كشفت تحقيقات عراقية أن صفقة كلور فاسد مصدرها ايران والهند هى المسؤولة عن انتشار وباء الكوليرا فى محافظة بابل المصنفة منطقة منكوبة، فيما يتسع منذ أسابيع نطاق انتشار هذا المرض فى بغداد والحلة والعمارة. وأكدت مصادر طبية عراقية الاحد ارتفاع حصيلة وفيات الكوليرا إلى 27 حالة فيما ارتفعت حالات الاصابة إلى 400 حالة منذ نهاية آب الماضي، فى حين امتدت المخاوف بالبعض إلى حد التحذير من كارثة قد تتجاوز حدود العراق.
وأشارت التقديرات العام الماضى إلى إصابة 4 آلاف عراقى بالكوليرا أغلبهم فى المحافظات الواقعة شمالى البلاد.
وحمل متابعون الفساد المستفحل فى أوصال حكومة نورى المالكى مسؤولية هذه الكارثة، وأكدوا أن غياب محطات تصفية المياه، والصرف الصحي، ومعالجة النفايات، ساهم بفعالية فى انتشار المرض.
وأعلنت مديرية ماء محافظة بابل الاحدأن مسحوق الكلور الايرانى المنشأ الذى كان يستخدم فى تعقيم المياه منتهى الصلاحية.
وقال مدير عام ماء المحافظة سعد عبد الأمير خلال مؤتمر صحفى فى بابل إن المختبر الانشائى فى الهيئة العامة فى بغداد أثبت ان مسحوق الكلور الايرانى المنشأ غير صالح بسبب انتهاء فترة الصلاحية مما اضطر الوزارة من تزويد المحافظة بمادة الهايبو السائل الذى ينتج فى معمل الفرات فى السدة جاسم.
واشار الى ان المحافظة قد استوردت من ايران 800 طن من مسحوق الكلوراستهلكت منها 650 طنا وبقية 150 طنا.
وأوضح المصدر أن الكلور الايرانى المنتهى الصلاحية “غير فعال إطلاقا فى قتل المكروبات والجراثيم الموجودة فى الماء، ما يدفع إلى الشك بان الاعتماد على هذا الكلور الذى ورد الى المحافظة بموجب صفقة مشبوهة هو السبب الرئيس وراء انتشار وباء الكوليرا فى بابل”.
إلى ذلك أكد حسان محرج رئيس لجنة الخدمات فى مجلس محافظة بابل “أنه تم اكتشاف كميات كبيرة من مادة الكلور الهندى المنشأ منتهى الصلاحية أيضا حيث تم توريده إلى مديرية ماء بابل من قبل وزارة البلديات والاشغال العامة وهو الآن يستخدم فى مجمعات الماء”.
والكوليرا من أمراض الجهاز الهضمي، وهى عدوى معوية حادة بسبب الإصابة ببكتيريا تسمى الضمة الكوليرية أو خمّة الكوليرا، ولها فترة حضانة قصيرة، وموطنها الأصلى الهند، ومنها انتشرت إلى باقى أرجاء العالم عن طريق حركة التجارة.
وفى هذا السياق أعلن مسؤول فى وزارة الصحة الأردنية أن المملكة قررت منع دخول أى أغذية غير معلبة من العراق واتخاذ إجراءات صحية على المعابر الحدودية لمنع انتقال مرض الكوليرا إلى أراضيها.
وأضاف المسؤول أنه تم منع إدخال جميع المواد الغذائية غير المعلبة القادمة من العراق لمدة شهرين وستعيد بعدها اللجنة الاجتماع لاتخاذ قرار جديد يعتمد على الوضع والمعطيات فى العراق.
ويخشى العراقيون من أن فرص القضاء على هذا الوباء تبدو ضئيلة، بسبب انخرام الجهاز الحكومى وتورط المسؤولين فى الصفقات المشبوهة والرشى، إضافة إلى أن عوامل انتشار هذا الوباء وغيره متوفرة بكثرة لا سيما وجود كميات هائلة من اليورانيوم المنضب فى الأراضى العراقية جراء القصف الأمريكى الوحشى للعراق فى حرب 1991، وغزو 2003.
وشهد العراقيون تدهور خدمات مثل المياه والصرف الصحى والكهرباء بسبب العقوبات التى استمرت ثلاث عشرة سنة بعد حرب الخليج عام 1991، وشهدت مناطق شمال العراق اصابات بالكوليرا العام 1999، وكذلك محافظة البصرة قبيل الاجتياح الأمريكى فى مارس عام 2003.
ولا يزال العراقيون يعانون من تلوث أراضيهم بالإشعاعات السامة للقذائف الأمريكية المتفجرة على الأرض العراقية، وتوقعت دراسة دولية فى أواخر تسعينيات القرن الماضى أن تظل هذه الاشعاعات تفتك بالعراقيين لملايين السنين.
وقال إسماعيل محمد، أستاذ علم الاجتماع بجامعة بابل إن “الكوليرا مرض مستوطن بالبلاد ويجب أن يتم إيجاد حلول حقيقية تعالجه من الجذور بدل الإجراءات المتسرعة التى يتم اتخاذها كلما ظهر المرض”.
وفى عهد الرئيس الراحل صدام حسين اكتسب العراق نظاما صحيا هو الأول فى المنطقة، وحافظ على مستواه المتقدم حتى سقوطه تحت الاحتلال الأمريكى فى ابريل- نيسان 2003.