جنرالات وساسة إسرائيل حين يحققون انتصارا يعربدون ويتفاخرون, ويسيئون للعرب والإسلام بأقذع الكلام. ويعتبرون أن ما حققوه من نصر لا منة ولا فضل لأحد عليهم فيه. فخبراتهم وشجاعتهم وقراراتهم وجنودهم وخططهم هم من كانوا سبب النصر والانتصار. أما حين تلحق بهم الهزيمة,فالكل يتهرب من تحمل المسئولية, ويحملها لغيره, ولحليفهم الاستراتيجي. فالكل في الهزيمة جبناء, ويصبح حالهم كحال حمام قطعت المياه عن أجرانه, فلا تسمع سوى الصراخ والشتائم والسباب, وإن دلفت بابه لتستوضح الأمر, فلن ترى سوى العراك.
فالجنرال والسياسي الصهيوني إيهود باراك , الذي هدر حياته في عمليات الإجرام والقتل والتدمير والإرهاب.
وحاليا يتزعم حزب العمل الإسرائيلي للمرة الثانية. ويشغل وحاليا وزيرا للدفاع, وسابقا رئيس وزراء. وتقلد الكثير من المناصب والمسئوليات في الجيش والموساد, وشارك في الكثير من عمليات الاغتيال. وخاض الانتخابات الإسرائيلية عدة مرات. وهواياته متعددة ولا يتسع المجال لذكرها, وجميعها ذات طابع إجرامي وإرهابي. وحتى أنه وزوجته يملكن الكثير من الشركات الاقتصادية. ويعبدن المال من الشيكل إلى اليورو والإسترليني والدولار, ويسعيان دوما للحصول على المزيد منه, ولا يشبعن من جمعه. وكل ما يسعى إليه باراك هو نفس ما يسعى إليه باقي ساسة وجنرالات إسرائيل. والذي يتلخص بإقامة إمبراطورية إسرائيلية, تكون مركزا تجاريا واقتصاديا وصناعيا ومخابراتيا و تجسسيا.وساحة فسيحة لشركات المرتزقة, للعبث بأمن دول العالم, وتوظيف المال لخدمة المشروع الصهيوني بهدف السيطرة.وهذا ما ظهر جليا في العراق وجورجيا.
ومع أن التهم بدأت تطارد الجنرال موفاز على أنه مجرم حرب, لأنه كان يأمر بقتل 70 فلسطيني في كل يوم. إلا أن باراك يتحدى موفاز وباقي حكام وجنرالات إسرائيل بسؤاله: من هو أكثر مني قتل من العرب والفلسطينيين؟ بل حتى أن سؤاله جعله شعارا لحملاته الانتخابية. ويظن أنه بهذا السجل الإجرامي , وبهذه الفذلكة من الثرثرة بات منظرا وفيلسوفا ورجل الصهيونية وإسرائيل الأول. الذي يحق له من أن ينظر لمستقبل العالم وإسرائيل. فهو يرى أن الشرق الأوسط لا يشبه أوروبا الغربية أو شمال أميركا, بل هو محيط لا رحمة فيه للضعيف غير القادر على حماية نفسه. وينصح الإسرائيليين بأن طريق النجاة يكون فقط عندما تكون لهم دولة ذات عيون مفتوحة, و مستقرين وواثقين من أنفسهم, وأقوياء, ويراقبون ما يجري من حولهم, وغير خائفين من رؤية الواقع كما هو.وأن عليهم حين يمدون يدهم للسلام, أن تكون يدهم الأخرى قريبة من الزناد. وهو على خطى الأحمق جورج بوش في نشر الرعب والخوف والقلق في المجتمع الإسرائيلي. فهو على الدوام يلقي الرعب والخوف في قلوب وعقول الإسرائيليين. وبنفس الأسلوب الذي يسلكه الرئيس جورج بوش مع الأمريكيين.حين يتركهم نهب الرعب والقلق. وإسرائيل بأسرها بنظر باراك موجودة ضمن مرمى النيران.وعناصر حزب الله يتحصنون جيدا جنوب نهر الليطاني وشماليه. وبعد أن ينتبه بأن كلامه سيدفع بهم لسلوك طريق الهجرة من إسرائيل, يلجأ للكذب ليهدأ من روعهم, ولكي يعزز من ثقتهم بكيانهم الصهيوني. فيطمئنهم قائلا بأنه : يتم إعداد الجيش الإسرائيلي للقتال, لتحقيق نصر واضح. بشرط توفر الوحدة لمواجهة التحديات الكبيرة التي تواجه إسرائيل على المستوى الأمني والسياسي. وليهدأ مخاوفهم من خطر المشروع الإيراني الذي ساهم هم وباقي زعماء إسرائيل من نشره في المجتمع الإسرائيلي, يقترح عليهم الحلول التي يراه مناسبة , والتي عبر عنها بقوله: إيران تشكل تهديدا للنظام العالمي, وحان الوقت للرد بواسطة العقوبات لا بالأقوال, ويجب أن يشارك في ذلك روسيا والهند والصين. ويضيف قائلا: في كل الأحوال علينا الإبقاء على كل الخيارات مفتوحة,إذا تحرشوا بنا أو هاجمونا,فإننا نعد الجيش الإسرائيلي لكي يقاتل ويحقق نصرا لا تسويات فيه,وعلينا أن نجد الطريق الفضلى من أجل إحراز النتيجة الفضلى بأقل أضرار ممكنة. ويهيج الأمريكيون والأوروبيون بعوائه ونحيبه ليستجدي منهم العون والمدد, وليثيرهم بالخطر, وكأنهم بنظره ثيران يتهيجون بمنظر اللون الأحمر. ويوضح لهم على أنهم مهددون كما هي مهددة إسرائيل. فالكارثة بنظره, هي في حيازة إيران للسلاح النووي. لأن الجهود التي تبذلها إيران في برنامج صواريخها تشير إلى أهداف أبعد من إسرائيل. وأن صواريخها في السنوات المقبلة, سوف تطال جميع الدول التي تفاوضها بخصوص ملفها النووي عدا الولايات المتحدة الأمريكية. ولا يترك أحدا من شره وشروره. ويتناول الجميع بالذم والقدح والتحقير.فيتهم رئيس الوزراء الأسبق أرييل شارون والقيادتين السياسية والعسكرية, بأنهم لم يتصرفوا بحكمة ,حينما لم يضعوا حدا لقوة حزب الله, ويقول: أن إسرائيل دفعت ثمن قلة خبرة قياديها السياسيين الذين أداروا الحرب على لبنان عام 2006م. ويعتبر القرار 1701الذي وضع حدا لحرب 2006م, لا قيمة ولا معنى له وغير مجدي. لأن حزب الله وسوريا وإيران يقومون بكل ما يريدون في لبنان, بل أن حزب الله ضاعف عدد الصواريخ الموجودة في حوزته ثلاث مرات منذ انتهاء الحرب. وهذا الكلام هدفه النيل من وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني التي كانت وراء صدور هذا القرار. ويوصف باراك القراربقوله: إسرائيل تخلت عن سيادتها بالقرار 1701 وأعطت قرارها لغيرها حتى ولو كان حليفا لها. ويمقت ويكره ليفني , ويحقر كل فعل وتصرف لها حتى ولو كان شيء من أمرها أو يخصها بيتها كامرأة. وهو من قال صراحة: لست مقتنعا بان تسيبي ليفني مؤهلة لأن تجيب عن أسئلة بشأن مسائل أمنية مهمة يتعين على رئيس الوزراء الإسرائيلي أن يكون قادرا على الإجابة عليها لا عند الساعة الثالثة صباحا ولا عند الثالثة بعد الظهر. ولكن ليفني ترد على باراك بقسوة وتقول: باراك هرب مذعورا من لبنان عام 2000م. وهنا يلجأ باراك ليدافع عن نفسه ويقول: سحبي للقوات عام 2000م كان لوضع حدا لمأساة استمرت 18 عاما, وحزني عن مقتل ألف جندي. والحرب بين باراك وليفني وأولمرت , ما هو سوى خلاف بين عشاق إرهاب وجريمة دب بينهما الشجار على القيادة والزعامة. ولذلك حين أعلن باراك انه يسعى ليكون رئيس الوزراء الجديد, ويمسك بيديه بالقرار السياسي والعسكري والتربوي والتعليمي. ردت عليه ليفني بأنها هي من ستكون رئيس الحكومة لا كما يتخيل ويحلم باراك, وأنها ستحقق له أمنية واحدة من أمنياته وأحلامه,بتعينه من قبلها وزيرا للتربية والتعليم. ويصب باراك جام غضبه على الاتفاق الأمريكي الإسرائيلي لمنع إيران من تحقيق طموحها النووي, ولو للأغراض السلمية. لأن الموقعين عليه من الادارة الجمهورية في واشنطن, وكاد يما والليكود في إسرائيل, بنظر إيهود باراك كانوا قاصرين وجهلة وحمقى وأغبياء,فجاء اتفاقهم قاصر على شاكلتهم. وغير قابل للتطبيق لعدة أسباب . أهمها:
· فجيش الدفاع الإسرائيلي بعد أن تم تدريبه وتأهيله بشكل جيد على تنفيذ عدوان على إيران.والمتحمس لتوجيه ضربة عسكرية لمنشآتها النووية ولو بشكل منفرد. يصطدم بانقسام وتشرذم الحكومة والساسة والمجتمع الإسرائيلي حيال هذه الضربة. ففي حين يصر موفاز وبارك المتطرفون الصهاينة على ضرورة توجيه ضربة لإيران.فإن الغالبية العظمى من الساسة والجنرالات لا يرغبون بهذا الخيار, لعدم اقتناعهم بجدوى هذه الضربة, ولتخوفهم من رد الفعل الايراني الذي سيلحق بإسرائيل نتائج كارثية ومدمرة.
· والرئيس جورج بوش ونائبه ديك تشيني ومحافظيه وصقوره الذين يضغطون لتوجيه ضربة لإيران من قبل الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل, أو حتى على الأقل إعطاء ضوء أخضر لإسرائيل للقيام بتوجيه الضربة. باتوا معزولون ومحاصرون ومنبوذون لا يحسب لهم من حساب. فغالبية الشعب الأمريكي رافضة لهذا الخيار,إضافة إلى أن الادارة الأميركية والحزب الجمهوري منقسمين حياله, ويرون أنه سيضر بمرشحيهم للكونغرس. وقد يحطم حلمهم وحلم مرشحهم جون ماكين. ورغم أن الصقر ورجل الظلام ريتشارد بيرل قال صراحة, أن ليلة واحدة من الغارات الكثيفة بالقاذفات الأميركية يمكنها من تدمير البرنامج النووي الإيراني بكامله. إلا أن الرد على كلامه جاء من قبل جاري بيرتستين عضو وكالة المخابرات الأمريكية وبكلام شديد اللهجة, حيث قال:قاذفات القنابل الأمريكية لن يكون بمقدورها القضاء على منشآت البرنامج النووي مهما أغارت وقصفت من قنابل. وهكذا وضعت إسرائيل نفسها وأمنها ومستقبلها في عهدة مهرجي الحزب الجمهوري. ورئيس عاجز ومرعوب كجورج بوش لا يجرأ على إتخاذ أي قرار ولو كان يخصه وزوجته لورا في البيت ,بعد أن سلطت الأضواء عليه.
· وهيئة الأركان المشتركة ومعها وزير الدفاع الأميركي يرفضون رفضا قاطعا هذا الخيار, واستدعوا الجنرال غابي اشكنازي رئيس الأركان الإسرائيلي إلى واشنطن بذريعة تكريمه. وقلده مايك مولن رئيس هيئة الأركان المشتركة الأمريكية شارة الشرف لإسهاماته في محاربة الإرهاب في الشرق الأوسط, ولإسهامه طيلة سنوات تعزيز امن إسرائيل وحماية مدنيين ولجهوده في تعزيز العلاقات بين الجيشين الأمريكي والإسرائيلي.وطلب منه طي موضوع مهاجمة إيران. لأن 40% من صادرات النفط تمر عبر مضيق هرمز, والعالم بغنى عن مثل هذه الخضات, بتهديد إمدادات النفط. إضافة إلى أن الرد الإيراني سيكون من نصيب القوات الأميركية في العراق وأفغانستان. وحتى الرد الإيراني على إسرائيل سيكون مدمرا. إضافة إلى أن هيئة الأركان المشركة الأمريكية أعلنت مرارا وتكرارا, أنها ليست بقادرة على خوض صراع ثاني للصراع الأول الذي تخوضه في أفغانستان والعراق. ثم أستدعي باراك لنفس الغرض, والذي تذرع بأنه سيبحث موضوع المشروع النووي الإيراني. وفي واشنطن رددوا على مسامعه تصريحات القادة العسكريين الأمريكيين. وقالوا له إن اللبيب من الإشارة يفهم. وبعد عودة باراك إلى تل أبيب. أعلن صراحة بقوله: الأمريكيين غير مستعدين للسماح لإسرائيل بمهاجمة إيران.وأن موقف الولايات المتحدة الأمريكية المعروف, هو أن كل ما يجب القيام به,هو مواصلة التحرك في مجال الاستخبارات , وزيادة العقوبات الاقتصادية على نظام الرئيس نجاد. وهذا معناه أن المصاريف والوقت الذي صرف على تدريب جيش الدفاع في هذا المجال ضاع هباء. وهذا ما عبر عنه باراك حين قال:الولايات المتحدة موقفها معروف فهي لا تريد عملا ضد إيران. وحسم هذا الموضوع رئيس إسرائيل شيمون بيريز حين قال: عملية عسكرية على إيران ليس أمرا ضروريا. لا أعتقد أن الأميركيين يفكرون بذلك ,لأنهم يملكون العديد من الوراق الأخرى. وأتبعه بتصريح ثان قال فيه: إن توصل الأمريكيين إلى تشكيل تحالف بتوحيد مواقفهم مع مواقف الأوروبيين فسيمتلكون عندئذ ما يكفي من الوسائل لممارسة الضغوط على الإيرانيين. وفندت صحيفة هآرتس مواقف الجميع بقولها: التصريحات المتطرفة التي يطلقها الزعماء الإسرائيليين بازار التهديدات.
· وجيش الدفاع الإسرائيلي منقسم عل نفسه بشكل لم تشهده إسرائيل من قبل. حتى أن أفرا يم هليفي رئيس الأركان الإسرائيلي السابق راح يعلن على الملأ بقوله : إن قيام إسرائيل بالهجوم على إيران سوف يؤثر على إسرائيل لمدة 100عام. فالجنود والضباط الذين يشعرون بعدم الارتياح لمستقبل دولة صممت لتكون دولة لجيش فقط. وخاصة أن جيشهم يخوض صراعات وحروب لأكثر من ستة عقود, مع جيوش دول عربية مجاورة. ثم مع حركات مقاومة, راحت تنفذ عملياتها داخل إسرائيل. وأخيرا مع فصائل مقاومة داخل إسرائيل, وعلى حدودها الشمالية والجنوبية الغربية, دون أن يتمكن أي من السياسيين من إيجاد حلول لها. بل بات من طبع ومزايا السياسيين والجنرالات الإسرائيليين تصعيد المواقف والتي بدأت تعطي نتائج سيئة على إسرائيل. وكأنهم لا يفقهون في السياسة والحرب من شيء. فالجيش الإسرائيلي كالجيش الأمريكي وضعيهما بالغ السوء ,وإن تركا دون إعادة تأهيل وإعداد وتدريب وتنظيم من جديد , وعلى أسس جديدة سيصبحان مصدرين لنشر الإرهاب والجريمة ,وتنامي ظواهر الإحباط والقلق والرعب واليأس وفقدان الأمل والتي سترفع من معدلات الجريمة الاغتصاب والانتحار وإيذاء النفس والغير. وعبر عنه اللواء الإسرائيلي موشيه عبري سوكينيك بقوله: الجيش الإسرائيلي أصبح صدئا. ثم يتحدث اللواء موشيه عبري سوكينيك بوضوح أكثر, فيقول: أنا أقول بكل مسئولية أن 70 %– 80% من المسئولية حيال نتائج الحرب ملقى على كاهل القيادة وهيئة الأركان , وعلى الرغم من أن جهوزية القوات وعدم تدريبها هو أمر غير جيد ,إلا انه يشكل فقط 10% — 15% فقط من النتيجة النهائية.
· والصراع بين الساسة والجنرالات حول إسرائيل إلى ميدان لسباق الحمير وصراع الثيران. وحتى أن باراك ورئيس الوزراء أولمرت وموفاز وليفني, حولوا جلسات مجلس الوزراء إلى حلبة لصراع الديوك. فباراك يقول: حزب كاد يما يمكن الاستغناء عنه, حيث انه كحزب أشبه بمخيم لاجئين. وهو بذلك يعيب على كاد يما أنه تنظيم من منشقين عن حزب العمل والليكود وأحزاب أخرى, هجر منتسبيه أعشاشهم الحزبية ليبنوا عشا جديد يمارسون فيه فجورهم وعهرهم وجرائمهم لعله يكون أفضل وأكثر أمنا.وهنا تتحول المعارك إلى معارك بين الأحزاب. فيسارع حزب كاد يما ليرد في بيان رسمي: باراك رجل هستيري يعاني من الإجهاد ويقود حزب العمل إلى شفا الإفلاس. ويؤكد كلام كاد يما, تصريح إيهود أولمرت الذي يقول فيه: حزب كاد يما أكثر شرعية من حزب العمل الذي يتكون من ثلاثة أحزاب مختلفة, وهو يتصرف مثل حزب غير شرعي. وهنا يرد حزب العمل ببيان يقول فيه: ليس أولمرت من يعلمنا كيف نتصرف فيما زالت الدولة بكاملها تلعق جراح لسعة أولمرت التي قادت إلى أكثر الحروب فشلا في تاريخ إسرائيل. ويتحرك نائبا من كاد يما على وجه السرعة وهو النائب إسحاق بن إسرائيل ليرد قائلا: أتساءل ما إذا كان باراك يرى ليفي أشكول وديفيد بن غوريون وإسحاق شامير الذين لم يخدموا يوما في الجيش كانوا غير مؤهلين لترؤس الحكومة. ويدعم إيهود أولمرت الهجوم بعدة تصريحات قال فيها: باراك لا يستطيع أن يأتي ويلقي علينا المواعظ. وراح أولمرت يخاطب ويعنف باراك في جلسة مجلس الوزراء مخاطبا أياه بحضور جميع الوزراء وعلى مسمع من الجميع قائلا لباراك: إن تهجمات وزير الدفاع بارك على القرار 1701هي السبب في إعطاء انطباع وصورة بأن إسرائيل ضعيفة. وينتقده في الاجتماع قائلا :لو أن بعض الوزراء أحجموا عن الحديث عن القرار 1701 الذي أتى بنتائج جيدة , وأدى إلى إحلال الهدوء في الشمال لما كنا نطلق رسائل ضعف. ويسخر أولمرت من باراك بحضور الوزراء قائلا: هناك شخص أستيقظ في الصباح على لسعة بعوضة فقرر أن يصب غضبه على تسيبي ليفني بشأن القرار 1701. ويسارع وزير المواصلات شاؤول موفاز والذي هو وليفني من حزب كاد يما.ليصرح على الملأ قائلا: تسيبي ليفني أساءت إستغلال أموال ضحايا الهولوكست لصالح حملتها الانتخابية. ثم تفضح بعض الصحف الإسرائيلية علاقة الشذوذ لليفني مع رايس. وتوسل تسيبي ليفني إلى تساحي هنغبي أحد أبرز رموز الليكود ليؤيدها في حملتها الانتخابية. وتساحي هنغبي متهم بقضايا جنائية خطيرة كالخداع وخرق الثقة والرشوة والكذب والفساد. إضافة إلى أنه أبن المتطرفة والإرهابية المعروفة في العصابات الصهيونية غيئولا كوهين. والهدف من ذلك توجيه ضربة قاضية لتسيبي ليفني لإخراجها من ساحة المنافسة, والتي هي رغم ممارساتها الإجرامية والإرهابية منذ نعومة أظفارها, فهي بنظر الكثير من الإسرائيليين رمزا للنزاهة ونظافة اليد.
باختصار شديد يمكن القول: ليس باراك سوى واحد من ساسة وجنرالات إسرائيل الذين يعشش الإجرام والإرهاب في عقولهم ونفوسهم , ويمتهنوه صنعة وحرفة في حياتهم. ولفرط غبائهم لم يكتشفوا بعد, أنهم باتوا مثار للسخرية والمسخرة, حتى داخل المجتمعين الإسرائيلي والأمريكي. وأن كلامهم سخافات ليس لها من معنى. وأنهم أجبن من أن يجرأ الواحد منهم من أن يقرن قوله بفعل أو عمل. فترهات الصهيونية وأساطيرها وأسطورة الجيش الإسرائيلي الذي لا يقهر باتت من مخلفات الماضي. فزمن التهديدات ولى إلى غير رجعة. والقرار اليوم ومستقبلا لم يعد لجورج بوش وباراك ونتنياهوا وأولمرت. وإنما لصاحب الحق ,لأنه الأجدر والأقوى.
ومع أن الأمريكيين يعتبرون باراك ذكي وذو قدرة تحليلية نادرة, ومجرب. إلا أنهم متفقون على أن باراك تنقصه القدرة على القرار والثقة, واللذان هما عنصران أساسيان لكل من يسعى لقيادة الدولة. وهذه السلبية وحدها تحط من كل صفاته ومؤهلاته وشخصيته وقدراته القيادية. ولذلك رفضت الادارة الأمريكية طلب بارك تقديم مساعدة عسكرية لتحسين قدرات إسرائيل العسكرية بحيث تخولها توجيه ضربة ضد المنشآت النووية الإيرانية. بل أنهم حذروهم من مغبة شن مثل هذه الضربة, ومع عرضهم تحسين دفاعاتها لمواجهة صواريخ أرض ـــ أرض فقط. ونبه باراك على أن شن مثل هذه الضربة سيسيء إلى مصالح الولايات المتحدة الأميركية , وحتى فلن يسمح للطائرات الإسرائيلية باستخدام المجال الجوي العراقي للوصول إلى إيران. والإدارة الأمريكية باتت تعرف أن هجوما على إيران قد يولد أجيالا من الجهاديين لا حصر لهم ولا عد. ولا ترغب في الغرق في المستنقعات أكثر فأكثر. وأنها وبلادها أضحت في موقف حرج ومعقد وبالغ الصعوبة. والهجوم على إيران سيزيد في غرقها أكثر.
حتى أن أفرايم هليفي رئيس الأركان الإسرائيلي السابق. بات يسخر من باراك وحكومة إسرائيل وتهديداتهم الجوفاء. حين وصف تصرفاتهم بقوله: إسرائيل تستخدم تكتيك أمسكوني وإلا فأنني سأقوم بعمل جنوني. أو حين وصف حالة إسرائيل إبرا هام بورغ رئيس كنيست إسرائيلي سابق,حين قال: نهاية المشروع الصهيوني على عتبات أبوابنا, وهنالك إمكانية حقيقية لأن يكون جيلنا آخر جيل صهيوني. وحتى أن صحيفة بديعوت احرنوت نشرت مقالا قالت فيه: مرة وإلى البد أدركوا في دولة إسرائيل جيشا ومدنيين أننا لسنا متفوقين على بني البشر, وأننا لسنا الجيش الأفضل في العالم,وقادتنا السياسيون ليسوا نموذجا مثاليا, فنحن قد نخسر ونفشل ونهزم مثل الآخرين. فحرب لبنان الثانية لم يكن لها من داع, ولم تبعد شبح الحرب المقبلة بل العكس هو الصحيح. وباراك على الدوام يتوعد إيران وحزب الله وحركتي حماس والجهاد وفتح, بأنه سيوجه ضربات قاصمة لهم. والمضحك أن تهديداته تقصم ظهور الإسرائيليين فقط. فلا من احد يحسب حسابا لبراك وغير باراك, لأنهم سرعان ما يتراجعون عن تهديداتهم. والإسرائيليون مصدومون بافتضاح فساد وفشل ساستهم وجنرالاتهم, والتي بدأت إسرائيل تحصد نتائجها الكارثية. وباتوا أكثر قناعة بمقولة ديفيد بن غوريون والتي لخصها بقوله: إسرائيل ستزول عندما تهضم هزيمتها الأولى. ولهذا السبب يعمد ساسة وجنرالات إسرائيل على اجترار الهزائم فقط, ليتهربوا من هضمها, وهم يراهنون على الزمن والظروف قد تعيد لهم سيرتهم الأولى وتنقذهم مما هم فيه. وخاب ظنهم حين راهنوا على أن العدوان الأمريكي على العراق وأفغانستان سيفتح لهم نافذة أمل جديدة , تخلصهم من هزائمهم ومن مقولة بن غوريون . إلا أن الهزائم التي تضرب القوات الأمريكية بعنف وقوة, والمشاكل التي باتت تعصف بالولايات المتحدة الأمريكية. بددت أحلام ومطامح الامبريالية والصهيونية والإسرائيليين. ثم أن بسالة فصائل المقاومة الوطنية في لبنان وفلسطين والعراق, قزمت إسرائيل وتركتها غير مرهوبة الجانب, ولا يحسب لها من حساب. وباتت إدارة الرئيس جورج بوش هي الأخرى تجتر هزائمها, وتترك مهمة هضمها للإدارة الأمريكية القادمة للتهرب من إعلان الهزيمة, ومن خطر المحاسبة على تصرفاتها وسياساتها الإرهابية والإجرامية. والرئيس جورج بوش المرتبك ,محكوم عليه أن يزور ويزوره المهزومين والفاشلين من أمثاله فقط.
ونذكر من تنفعه الذكرى: إن تبجحات زعماء إسرائيل من شاريت إلى بن غوريون وأشكول ودايان وشارون وبيغن وغولدامائير وشامير ,كانت جميعها تبجحات فارغة وكاذبة, ونيلهم من العرب والجيوش العربية ليس له من سند. فهم حاربوا العرب بدعم من القوى الاستعمارية, وتواطؤ من الشرعية الدولية التي ظن العرب أنها ستلتزم جانب الحق والعدل, وهو ما لم يحصل. حيث حاصرت القوى الاستعمارية الدول العربية, ووقفت مع الصهاينة بكل ما تملك. ولذلك في حرب تشرين لم يكن أمام غولدامائير ووزرائها وجنرالاتها سوى البكاء والنحيب. ولولا الدعم الأمريكي, والتدخل بقواها الجوية والصاروخية والسياسية لما كان لإسرائيل من وجود.
الخميس: 11/9/2008م العميد المتقاعد برهان إبراهيم كريم
بريد إلكتروني: [email protected]