أكدت مصادر فلسطينية موثوقة أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس لا يعتزم مغادرة كرسي الرئاسة مع انتهاء ولايته في التاسع من كانون ثاني/يناير المقبل، بموافقة عربية، فيما تؤكد المصادر أن عباس توصل مع ايهود اولمرت لاتفاق على 12 بندا ضمن اتفاق إطار سيتم الإعلان عنه قبل نهاية العام الحالي، من بينها التخلي عن حق اللاجئين الفلسطينيين بالعودة، والقدس الشرقية.
المصادر تقول إن جميع الحكام العرب الذين التقاهم عباس خلال جولاته الأخيرة التي شملت العديد من العواصم العربية أبلغوه تأييدهم لبقائه على رأس السلطة رغم انتهاء ولايته. وتلفت المصادر إلى أن عباس يفعل بذلك ما يتهم به الإسلاميين من أنهم يسعون للفوز لمرة واحة في أية انتخابات ثم يرفضون النزول من على الكرسي.
وأبلغ عباس صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية أمس (الجمعة) لدى سؤاله عن متى تنتهي ولايته؛ بالقول: “نحن نجري مشاورات الآن في الموضوع. أعتقد أن الإنتخابات للمجلس التشريعي وللرئاسة ينبغي أن تجرى في آن واحد، في كانون ثاني/ يناير 2010. سنقرر ونصدر أوامر رئاسية في هذا الشأن”.
وأكد عباس في ذات التصريحات أنه يعمل من أجل عدم اندلاع انتفاضة فلسطينية ثالثة. وقال لـ “هآرتس”..”قلت ذلك في الماضي. اخطأنا حينما حولنا الإنتفاضة لكفاح مسلح، وسأقوم بكل شيء كي لا تندلع انتفاضة ثالثة مسلحة. ولكن اياكم أن تدفعوا الناس للعمل بعنف”.
المصادر تؤكد توصل عباس إلى اتفاق مع ايهود اولمرت رئيس وزراء اسرائيل على 12 بندا ضمن اتفاق إطار سيتم التوقيع عليه وإعلانه قبل نهاية العام الحالي، وربما قبل الإنتخابات الرئاسية الأميركية التي تجرى عادة في تشرين ثاني/نوفمبر، وذلك بهدف دعم فرص المرشح الجمهوري جون ماكين.
لا عودة للاجئين
“وطن” اطلعت على بعض البنود التي تم الإتفاق عليها، ومن بينها:
أولا: التنازل عن حق اللاجئين الفلسطينيين بالعودة إلى ديارهم التي أبعدوا عنها سنة 1948. وتؤكد المصادر خلافا للتصريحات التي تصدر عن أحمد قريع رئيس طاقم المفاوضات الفلسطيني، وصائب عريقات رئيس دائرة المفاوضات في منظمة التحرير الفلسطينية، مؤكدة عدم التوصل إلى شيئ، بهدف تخدير ردود الفعل الفلسطينية المعارضة المتوقعة، فإنه تم الإتفاق على مقترح اسرائيلي قديم يقضي بعودة فقط ما بين خمسة عشر إلى عشرين ألفا من الذين غادروا الأراضي الفلسطينية المحتلة سنة 1948، شريطة أن يتم ذلك على مدى عشر سنوات، وأن لا يحق لهم القيام بمعمل لم شمل لذويهم..أي أن يعود هؤلاء دون ابنائهم واحفادهم، وهم في أعمار تتراوح بين الستين والثمانين عاما، ليموتوا حيث ولدوا، دون أن يتاح لهم أن يخلفوا غيرهم في الأراضي الفلسطينية المحتلة. كما أن معظمهم سيكون معرضا للموت قبل عودته خلال العشر سنوات التالية.
مصادر موثوقة تؤكد أن عدد المتبقين من الذين غادروا فلسطين سنة 1948 يبلغ حاليا فقط خمسين ألفا.
عباس ألمح إلى ذلك مواربة في تصريحاته للصحيفة الإسرائيلية قائلا “نحن ندرك أننا إذا طلبنا منكم أن يعود الخمسة ملايين إلى إسرائيل ستنهار. ولكن يتوجب أن نتوصل إلى تسوية، ومعرفة على أي أرقام يمكنكم أن توافقوا”. وأضاف “يجب أن نتحدث عن اعتراف اسرائيل بمسؤوليتها عن مشكلة اللاجئين، وبعد ذلك بحث عودة اللاجئين فعلياً. الفلسطينيون الذين لا يعودون لإسرائيل، يعودون لفلسطين، وإذا قرروا البقاء في الدول التي يتواجدون فيها يحصلون على تعويض، وكذلك الدول التي تستوعبهم”.
وتابع عباس حديثه عن اللاجئين: “نحن نعتزم التفاوض مع إسرائيل حول عدد اللاجئين الذين سيعودون إلى داخل حدودها. ينتقدونني لأنني لا أطالب بعودة الخمسة ملايين، ولكنني أقول سنطالب بعودة عدد معقول من اللاجئين لإسرائيل. المبادرة العربية أيضا تتطرق إلى ذلك: حل مشكلة اللاجئين حسب قرار الأمم المتحدة 194 (من عام 1948)، في إطار تسوية متفق عليها مع إسرائيل”.
وينقل عن عباس قوله لمجالسيه في جلسات ضيقة “إذا اردتم دولة فلسطينية عليكم أن تنسوا العودة”.
تبادل اراضي
ثانيا: الحدود، حيث تطالب اسرائيل بالإحتفاظ بـ 5 بالمئة من اراضي الضفة الغربية، من غير القدس، وذلك مقابل الأراضي التي سيقام عليها الطريق الواصل بين الضفة الغربية وقطاع غزة، فيما يوافق عباس بالتنازل عن 8ر1 بالمئة من اراضي الضفة الغربية.
وتقول المصادر إن اسرائيل قد تقبل بالإحتفاظ فقط بـ 3 بالمئة من اراضي الضفة الغربية.
إلى ذلك تم التوافق على احتفاظ اسرائيل بالمستوطنات الكبيرة في الضفة الغربية، وخاصة مستوطنة معاليه ادوميم شرقي القدس، مقابل الحصول على اراضي بديلة في صحراء النقب، تضاف إلى قطاع غزة.
في هذا الجانب يشار إلى أنه لم يتم الإتفاق بعد على الطرق الإلتفافية التي يستخدمها المستوطنون، ووضعها المستقبلي.
عاصمة في بعض أحياء القدس
ثالثا: القدس، يرفض ايهود باراك وزير الدفاع الإسرائيلي بحث موضوع القدس من الأساس، في حين يوافق ايهود اولمرت على اقامة عاصمة فلسطينية فوق بعض أحياء القدس الشرقية. وتتواصل المفاوضات بين الجانبين حول هذه الأحياء ومساحة العاصمة الفلسطكينية المقبلة.
الأردن بدوره، وفقا لذات المصادر، يرفض أي تنازل عن القدس الشرقية، وخاصة المسجد الأقصى، وذلك لسببين:
سبب ديموغرافي يتمثل في أن عدم الإنسحاب الإسرائيلي من القدس التي أصبحت مساحتها تساوي خمس مساحة الضفة الغربية جراء توسعتها (متروبوليتان القدس) يؤدي تلقائيا إلى مزيد من الهجرة الفلسطينية باتجاه الأردن.
أن احتفاظ اسرائيل بالمسجد الأقصي يفقد نظام الحكم في الأردن شرعيته الدينية المؤسسة على احتفاظه بالمسجد الأقصى، وهذا يضعه أمام خياري فقدان الشرعية الدينية، أو خوض حرب مع اسرائيل قد تعرض كيانه (لا سمح الله) للزوال عن طريق فرض اسرائيل لمؤامرة الوطن الفلسطيني البديل على حسابه..!
المصادر تضيف أن كونداليزا رايس وزيرة خارجية اميركا ضغطت خلال زيارتها الأخيرة للمنطقة من أجل التوصل إلى صياغة عائمة بشأن الأحياء العربية، والأماكن الدينية، بما يسمح بالتوصل إلى إتفاق الإطار المطلوب قبل نهاية العام الحالي.