بعد يوم واحد من صدور فتوى قتل ملاك بعض الفضائيات العربية التي اطلقها رئيس مجلس القضاء الأعلى السعودي الشيخ صالح بن محمد اللحيدان، دعا رجل دين سعودي اخر الى معاقبة مقدمي برامج الابراج عبر التلفزيون بالاعدام. ونقلت صحيفة (المدينة) السعودية عن الشيخ صالح الفوزان قوله ان “مقدمي الابراج عبر القنوات الفضائية هم مشعوذون والشعوذة جريمة يعاقب عليها الاسلام بالقتل بواسطة السيف كما لا يجوز الصلاة على جثامين هؤلاء المشعوذين بعد قتلهم”.
يذكر ان الكثير من الفضائيات العربية التي تعد بالمئات ادخلت فقرات الابراج على برامجها بالاضافة الى برامج تقديم النصح الشخصي للمشاهدين في حل مشاكلهم الامر الذي يعتبره البعض سحر وشعوذة.
وفي تطور لفتوى الشيخ اللحيدان برر رئيس مجلس القضاء الأعلى السعودي فتواه بقتل ملاك بعض الفضائيات العربية التي تبث مسلسلات وبرامج غير لائقة في رمضان مؤكدا أن المقصود كان الفضائيات التي تروج للسحر والشعوذة “وتنشر الخلاعة والمجون والمضحكات”.
وقال الشيخ اللحيدان في مقابلة بثها التلفزيون السعودي فجر الاحد ان فتواه التي جاءت في معرض رد على سؤال في برنامج “نور على الدرب” الاذاعي الذي بثته اذاعة الرياض الاربعاء “فسرت تفسيرات اثارت الضجيج”.
وأثارت هذه الفتوى جدلا في مواقع الإنترنت والصحف الإلكترونية وتسببت بقلق لدى ملاك القنوات الفضائية الرسمية منها والخاصة.
وبعد الجدل غير المسبوق، عمل اللحيدان على توضيح فتواه التي دعا فيها الى قتل اصحاب القنوات الفضائية التي تبث برامج “تحث على الفتنة والفساد والسحر والشعوذة” مؤكدا ان تدبيرا من هذا النوع يكون عبر القضاء.
واتى بث التلفزيون السعودي للمقابلة بشكل ملفت وغير مسبوق، وذلك بعد ان اثارت فتواه الكثير من الجدل فضلا عن حفيظة عدد من رجال الدين، مع العلم ان ابرز المجموعات الفضائية العربية العاملة حاليا هي سعودية.
وكان احد ابرز رجال الدين في السعودية سارع الى انتقاد فتوى اللحيدان.
ووصف المستشار بوزارة العدل وعضو مجلس الشورى السعودي الشيخ عبدالمحسن العبيكان هذه الفتوى بانها تدعم “الارهاب” و”الفئة الضالة” وهو تعبير يستخدم في السعودية للدلالة على تنظيم القاعدة.
واعتبر الشيخ العبيكان في بيان صحافي ان الفتوى وصلت الى افراد هذه الفئة “على طبق من ذهب ليستغلونها استغلالا سريعا والتحرك لتجنيد شبابنا لازهاق الانفس وتفجير المحطات ومواقع ملاك هذه القنوات وذلك بناء على هذا الرد”.
واضاف العبيكان “ان هذا الرد (الفتوى) سيكون له اثار سلبية كبيرة على الدولة وعلى سمعة الاسلام وعلى سمعة القضاء السعودي” داعيا الى تدارك “هذا الامر الخطير وان يكون هناك وقفة عاجلة من علماء المملكة حتى لا يتصور احد ان هذا هو رأي وسياسة علماء المملكة او الجهات الرسمية في المملكة”.
واكد احد المقريبين من الشيخ اللحيدان ان هذا الاخير، وهو احد رموز المؤسسة الدينية الوهابية في المملكة، “اراد ان يعبر عن استياء المؤسسة الدينية من ما تبثه معظم المحطات التلفزيونية الفضائية من برامج ومسلسلات تنشر الفتنة والفساد”.
الا انه اعتبر في تصريح صحافي ان رد اللحيدان على السؤال الاذاعي “ابتعد عن الفطنة السياسية وديبلوماسية الكلمات لانه في الحقيقة اراد ان يؤكد على انه من حق المجتمع ان يلاحق اصحاب القنوات الفضائية التي تفسد البيوت وتروج للفتنة قضائيا وانه من حق القضاء ان يصدر الاحكام بالقتل تعزيرا على هؤلاء”.
وشكلت فتوى اللحيدان المثيرة للجدل موضوعا دسما لافتتاحيات وتعليقات الصحف في المنطقة العربية.
وكتب رئيس تحرير صحيفة “الامارات اليوم” سامي الريامي في العدد الصادر الاحد ان فتوى اللحيدان “مضحكة تجعل المتربصين بنا يرموننا بسهامهم مرة اخرى لينعتونا باوصاف من نوع الدمويين والمتشددين والمتزمتين وعشاق القتل”.
اما “غلف نيوز” الاماراتية فكتبت في افتتاحيتها ان الدعوة الى قتل اصحاب القنوات الفضائية “يعطي صورة خاطئة عن الاسلام”.
وأعرب عدد من شيوخ المملكة عن رفضهم لفتوى اللحيدان بينهم الشيخ عبد المحسن العبيكان المستشار بوزارة العدل، والذي اعتبرها “تدعم فئة الإرهاب”، فيما رفض علماء وشيوخ آخرون التعليق عليها حتى يتسنى لهم التأكد من تلك الفتوى.
ورفض الشيخ عائض القرني، فتوى الشيخ اللحيدان، مؤكدا أن فتوى العالم ليست رأي نبي.
وقال الشيخ القرني، خلال الحلقة الثالثة عشر من برنامج “حياتنا” ـ الذي يعرض على قناة mbc ـ إن” كل يؤخذ من كلامه ويرد”.
ورغم أن الشيخ القرني أكد أنه يحسن الظن بالشيخ صالح اللحيدان، لعلمه وفضله، إلا أنه ينتظر منه التوضيح ليتثبت من الأمر، وأشار إلى ردود علماء المملكة العربية السعودية الرافضين للفتوى مثل الشيخ “صالح الفوزان”.
وذكرت الصحيفة أنها حاولت الحصول على ردود فعل عدد من الشيوخ، لكنهم آثروا التريث في إبداء مواقفهم حتى تنجلي حقيقة الفتوى وتتضح الأمور. كما أشارت إلى أنها حاولت الاتصال بالشيخ اللحيدان عدة مرات على هواتفه المعروفة ولكنها لم تستطع الوصول إليه.
أما صحيفة الجزيرة السعودية فنشرت بدورها الخبر عن فتوى الشيخ اللحيدان في صدر صفحتها الرئيسة، نقلا عن إحدى القنوات الفضائية، غير أنها قامت باختيار عنوان مثير بخلاف المضمون هو “فتوى اللحيدان بجواز قتل ملاك القنوات الفضائية يصيب العالم بالارتجاج”.
وكان مفتي عام السعودية الشيخ عبد العزيز آل الشيخ مفتي السعودية أدان المسلسلات التركية بوصفها خبيثة وانحلالية وضالة بالرغم من الشعبية الكبيرة لمسلسل “نور” المدبلج الذي يعرض في قنوات فضائية عربية.
ووصف آل الشيخ، خلال حفل ختامي لمنتدى في السعودية، القنوات التلفزيونية التي تبث تلك المسلسلات بأنها غير إسلامية.
يذكر أن مسلسل نور التركي حقق الكثير من الشعبية منذ عرضه على قناة تلفزيون إم. بي.سي المملوكة لسعوديين.
وسبق لمفتي السعودية ان اعتبر هذا المسلسل الذي دبلج باللهجة السورية واجتذب مستويات غير مسبوقة من المشاهدين قدرت بعشرات الملايين، “معاديا للاسلام” واصدر فتوى بان كل من يبث هذا المسلسل هو “عدو لله ولرسوله”.
وابرز المجموعات الفضائية العربية مملوكة لسعوديين، فمجموعة “ام بي سي” يملكها رجل الاعمال وليد الابراهيم قريب الاسرة الحاكمة بالمصاهرة، ومجموعة قنوات روتانا التي يملكها الملياردير السعودي الامير الوليد بن طلال.
ويملك الامير الوليد ايضا حصة كبرى في الفضائية اللبنانية “ال بي سي” فيما يملك رجل الاعمال السعودي صالح كامل مجموعة “اي ار تي”.