*كتب/ رداد السلامي
في اليمن لم يعد التوريث مقبولا او مستساغا ، ولم يعد كما يبدو متاحا
*كتب/ رداد السلامي
في اليمن لم يعد التوريث مقبولا او مستساغا ، ولم يعد كما يبدو متاحا بحيث يصبح حقيقة لا مناص منها ، فالقوى السياسية اليمنية المعارضة بمختلف توجهاتها تعبيء الشعب ضده ، وتقف بقوة للحيلولة دون ان يورث صالح السلطة لابنه العقيد أحمد الذي يعمل قائدا للحرس والذي ارسله صالح قبل ايام الى السعودية .
يعمل نجل الرئيس صالح بإتقان بمساعدة نخبة في حزب المؤتمر الحاكم تحاول بشتى الاساليب تهيئة الاجواء الشعبية الملائمة لأن يصبح التوريث حقيقة وواقعا لابد منه، وهي نخب لها مصالح من ذلك وترى في أن ذلك التوريث إن تم سينحت لها مكانا شاغرا ويبقي لها دورا لم تلعبه بعد كما يجب رغم وجودها في السلطة .
الديمقراطية الهامشية والديكورية هي أحد وسائل ذلك التغيير، والتي يسعى من خلالها لفرض ذاته وريثا للحكم عبرها بحيث يبدو كما لو انه شرعيا، جاء وفق أطر دستورية وديمقراطية ،وبالتالي فإن القبول به رئيسا لابد منه شعبيا ، كما تعتبر تلك الديمقراطية الشكلية خالقة لقناعة جماهيرية مزورة لما تحمل من اقنعة ثقافية وتغييرية شكلية بعيدة عن جوهر التغيير والثقافة كوعي متجذر وسلوك عقلاني وخيار وطني رشيد .
ينتهز العقيد احمد فرصة وجود والده الذي يمدد فترات بقاءه في السلطة ويصيغ الدستور بما يمكنه الاستفادة من الديمقراطية الشكلية ، إذ لابد ان يتحقق التوريث بالطرق الديمقراطية بحيث أن التوريث لوطن بهذا الحجم تتنازعه الاختلافات الحادة هو من الاهمية بحيث يقتضي بناء قبول سياسي مسبق بين طيف واسع من عموم الجماهير يكفي للفوز بالانتخابات ، ينبني هذا المخطط الذكي على ما يصفه بعض المفكرين الغربيين كـ”غرامشي” على أرضية ما أسماه الحس العام،و ينبني هذا الحس بدوره على ممارسات ضاربة قدما في عمليات الاشتراك الثقافي، المتجذرة غالبا في صلب التقاليد الاقليمية أو القومية الدفينة ، وهذا ما يفسر إيفاد صالح نجله العقيد أحمد الى دولة ملكية كالسعودية فوالده فرض بحسب مذكرات الشيخ الرحل عبد الله الاحمر من قبل السعودية رئيسا لليمن ، وتاتي هذه الزيارة من أجل تهيئة ذلك خارجيا فيما لعب القائد العسكري علي محسن دورا تمويهيا حين تم ايفاده الى الامارت .
والحس العام مفهوم يخالف الحصافة أو سداد الرأي الذي يمكن بناءةه من خلال الاشتباك النقدي مع القضايا الراهنة ، فهو حسا قد يكون مضللا إلى أبعد الحدود ، بحيث يحجب الجماهير عن قضايا ومشاكل حقيقية ، أو يخفيها تحت غطاء تحيزات ثقافية متنوعة بحسب ” غرامشي”، كما يمكن تجييش القيم الثقافية والتقليدية “كالايمان بالله والوطن أو بآراء معينة حول وضع المرأة في المجتمع ” ويضيف غرامشي وكذلك التخويف من الاخرين أو من الشيوعيين أو المهاجرين أو الاجانب ” والمتابع لسلوك وخطاب السلطة وبث أجهزتها الامنية مخاوف الرعب واختلاق ازمات وتضخيم تمردات هي في الغالب مصطنعة بادرت الى اخمادها نتيجة مخاوف تتعلق بارتكاب جرائم حرب هو الدليل على ذلك ، كما أن هناك خطة تهيئة داخلية لذلك أيضا تتمثل عبر تهاني ومباركات بين الاسرة الحاكمة بعضها بعضا عبر الصحف وهو أسلوب جديد لم نعهده من قبل ليكون ذلك التوريث او التمليك مستساغا شعبيا .
وبالتالي يلاحظ الحديث المسهب عن الديمقراطية وتضخيم حقوق وأطر شكلية وإحياء لخلافات ومحاولة خلق ثقافات متصارعة لم تكن موجودة، وكذلك السعي الدؤوب لخلق يأس من قدرة القوى السياسية على احداث تغيير من خلال التنصل على ماتم الاتفاق عليه والانقلاب على نتائج الحوارات والانفراد بالتعديلات الدستورية ، بلاظافة الى خلق طائفية جديدة وتصوير وجود صراعات مذهبية وغيرها من الاساليب التي يهندسون لها.
*كاتب وصحفي يمني