كشفت صحيفة وطن الصادرة من واشنطن وكاليفورنيا ولوس أنجلوس وسان فرانسيسكو ، في نسختها العربية عن أهم نقاط الإتفاق بين الوفد المفاوض الفلسطيني وبين عصابات الغزو الصهيوني ، وتلخص تلك النقاط في أهم بينود الإتفاق التي تم التوصل إليها ، ولن نبحث هنا قضية تبادلية الأرض والمياه والحدود والأمن والإقتصاد والمعابر .
البند الأول : التنازل عن حق العودة ، تم الإتفاق على مقترح اسرائيلي قديم يقضي بعودة فقط ما بين خمسة عشر إلى عشرين ألفا من الذين غادروا الأراضي الفلسطينية المحتلة سنة 1948، شريطة أن يتم ذلك على مدى عشر سنوات، وأن لا يحق لهم القيام بمعمل لم شمل لذويهم..أي أن يعود هؤلاء دون ابنائهم واحفادهم، وهم في أعمار تتراوح بين الستين والثمانين عاما، ليموتوا حيث ولدوا، دون أن يتاح لهم أن يخلفوا غيرهم في الأراضي الفلسطينية المحتلة. كما أن معظمهم سيكون معرضا للموت قبل عودته خلال العشر سنوات التالية.
البند الثاني : الحدود، حيث تطالب اسرائيل بالإحتفاظ بـ 5 بالمئة من اراضي الضفة الغربية، من غير القدس، وذلك مقابل الأراضي التي سيقام عليها الطريق الواصل بين الضفة الغربية وقطاع غزة، فيما يوافق عباس بالتنازل عن 8ر1 بالمئة من اراضي الضفة الغربية.
البند الثالث : وتقول المصادر إن اسرائيل قد تقبل بالإحتفاظ فقط بـ 3 بالمئة من اراضي الضفة الغربية.
إلى ذلك تم التوافق على احتفاظ اسرائيل بالمستوطنات الكبيرة في الضفة الغربية، وخاصة مستوطنة معاليه ادوميم شرقي القدس، مقابل الحصول على اراضي بديلة في صحراء النقب، تضاف إلى قطاع غزة.
في هذا الجانب يشار إلى أنه لم يتم الإتفاق بعد على الطرق الإلتفافية التي يستخدمها المستوطنون، ووضعها المستقبلي.
عاصمة في بعض أحياء القدس
البند الثالث : القدس، يرفض ايهود باراك وزير الدفاع الإسرائيلي بحث موضوع القدس من الأساس، في حين يوافق ايهود اولمرت على اقامة عاصمة فلسطينية فوق بعض أحياء القدس الشرقية. وتتواصل المفاوضات بين الجانبين حول هذه الأحياء ومساحة العاصمة الفلسطكينية المقبلة.
الأردن بدوره، وفقا لذات المصادر، يرفض أي تنازل عن القدس الشرقية، وخاصة المسجد الأقصى، وذلك لسببين:
سبب ديموغرافي يتمثل في أن عدم الإنسحاب الإسرائيلي من القدس التي أصبحت مساحتها تساوي خمس مساحة الضفة الغربية جراء توسعتها (متروبوليتان القدس) يؤدي تلقائيا إلى مزيد من الهجرة الفلسطينية باتجاه الأردن.
أن احتفاظ اسرائيل بالمسجد الأقصي يفقد نظام الحكم في الأردن شرعيته الدينية المؤسسة على احتفاظه بالمسجد الأقصى، وهذا يضعه أمام خياري فقدان الشرعية الدينية، أو خوض حرب مع اسرائيل قد تعرض كيانه (لا سمح الله) للزوال عن طريق فرض اسرائيل لمؤامرة الوطن الفلسطيني البديل على حسابه..!
المصادر تضيف أن كونداليزا رايس وزيرة خارجية اميركا ضغطت خلال زيارتها الأخيرة للمنطقة من أجل التوصل إلى صياغة عائمة بشأن الأحياء العربية، والأماكن الدينية، بما يسمح بالتوصل إلى إتفاق الإطار المطلوب قبل نهاية العام الحالي.
التعليق :
جميع المؤشرات تقول أن سلطة عباس تمارس التمويه والتضليل أمام الشعب الفلسطيني بما توصلت له من نتائج تنازلية لصالح العدو الصهيوني من خلال وفدها المفاوض برئاسة قريع الذي يمارس الدجل السياسي والخدعة والقائمة على سياسة رئيسه الذي يدعو مرارا إلى الإنجاز السياسي من خلال قنوات الفيد باك ، أي من تحت الطاولة ، هذه هي قناعاته ، ولأن العمل الذي يقوم به غير مشروع فلابد أن يستمر في لعبة الخفافيش مخفيا الحقائق عن شعبه وعن الأمة العربية والإسلامية ، وجعل ما يتوصلون إليه حقيقة واقعة تفرض على الشعب الفلسطيني وعلى الشعب العربي من خلال تزوير بعض الحقائق حول اللاجئين وتعدادهم ومن لهم حق العودة ومن لا يمتلك هذا الحق ، وهنا يوضع سؤال ، من الذي يستطيع أن يقرر من له حق العودة ومن لا يمتلك هذا الحق ، وهل هناك قوة في العالم تمنح هذا الحق لفئة من الشعب الفلسطيني وتمنعه عن فئة أخرى ، وهل هذه هي عدالة أميركا وهل هذا يقع في حكم المسؤولية الشرعية التي يتمتع بها الوفد المفاوض أو رئاسة السلطة ، بالقطع لا ، فإن أبو علاء قريع لا يمتلك حرية تحديد الأعداد والفئات التي يمكن أن تعود عام 1948 ، ولأن سلطة أبو علاء قريع غير شرعية بناء على نصوص وميثاق منظمة التحرير وعدم شرعيتهم في الأطر القيادية في حركة فتح لتجاوزهم النظام المعمول به ، وبحيث أنهم لا يمثلون الشعب الفلسطيني في هذه المرحلة ومنذ عقدين على الأقل ، إذا أي إتفاق إطار يوقع عليه هؤلاء الأوسلوين لا يلزم الشعب الفلسطيني لا من قريب ولا من بعيد بالإلتزام ببنوده ، فكم من سلطة للقهر مدعومة غربيا داستها أقدام الجماهير ولن يصح إلا الصحيح ، ومطلوب من الشعب الفلسطيني وأمام تجاوزات تلك القيادة التاريخية في مخيماته ومدنه وفي مناطق الشتات أن يخرج بمظاهرات صاخبة ترفض أي إتفاق إطار ينص على تذويب القدس أو المشاركة الإدارية أو تمييز لفئات اللاجئين بمن له حق وليس له حق ، فجميع اللاجئين يمتلكون التاريخ والتراث على الأرض الفلسطينية ، ولأن الرئيس محمود عباس تجاوز ووفده المفاوض الخطوط الحمراء فعلى الشعب الفلسطيني وقواه المقاومة والممانعة أن تأخذ من الإجراءات العاجلة بما يوقف هذا التدهور التاريخي للقضية الفلسطينية وعروبتها وإسلاميتها وإنسانيتها وعدالتها .
وفي حديث له أوضح الرئيس الفلسطيني الغير شرعي في تمثيله للشعب الفلسطيني ولصحيفة هآرتس الإسرائيلية عند سؤاله عن إنتهاء ولايته أجاب: ” نحن نجري مشاورات الآن في الموضوع. أعتقد أن الإنتخابات للمجلس التشريعي وللرئاسة ينبغي أن تجرى في آن واحد، في كانون ثاني/ يناير 2010. سنقرر ونصدر أوامر رئاسية في هذا الشأن” .
أي أن الرئيس الفلسطيني مازال يعشق ويهوى التشبث بالحكم لإنهاء أوراق القضية الفلسطينية برمتها سياسيا وأمنيا ولو كان ذلك على حساب ما ابتدعته أميركا من دمقرطة وانتخابات في الأرض المحتلة بغرض التزوير في تمثيل الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج ، فالرئيس الفلسطيني بعد أن طرح نفسه على وزراء الخارجية العرب وطرح مشكلته أفادت بعض الأنباء بأن وزراء الخارجية العرب أوصوا ببقاءه في مكانه لإكمال مهمته في التنازل ” هم يمكرون والله خير الماكرين ” ، ولأن الحقوق لا يمكن أن تضيع مادام وراءها مطالب ، فإن الشعب الفلسطيني خياراته أًبحت منسلخة إنسلاخا تاما عن ما تقرره تلك الحفنة المارقة سياسيا واليت تلعب في البعد التاريخي والأصولي للأرض الفلسطينية .
أمام عباس خيارات إقالة المجلس التشريعي ووضع مدة زمنية إلى 2010 لإنتخابات رئاسية وتشريعية ، وهذا التوقيت بالذات ليس بمحض الصدفة ، فعلى ما أعتقد من توصيات كونداليزا رايس ومن يتبع كونداليزا رايس بأن يكمل عباس مهمته في إعلان مبادئ مع العدو الصهيوني في ظل إدارة بوش القاتل ، ولعرض إعلان المبادئ فيما بعد على الرئيس الفائز وإدارته سواء ديمقراطي أو جمهوري ، ومن المعروف أن أي إدارة أمريكية جديدة لا يمكن أن تتناول ملف الشرق الأوسط إلا بعد ستة أشهر من إستلامها مقاليد السلطة في الولايات المتحدة الأمريكية ، ولذلك وضع محمود عباس التوقيت في منتهى الدقة الزمنية ، بالإضافة إلى عدة إستحقاقات تقوم بها السلطة في الإتجاه الأمني والإقتصادي في الضفة الغربية ولصالح العدو الصهيوني وفي إعتقادي يجب على الشعب الفلسطيني أن لا ينتظر كثيرا في الضفة وغزة والخارج وأراضي 48 على هذه المهزلة الأمنية والسياسية التي تقوم بها عصابة أوسلو الأربعين على الأكثر والتي تدعي أنها تمثل الشعب الفلسطيني ، وأريد أن أكرر هنا .. آن الوقت للشعب الفلسطيني والقوى الحية أن تضع ما تضعه من خطط عاجلة متنوعة لإنهاء هذه الفترة المظلمة في حياة الشعب الفلسطيني قبل توقيع إعلان المبادئ ومهما كلف الأمر .
عباس والإنتفاضة :
يتفاخر عباس بأنه ضد عسكرة الإنتفاضة وبالتالي يتنكر لمجموعة الشهداء الذين مضوا من أجل الشهادة من أجل الله والوطن ولذلك عباس ولنفس الصحيفة يقول أنه يعمل بكافة الوسائل لمنع نشوب إنتفاضة ثالثة ويطالب الإسرائيليين باستخدام الأسلوب الإنجليزي والبارد الخبيث في التعامل مع الشعب الفلسطيني وعدم المواجهة المباشرة معه تخوفامن إنطلاق الإنتفاضة الثالثة ، وهنا عباس يغني على ليلاه وما يحلم به ، فهو يحلم ليلا نهارا أن لا يجد مقاومنا أو مطالبا بحق العودة ويحلم بالمارد الفلسطيني المزعج الذي يمكن أن يخرج له في أي لحظة ، هذا هو عباس وحفنته المارقة المتلاعبة في أقدار الشعب الفلسطيني .
(وأكد عباس في ذات التصريحات أنه يعمل من أجل عدم اندلاع انتفاضة فلسطينية ثالثة. وقال لـ “هآرتس”..”قلت ذلك في الماضي. اخطأنا حينما حولنا الإنتفاضة لكفاح مسلح، وسأقوم بكل شيء كي لا تندلع انتفاضة ثالثة مسلحة. ولكن اياكم أن تدفعوا الناس للعمل بعنف”.)
مقولة عباس لحاشيته وزواره (إذا اردتم دولة فلسطينية عليكم أن تنسوا العودة”.) ، هذا هو إنعكاس لشخصية عباس المحطمة الفاقدة الإرادة والفاقدة لهويتها الفلسطينية التاريخية والتراثية ، يدعو لدولة فلسطينية مقابل حق الغلابة 5 مليون لاجئ في الوطن وفي الشتات باستثناء عشرين ألف أو أربعين ألف يعودوا إلى وطنهم ضمن شروط محددة هكذا هي لعبة السياسة ، هكذا تدار معارك الحصول على الحقوق ، وهكذا يدار الإشتباك السياسي مع العدو كما أوضح ذلك الرئيس الفلسطيني لوزراء الخارجية العرب ، ولذلك وأمام هذه المهازل ندعو كل الأنظمة العربية أن ترفع يدها عن الشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية وندعو في نفس الوقت أن ترفع الغطاء السياسي والوطني والقومي عن تلك القيادة الفاسدة المحملة أجسامها بكم من الفيروسات متعددة الأنواع والأهداف ، أما الشعب الفلسطيني فخياراته محددة ولا تتوقف على فتح أو حماس أو أي فصيل تراوده فكرة التنازل عن الحقوق والثوابت فهناك يخرج 1000 مقاتل ومقاتل كل يوم وتلد الأم الفلسطيني ألف زعيم وزعيم ، ويخرج على الساحة كل يوم فصيل جديد مؤمن بالله وبالنضال وبالجهاد وسيلة لإسترداد الحقوق ، تلك الفصائل التي ستخلف ورائها إلى مزبلة التاريخ مثل قيادات أوسلو وكل من تراوده نفسه التنازل عن شبر من فلسطين والمعركة مستمرة والنضال مستمر ولو قذف طفل فلسطيني حجر في وجه الصهيونية أو قذف أي فرد في سلطة أوسلو المتهاوية بالطماطم أو بالبيض الفاسد أو بأي وسيلة أخرى من وسائل المقاومة من أجل الصمود على الأرض من أجل إحقاق العودة واسترداد القدس وإقامة الدولة العربية الديمقراطية على أرض فلسطين .
بقلم / سميح خلف