ينتظم مئات العراقيين في طوابير مهينة عند شبابيك دوائر وزارة العمل والشؤون الإجتماعية للحصول على مرتباتهم من شبكة الحماية الاجتماعية وهي إقل من 60 دولار ، بينما يقف أضعاف المشمولين بالشبكة لغرض الحصول على بطاقة الحماية الاجتماعية التي يحصلوا عليها بعد ، ويحتاج المواطن الى دفعات من الوساطات بكل مضامينها وأشهر للموافقة على قرض ميسر لإقامة المشاريع الصغيرة للعاطلين عن العمل . وشمرت دوائر ومؤسسات سواعدها بالمساهمة للحد من نسبة البطالة (40%) وأفتتحت دورات للخياطة والحلاقة وفق نظرية العاملين عليها . ولا نعرف كيفية إستيعاب سوق العمل في العراق لنسبة الخياطين والحلاقين بعد هذه الدورات ، وخاصة أن الملابس الصينية الرخيصة تغزو الأسواق. .
وكانت محطات التلفزة المحلية قد تباهت بتقاريريها حول دعم مجالس محافظاتهم في الشتاء المنصرم لإخوانهم النازحين ، بمكارم سخية تمثلت ببطانيات عسكرية وتنكات من النفط الأبيض للإستهلاك المنزلي. وقد قسمت ميزانية الصدقات الى 4 . واحد منها للمتضررين وثلاثة للعاملين عليها . في الوقت الذي تعيش فيه أسر عراقية في سوريا والأردن ومصر ولبنان وتركيا والهند وباكستان وغيرها من الدول . حالة من الذل والعوز منهكة للكرامة وللإنسانية ، بعدما باعوا مافوقهم وماتحتهم للهروب من جحيم السيف الوطني والحس الطائفي . وقد إنتهت مدخراتهم ولا معين سوى آمال بتصريحات متضاربة بالمساعدة المتمثلة ب800 دولار وتحمل الحكومة تكلفة العودة إلى الوطن .. وطن بظلال الفقر والكوليرا والماء الغير صالح للاستهلاك الأدمي . دون بيت وبلا عمل وبلا كهرباء وبلا خدمات .. أي وطن ؟ .
الغريب أن يقوم مواطن عراقي ( الفنان الأصيل نصير شمة ) بمبادرة شخصية لمساعدة العراقيين في مصر في رمضان الكرامة والخير ، تمثلت بحصة تموينية كاملة ؛ إزاء صمت وخرس من قبل الدوائر العراقية التي تمتلك القرار والميزانية . وفي الوقت الذي أتمنى أن لاتكون الرؤية الحكومية للعراقيين الخارجين من العراق ، هي ذات الرؤية التي عبر عنها البعض ومنهم أحد الوزراء المعنيين بالحالة .. بأن الذين في سوريا ومصر مجموعة بعثيين ؟؟؟.
أدعو الحكومة العراقية إلى تحمل مسؤولياتها الوطنية والأخلاقية تجاه الحالة المعيشية وحق الفرد العراقي بضمان إجتماعي ، وتبني آلية منتجة تكفل للعراقي العيش بكرامة ، سواء كان داخل العراق أو خارجه . كما تتحمل مسؤوليتها عن الحالة التعليمية لأبناء المهاجرين .. أتمنى أن يخرج القادة الجدد للعراق من خيمة النظرة الدونية للعراقيين في الخارج . للعراقيين حقوق مشروعة بثروات بلادهم تغنيهم عن سؤال وتبعدهم عن مهانة .. أتفق أن لامكان في العراق الديمقراطي لثورات العسكر وإنقلاباتهم . ولكن المكان يبقى شاسعا والبيئة متاحة كذلك لثورات الشعب والهيجان . وحيث لا مكان للقمع أيضا. .
عقيل الخضري
المعهد العراقي لحقوق الإنسان