أشتم رائحة الشيخوخة تفوح من عبير الملامح وشذى الأماكن ؟
وجوه أعرفها جيدا ً صافحتها عمرا ً بأكمله .. لم تعد تذكرني ، أماكن عايشتها دهرا ً ، حفرت خطاي فيها مسارب ومسالك .. لم تعد تذكرني ، أناس ومدائن حاضرة غائبة استلقينا فيها تحت مظلة المطر وكستنا فيها غيوم الثلوج والبرد ..
لم تعد تذكرني .
أتراني حملت غربتي معي ؟ أم تراها معالم الغربة أرخت ظلالها على الطرقات والملامح ؟
تلفتّ حولي فلم أجد سوى سحابة جامدة تظللني ونجيمات متعبة تحوم في سماء رمادية لم تحبل بغيمة ممطرة منذ دهور .. وأشجار مجهولة تفتح
ذراعيها للهواء المر ّوتستجدي دموع السماء الشحيحة .
ليس سواك أيها القمر المتربع على عرش السماء من يشهد قدومي اللحظة ومن شهد معي ذلك المساء .
أتيت أبحث عن ورود لي نثرتها هنا في هذه الرياض ، أتيت أبحث عن ذكريات لي غلفتها بنسائم الربيع ودعوت لها بطول البقاء ، أتيت أفتش في هذه الأماكن عن بقايا مني ، عن بقاياي .
يا قمري المتربع على عرش السماء هل تسافر الطرقات ؟ هل تهاجر الأماكن ؟ أين وجهتها يا قمر علني ألحق ظلها فأصلها ولو بعد ألف عام ، أخشى يا قمري أنني في غربتي قد ضيّعتُها ، ضيّعت مني الأماكن .
ميساء البشيتي
البحرين