تداعيات قرار تبكير الإنتخابات الإسرائيلية" width="123" src="https://www.watan.com/images/stories/Intekhabat(2).jpg" align="left" /> صالح النعامي
من المؤكد أن قرار رئيسة حزب ” كاديما ” الإسرائيلي الحاكم تسيفي ليفني المفاجئ التوجه لانتخابات مبكرة، ووضع حد للجهود التي كانت تبذل لتشكيل حكومة جديدة، سيفضي الى العديد من التداعيات الهامة على كثير من الصعد، وسينعكس بشكل واضح على علاقات تل أبيب مع الأطراف العربية والإسلامية، ونحن هنا بصدد محاولة حصر هذه التداعيات:
أولاً: تبكير الإنتخابات يعني أن تتحول الحكومة الحالية برئاسة رئيس الوزراء المستقيل ايهود أولمرت الى حكومة تسيير أعمال غير قادرة على مواصلة التفاوض مع السلطة الفلسطينية. صحيح أن تجربة عامين من التفاوض مع حكومة أولمرت لم تسفر عن أي نتائج تذكر، إلا أنه في ظل الواقع الحالي لن يكون من الممكن مواصلة إجراء التفاوض على اعتبار أن الأحزاب الإسرائيلية ستهتم فقط بتعزيز فرصها بالفوز في الانتخابات القادمة، وضمن ذلك سعيها لإضفاء مزيد من التطرف على مواقفها السياسية. فمثلاً حزب ” كاديما ” مهد للانتخابات بالتأكيد على عدم استعداده لخوض غمار أي تسوية سياسية تقوم على ” التنازل ” عن أي شبر من القدس المحتلة. لذا سيكون على الرئيس الفلسطيني محمود عباس الإنتظار حتى إجراء الانتخابات التشريعية وتشكيل الحكومة التي من المتوقع أن يهيمن عليها اليمين واليمين المتطرف. لكن الفراغ السياسي لا يقابله فراغ في النشاطات الإستيطانية، بل على العكس تماماً، فالواقع حالي مناسب جداً لتعاظم المشروع الإستيطاني، حيث أن حكومة كاديما ستواصل ليس فقط غض الطرف عن البناء في المستوطنات، بل أن عدداً من وزرائها شرعوا فعلاً في تقديم مساعدات للمستوطنين من أجل استرضاء القطاعات ذات التوجهات اليمينية، في الوقت الذي ضاعف فيه المستوطنون مظاهر العربدة والعدوان ضد الفلسطينيين العزل
ثانياً: واضح تماماً أنه سيتم تجميد معالجة ملف الجندي الصهيوني المختطف جلعاد شليت والجهود الهادفة للتوصل لصفقة تبادل أسرى بين حركة حماس وإسرائيل، فحكومة تسيير الأعمال لن تكون مخولة لاتخاذ قرارات حاسمة في هذه القضية، حيث أن أي قرار يتم اتخاذه بهذا الشأن سيتم تفسيره على أنه جاء لدواعي انتخابية، اللهم إذا فاجأ أولمرت الجميع بإتخاذ قرار درامتيكي على هذا الصعيد.
ثالثاً: على صعيد مستقبل التهدئة، فأن الإنتخابات المبكرة ستساعد على تمديد العمل بالتهدئة رغم تعالي بعض الأصوات داخل تل أبيب التي تنادي بوضع حد لها، على اعتبار أنها تخدم مصالح حركة حماس، فحكومة تسيير أعمال ليس بوسعها تحمل تبعات قرار وضع حد للتهدئة، لأنه يعني فتح الباب على مصراعيه أمام مواجهة متواصلة مع حركات المقاومة الفلسطينية. في نفس الوقت فأن دوائر صنع القرار في إسرائيل تدرك محدودية تأثير العمليات العسكرية ضد حماس على اجبار الحركة على تقديم تنازلات بشأن شليت، ناهيك عن إمكانية تعرض شليت نفسه للخطر، في حال مست إسرائيل بقيادي بارز في حماس، حيث تحذر الكثير من القيادات في إسرائيل من أن خاطفي شليت قد يقدمون على قتله كرد على عمل عسكري إسرائيلي يستهدف قيادات الحركة. من ناحية ثانية فأن لا يوجد ضمانة أن تؤدي العمليات العسكرية التي سينفذها الجيش الإسرائيلي ضد حماس إلى شل قدرة الحركة على العمل ومواصلة المقاومة، حيث يسود خوف من أن تقوم الحركة بإطلاق مئات وحتى آلاف الصواريخ على المستوطنات المحيطة بالقطاع، حيث تفترض الدوائر العسكرية الإسرائيلية أن لدى حماس صواريخ يصل مداها حتى مدينة ” أسدود “شمالاً، أي أن أكثر من نصف مليون مستوطن سيكونون في مرمى الصورايخ في حال وضع حد للتهدئة.
رابعاً: فيما يتعلق بمخططات إسرائيل تجاه إيران، فمن المنطقي الإفتراض لأول وهلة أنه سيتم تجميد أي مخطط لشن هجوم إسرائيل على إيران على اعتبار أن قرار شن هجوم على إيران يجب أن تتخذه حكومة منتخبة وليس حكومة تسيير أعمال، ومع ذلك فأنه يتوجب عدم استبعاد أن يقوم أولمرت بمفاجأة الجميع واستغلال صلاحياته كرئيس وزراء ليأمر بشن هجوم على إيران إذا اقتنع أن فرص نجاح هذا الهجوم كبيرة، وذلك لأن أولمرت الذي أضطر للاستقالة بعد اتهامه بقضايا فساد، معني بأن يتم تطهير سمعته عبر ربط اسمه بحدث تاريخي ينهي به عمله كرئيس وزراء.
خامساً: من المؤشرات التي تؤكد بؤس الرهان العربي على المتغيرات الإسرائيلية الداخلية هو ذلك التنافس المحموم الذي تخوض الأحزاب الإسرائيلية الكبيرة حالياً على ضم أكبر عدد من الجنرالات المتقاعدين الذين اشتهروا بشكل خاص بتاريخهم الطويل في تنفيذ عمليات القمع وجرائم الحرب ضد الفلسطينيين والعرب الى صفوفها، للتدليل على ” جودة ” مرشحيها وأهليتهم للقيادة. فالأحزاب الإسرائيلية الثلاثة الكبرى في إسرائيل تتنافس حالياً على ضم الجنرال موشيه بوغي يعلون رئيس هيئة أركان الجيش الأسبق وتحاول كل منها اقناعه بالإنضمام اليها. والمؤهلات التي ” يتمتع بها ” يعلون تتمثل في سيرته الشخصية كقائد لوحدة ” سييرت متكال “، أكثر وحدات الجيش الإسرائيلي نخبوية وهي المسؤولة عن تصفية مئات القيادات الفلسطينية، حيث برز أسم يعلون عندما كشف النقاب عن قيامه بقيادة عملية اغتيال أبو جهاد الرجل الثاني في حركة فتح في العام 1986، كما كان يعلون قائد قوات جيش الاحتلال في الضفة الغربية خلال الانتفاضة الأولى وكان مشهوراً بإصدار التعمليمات الصارمة لقتل أكبر عدد من الفلسطينيين. والى جانب سجله في مجال القمع، فأن يعلون أطلق بعد تسرحه من الجيش عدد من التصريحات بالغة التطرف مثل وصف فلسطينيي 48 بأنهم بمثابة ” السرطان في جسد الدولة “، وتأكيده على أن المفاوضات وصفة لإضعاف إسرائيل.
قصارى القول آن الأوان لأن يتوقف العرب عن الرهان على التطورات الإسرائيلية الداخلية، ويلتفتوا الى ما يمكنهم أن يفعلوه بقواهم الذاتية.
طالع بقية المقالات على موقع صالح النعامي
بريد الكتروني