الإنسان العراقي مجبر على وضعه..من يغير؟ أوصلوا الإنسان العراقي لوضع وحالة لا يطالب بشيء إلا أن يستمر في الحياة، وأكاد أن أجزم أن هذه القوى التي هيأت الأجواء وخلقت الفوضى، لكي لا يتطلع العراقي لمعرفة حقوقه …وإن تعرف البعض على حقوقه، فلا يمكن له في ضل الظروف العصيبة أن يطالب بجزء يسير، بل يسعى ويتمنى الحد الأدنى.
لماذا؟
القوى التي بدأت تسيطر على مقدرات العراق تعلم لو أنها قدمت القليل للشعب المنكوب فأنها سوف تسيطر عليهم لا محال، ومن بعد يميل الشعب حيث ما تميل مصالح تلك القوى.
هل هذه فرضية، أم أنها دراسة لواقع … أم أن القتل والتهجير وعدم تقديم الخدمات الضرورية وتوفير متطلبات الحياة البسيطة اجتمعت كلها صدفةً …أم كان هناك برنامج معين أريد به خلق العوز والحرمان، وعوض التوسل والتضرع لله عز وجل تتوجه الأيدي لهذه القوى وتلك.
لو أن هذه الفكرة نسيج من خيال كاتب قصة خرافية، أو أن ما حدث ويحدث أمر طبيعي نتيجة للتغيير المفاجئ، والتحول من سلطة دكتاتورية لديمقراطية في طور البناء. حيث أن الشعب تعود للحصول على أي شئ كان بمثابة مكرمة من قائد الضرورة. فلا يعرف أن من حقه الأمن والاستقرار والعلم والتعلم، وأن الثروات الوطنية حقهُ وحده لا يمكن لأي سلطة منحهُ إياها بمنه. وأن من حقهُ الطبيعي أن يغير شكل السلطة وأن يكون هو صاحب الأمر في إدارة شؤون البلد، وأن يرشح لأي منصب وينتخب من يريد دون إكراه أو ترغيب.
هل القوى السياسية مجبرة من قوى أخرى خارجية لكي تمنع العراقي من المتطلبات الضرورية للعيش بأمن وأمان …هل من المعقول أن ورادات العراق المعلنة بهذه الأرقام الفلكية لا تكفي لسد النقص وإكمال العوز. أم أن هذه القيادات ليست قادرة على وضع خطط يمكنها من صرف الأموال بصورة صحيحة وسليمة وفق موازين وأطر تتيح للمواطن العيش الكريم. هل هؤلاء السياسيين لا يعرفون معنى وفحوى السياسة إلا النظريات والخطاب الجميل وبث الوعود والوعيد…وعند تفاقم الأزمات يلجئون للغة السلاح والقتل. هل في مخيلتهم وخلايا عقلهم ليس هناك لغة الدراسة الميدانية ووضع مراحل ترميم الخراب وتوسيع دائرة الفائدة من فوائد التغيير لكي يشمل الخير الجميع ولا يخص مناصريهم أو مؤيديهم.
هل يعلمون أن السياسة تعني تحويل الفكر النظري لواقع عملي يطبق على أرض الواقع لكي يستلذ منه المواطن ويشعر أنهُ حقاً جزء من هذا الوطن وقد كان صائباً في اختياره لسياسيين يلبون احتياجاتهم ومتطلبات الحياة الضرورية. هل أن الشعب غير واعي لحقوقه الطبيعية وحقوقه المكتسبة … أم أن القوى المسيطرة تستغفل الشعب وتتلاعب بالمقدرات طبقاً لأهواء واستجابةً للقوى المسيرة لهم.
هل الخطة أجبرت الإنسان العراقي لكي يتوسل فقط لكي يستمر في الحياة, وهل من المنطقي والمعقول أن الماء الصالح للشرب قد تحول لوباء، وهل معقول أن عراق غني بالنفط يشح على المواطن القدر الذي يمكنهُ من الطهي وتدفئة منزله، وهل من المعقول أن دولة تصرف مبالغ هائلة لكي تستورد الطاقة الكهربائية وبتلك المبالغ ممكن إنشاء شبكات توليد الطاقة الكهربائية ما يكفي العراق وجيرانه…أليس وراء هذه الأفكار الهدامة قوى ذات مصالح تدفعها لكي تجل الوضع السيئ لأسوء.
هل كثرة الأمراض المزمنة وانتشارها بهذه السرعة في مجمل مناطق العراق نتيجة صدفة أم عمل تخريبي مدبر…التاريخ يتحدث عن الكوليرا وبقية الأوبئة في قرن الثامن عشر…البعض يقول أن العراق يعيش في العصور الحجرية…لا ليس العراق كلهُ، بل الفقراء والمساكين الذي لا ارتباط لهم بالقوى المسيطرة على السلطة…وإلا الأخبار تنقل عن قيادات وسياسيين قد أنشئوا لأنفسهم وأهليهم وضع اقتصادي في غاية من الرخاء والتخمة.
هل يأتي يوماً ليظهر قياديين حقاً وطنيين؟
ولكن كيف ومتى…والأمر ليس بيد الشعب لكي يختار، لأن ضوابط معينة فرضت عليه والكثيرون أصبحوا مسيرون من قبل قوى تبقى متزمتة ومتمسكة بالسلطة وإلا تعلن الحرب لأنها بدأت تستعد لها.
لكنني أرى أن الشعب المغلوب على أمره يستعد لثورة جماهيرية عارمة تحطم جميع الأصنام المصطنعة…وهل يفيد القادة التزاماتهم الدولية والإقليمية. قيادات هذه الانتفاضة هم أصحاب القلم والكلمة الحرة…الذين لا يرغبون في سلطة أو مال ولا هم لهم إلا نصرت المظلومين والانتصار لهم.
المخلص
عباس النوري
[email protected]
11/09/08