وجه عالم الدين الايراني آية الله الشيخ جعفر السبحاني انتقادات حادة الى الشيخ د. يوسف القرضاوي على خلفية ما اثاره الاخير من وصفه للشيعة بأنهم “مبتدعة”, محذرا من ان ذلك يمكن ان يندرج في سياق الفتاوى التكفيرية التي يأخذ بها بعض الشباب الجاهل ويتوهم ضلال طائفة كبيرة من الامة الاسلامية, ومن ثم يذهب لتفجير نفسه في مجاميع منهم, كما يحدث حاليا في العراق.
وفي بيان أصدره اخيرا شكك السبحاني في الحديث الذي استند اليه القرضاوي والذي يبين ان الامة الاسلامية ستفترق الى ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار الا واحدة, مؤكدا انه حديث ضعيف ولا يرقى الى مرتبة الاستدلال به وهو استدلال خطير يخرج معظم المسلمين – بمن فيهم كثير من اهل السنة – من حظيرة الناجين والمغفور لهم.
واعتبر السبحاني ان اتباع المذهب الشيعي هم الاصح في نظرتهم الى مسألة الخلافة او الامامة, وقال ان نظرية العلماء السنة في هذا الشأن تقوم على أساس “السيرة الناقصة للخلفاء”, والتي اعتمدت مبدأ شورى المهاجرين والانصار, فيما تتأسس نظرية الشيعة على أن “امام المسلمين يتم تنصيبه من قبل النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم”.
كما نفى الاتهام الذي يوجه الى الشيعة بأنهم يسبون صحابة الرسول, مؤكدا ان “السب فعل الجهلة الذين لا يحفظون ألسنتهم عن ما يشينهم, ولذلك اطلب من سماحتكم ان لا تطرحوا القضية بهذه الصورة”, وذكر ان “الذي تعتقده الشيعة هو ان بعض الصحابة والذين لا يتجاوز عددهم عدد اصابع اليد تعاملوا مع اهل بيت النبي بعد رحيله معاملة سيئة, ومن هذا السبب تتبرأ الشيعة منهم”.
ورفض السبحاني اعتبار ما يحدث عند مزارات آل البيت “ممارسة للشركيات”, مشيرا الى انه كان يجب على القرضاوي ان يشير الى مصاديق تلك الشركيات والا يبقي القضية عائمة وتساءل: هل اصل الزيارة شرك? لا شك ان الجواب بالنفي, وهل الدعاء وطلب الشفاعة من النبي الاكرم (صلى الله عليه وآله) واهل بيته (عليهم السلام) شرك?
واستعرض البيان حوادث تاريخية تؤكد قيام الامام ابي حنيفة بالدعاء امام قبر النبي الشريف متسائلا: هل يا ترى ان جموع الشيعة واعدادا كبيرة من المصريين الذين يجتمعون عند رأس الامام الحسين (عليه السلام) وفي مقام السيدة نفيسة والسيدة زينب (عليهما السلام) ويتوسلون بهم ليقضي المولى سبحانه حوائجهم, هل هؤلاء عندكم مشركون? بمعنى انهم انحرفوا عن عبادة الله الواحد الاحد? ام يزداد ايمانهم بالله تعالى حينما يتواجدون في تلك الاماكن الشريفة? أليس هذا هو منطق التكفيريين الذي طالما انتقدتموه واعتبرتموه فكرا متطرفا?
وتمنى السبحاني على القرضاوي “تدارك ما فات ودعوة الجميع للاعتصام بحبل الله المتين والحض على وحدة الكلمة… ورفع لافتة التقريب” عارضا للمواقف التقريبية الصادرة عن مجمع الفقه الاسلامي.