حميد عقبي – باريس
اقيم بالمركز الثافي المصري بباريس امسية خاصة لعرض تجربة الشاعر السعودي محمد حبيبي و تجربته في الشعر المرئي مساء الثلاثاء 11 مارس حضرها عدد من المهتمين و النقادعلى راسهم الكاتب السعودي احمد ابو دهمان و الدكتور سعدي يونس بحري و الناقد السينمائي صلاح السرميني وعدد من النقاد العرب الموجودين بباريس.
و عقب العرض تنوعت الاراء و التعليقات حول هده التجربة و اشاد الكاتب السعودي احمد ابو دهمان بالتجربة و قال كدت اكثر من مرة اود ان اقطع العرض و اغني نعم نحن في الجنوب نغني كل صباح و مساء في الجنوب الناس تغني عندما تصحو و عندما تاكل و قبل ان تنام و حتى عندما تمارس الجنس يغنون في كل الاوقات لكني في باريس و لست في القرية فمن الصعب ان اغني .
كم تم طرح العديد من الاسئلة و الملاحظات حول هذه التجربة و اختلفت الاراء فالبعض راء فيها اسلوب لعرض الشعر و هناك من راء ضرورةالتفريق بين عرض الشعر بصورة مرئية و سينمائية الشعر و اعترف الشاعر بان ما يعرضة ليس افلام سينمائية شعرية و قال انا احاول تقديم و عرض قصائدي بشكل مرئي و اصبحت بالنسبة ليس متعة يومية و مصدر للسعادة فبعد ان كنت اكتب شعري بزاوية منفردة بغرفتي اصبحت اصور شعري انا و عائلتي و اصدقائي شاركني في العمل زوجتي و امي و اطفالي و العديد من اصدقائي انا شاعر و لست سينمائي و نفذت هذه الاعمال بامكانيات بسيطة جدا.
كان لنا معه لقاء قصيراً وممتعاً دار حول قضايا عديدة و تجربته في الشعر المرئي.
ـ ماذا يعني الشعر في تصوركم ؟
الشعر بمثابة عين سحرية أطل من خلالها على الحياة من حولي . وعين تطل الحياة من خلالها على داخلي . الشعر هو الحياة بوصفها كائن حي ينبض جمالا وإنسانية ومحبة وسلاما لكل مخلوقات الكون .
ـ كيف تاتي القصيدة و كم يستغرق محمد حبيبي لكتابة قصيدة ؟
حقيقة لا أعلم إلى الآن كيف يأتي الشعر ، أعرف كيف أكتب . ولو كنت أعلم الجهة التي يأتي منها الشعر لمكثت بها دون أن أغادرها مطلقا .
الشعر قد يأتي من خلال مشهد بسيط للعين ، ومؤلم أو جدّ مبهج للقلب . عصفور يرتطم بزجاج أمامي ، أو قطة تتلوى ألما تحت إطارات سيارة عبرت غير مكترثة لهذا الكائن تفنى حياته هكذا بكل بساطة . أو من خلال أثر قطرة مطر تعانق ورقة بغصن شجرة ، تقبّلُ خضرة الورقة ، ومن ثم تنزلق إلى الأرض لتبعث في حبة رمل عطشى أملا جديدا بالحياة .
قد أستغرق في كتابة القصيدة الواحدة سنوات ، وقد استغرق في كتابة قصيدة أخرى وقتا قصيرا لا يتجاوز اليوم الواحد . المهم في الأمر الحالة التي تفرضها طبيعة القصيدة . ومدى الرضا عنها بعد الانتهاء منها ، قصائد عدة استغنيت عنها بعد بذل وقت ليس بالقصير في كتابتها ، لأنها لم ترق لي .
ـ من هم الشعراء الذين تاثر بهم الشاعر محمد حبيبي ؟
لا أحب أن أكون متأثراً بأحد ، أو أقلد شعراء بعينهم . ولا يعني ذلك أنني لم أستفد من أحد . حتى الشعراء السيئيين استفدت منهم تحاشي وتجنب السوء الذي وقعوا فيه .. استفد إيجابيا من شعراء كثيرين ، من ثقافات وعصور تاريخية وأماكن مختلفة من العالم ، يصعب أن أعدهم واحدا واحدا ، لكن يمكن القول بأني استفدت من كل شاعر وقعت عيني على شعر له . بدءا من هوميروس ، والشعر الكلاسيكي الأوربي ، مرورا بالشعر العربي الكلاسيكي القديم ، والشعر الحديث بمختلف نماذج مدارسه ، وأماكنه التي وقعت تحت عيني. والشعر العربي الحديث ، والشعر في الشرق الأقصى . ولكن أكثر ما تستهويني هي التجارب الشعرية التجريبية الخارجة عن النسق العادي المعروف .
ـ ما اثر البيئة الجيزانية في تجربة محمد حبيبي ؟
جازان استفدت كثيرا من تنوع فلكلورها ، وتراثها(الشفهي) ، والتداخلات الحضارية الثقافية التي انصهرت في جازان . فهي تقع على خط عرض يتقاطع مع القارة الإفريقية من الغرب ، ومع الهند من الشرق ، ولذلك فالمنطقة قد جمعت مزيجا فريدا وخصبا في المزج بين مؤثرات مكانية مختلفة ، يتضح ذلك في اللبس ، في الرقص والإيقاعات ، وغيرها من أنماط الحياة ، إلى جانب كون جازان جزء من الثقافة العربية بالجزيرة العربية القديمة ، بسبب قربها ومتاخمتها لليمن ذات التاريخ والثقافة العربية القديمة التي تعود لعصور ما قبل الإسلام .
من هنا كان الوعي بالمكان جازان ، والاستفادة من مقوماته الخاصة تلك من أهم الروافد التي دعمت تجاربي الشعرية ، فقراءة المكان والإنسان وتاريخهما والوعي بهما من أهم الأسس التي تؤهل لقراءة الحاضر بعمق ، وهو ما تقوم عليه اشتغالاتي الشعرية .
ـ ماذا عن تجربتكم التي تسمونها الشعر المرئي ؟ متى بدات و اين وصلت ؟
فيما يخص وصف التجربة وتسميتها لست مقتنعا لا بالاسم ولا بالوصف ولم أكن الذي وضع الاسم ، أو وصف التجربة . النقاد هم من سموا التجربة بهذا الاسم ، ووصفوها .. من أكثر الأوصاف اقترابا من مكونات التجربة وصف الناقد المصري د.أيمن بكر بقوله : (هي تجربة جديدة تزاوج في اشتغالها الشعري بين عدة عناصر منها : النص المكتوب أو المنطوق(الألف بائي) والصور الفتوغرافية الثابتة(بعضها عادي، وبعضها معالج ببعض البرامج) ومقاطع الفيديو القصيرة المتحركة ، واللوحات التشكيلية ، والموسيقى ، إلى جانب الأصوات المأخوذة من الحياة ، ومن ثم تقديم هذا المزيج في كتلة بصرية سمعية واحدة : هي اللوحة الشعرية المرئية)
ومع أن الوصف السابق حاول الإلمام بالعناصر الظاهرية بالتجربة ـ التي توصف بالمرئية ـ إلا أنه يغفل عناصر أخرى ، وآليات اشتغال . عنصر الصوت مثلا فالتجربة ليست مرئية فحسب ، بل مرئية ومسموعة في آن واحد . أنا أيضا ضد تثبيت التجربة في نسق محدد . ولا أدري كيف أوصل هذا المفهوم (مفهوم قلق التغيير والتجديد المستمر ، أي خلخلة كل محاولة لتثبيت التجربة بوصف أو شكل ثابت مستقر) فالتجربة تسعى لنقض المكرس عن الشعر ، بل تسعى لنقض نفسها بنفسها . مثلا التجربة ليست مرئية مطلقا ، إلا بفهم (الرؤية نسبيا) . فهي غير مرئية وغير مسموعة ببعض أجزاء منها وخاصة الاشتغال على بعض مقاطع يسود فيها الإظلام ، وكذلك لحظات الصمت ، ففي هذه المناطق التجربة مثلا تهدف إلى استبصار الظلام المقصود بمستوياته وتدرجاته المختلفة ، وإلى سماع الصمت المقصود بمستوياته وتدرجاته المختلفة أيضا .
بدأت الاشتغال على التجربة منذ عام 2003م ، وتم تدشين أول عرض بـ2006م وأنجزت ثلاث تجارب ، تم تدشين تجربتين منها ، وأعمل على تجربة رابعة .
ـ ما هو رد فعل الاخرين خاصة النقاد في السعودية حول هذه التجربة ؟
كتب عن التجربة كثيرا ، وأثارت نقاشا وجدلا حادين ، يكاد يقارب في مجموعه كل ما كتب عن تجاربي بالكتب الشعرية المطبوعة . وتجاوزت المواد التي تناولتها في الصحافة السعودية أكثر من خمسين مادة صحفية . أغلب الكتابات كانت إيجابية وتثني على التجربة ، ولم تخل من الوقوف عند بعض الأمور التي يرى أصحابها أنها سلبيات على التجربة أن تتلافها مستقبلا . ثمة كتابات نادرة جدا هاجمت العمل بضراوة وهذه الكتابات تمثل التيار التقليدي الذي يخاف على الشعر من توظيف التقنية وتقنية الحاسوب تحديدا .
ـ ما هي العوائق التي تقف امام هذه التجربة ؟
حاليا عدم وجود سياق وتراكم للتجربة على الصعيد العربي مما يشعل المنافسة في السباق ذاته ، ويقوي التجربة بطريق غير مباشر . عدم وجود مهرجانات شعرية عربية تتبنى العروض التجريبية ، أو مؤسسات تتبنى تدريب وتأهيل الشعراء والكتاب على مثل هذه الاشتغالات التجريبية .
أيضا وجود بعض الصعوبات في محاولة الترجمة الكاملة للتجربة للغات الأخرى ، إذ فيها أجزاء يصعب ترجمتها ، وذلك يرجع إلى طبيعة بعض عناصر التجربة ذاتها ، وخاصة المعتمدة على أصوات ومشاهد مأخوذة من الحياة الطبيعية كما هي معاشة بسياق حياتي متنمي لثقافة مختلفة عن أماكن أخرى من العالم . إلى جانب الصعوبة الأساسية المتمثلة في ترجمة الشعر ذاته ، وفقدانه للكثير من جوهره عند نقله للغات أخرى .
ـ ما هي الامكانيات التي يمكن أن تطور بها هذه التجربة ؟
الاحتكاك والانفتاح أكثر على جهتين : الأولى كافة الفنون البصرية والحركية والسمعية ، والثانية الاشتغالات الأخرى التي تقارب التجربة بأماكن مختلفة من العالم ، فهذا التواصل من شأنه تبادل الخبرات ، ونقل التجارب لمستويات اشتغال أعلى . فالفن إجمالا والشعر خاصة مشترك إنساني عام غايته تقديم المتعة والفائدة والجديد بكل وقت ومكان ، وبكل الوسائل المتاحة ، دون الانحياز لأي شيء من شأنه أن يكون عائقا عن التطور والتجديد .
ـ ماهي الرسالة التي تودون توجيهها عبر هذا اللقاء ؟
أود أن تتاح لي فرص عرض التجربة بأكثر من مكان بالعالم ، كما أود أن يتاح الاشتغال بهذه التجربة عربيا . وأتمنى من قلبي أن تتاح لي فرصة التفرغ النطلق لممارسة الاشتغال الشعري قراء وكتابة . وأن أحتك بالتجارب القريبة من سق اشغال التجربة المرئي ، بكافة أرجاء العالم .
ـ كلمة اخيرة ؟
هي الشكر الخالص لكل من مد لي يد العون أو المساعدة ، والشكر الخالص لك د. حميد على وجه الخصوص . وأتمنى أن يرى أفق اشتغالك بسينمة الشعر الاهتمام على نحو أكبر في الوطن العربي ، وأن تكلل تجاربك بالنجاح وكل فرص العرض التي يستحقها نسق اشتغالك الحيوي والمهم .
1ـ نبذه من السيرة الذاتية ؟
محمد حبيبي ، شاعر من السعوديــة
مواليد : جازان ـ ضمــد 1968م
صدر له :(أعمال شعرية مطبوعة)
انكسرتُ وحيـداً ، دار الجديد بيروت لبنان 1996م
أطفئُ فانوس قلبي/نادي جازان الأدبي ، السعودية(2003م)
الموجدة المكيّة ، دار طوى/السعودية، بالتعاون مع مؤسسة الانتشار العربي بيروت 2007م
أنجز وعُرضت له :(تجارب شعرية مرئية)
غواية المكان ، تجربة شعرية مرئية، دُشِّنتْ ، بنادي جازان الأدبي/السعودية/4ديسمبر2006،وتوزع باسطوانة مدمجة (إصدار خاص).
حدقة تسرد ، تجربة شعرية مرئية، دُشِّنتْ ، بنادي المنطقة الشرقية الأدبي/السعودية/13نوفمبر2007،وتوزع باسطوانة مدمجة(إصدار خاص) .
وله قيد الاشتغال(بصيرة الأمل) تجربة شعر مرئية ..
ونصوص أخرى ..
ـ دكتوراه الفلسفة في الأدب العربي (2003م)
ـ أستاذ مساعد في الأدب العربي جامعة جازان .
المشاركات :
ـ مهرجان الشعر الخليجي الثامن .
ـ ملتقيات قراءة النص : الرابع ،والسادس، والسابع نادي جدة الأدبي/السعودية .
ـ ملتقى صنعاء الأول للشعراء الشباب العرب (شعراء التسعينيات) (2004).
ـ ملتقى صنعاء الثاني للشعراء الشباب العرب (2005).
ـ مهرجان الشعر العربي الثالث سوريا(2007)
ـ أمسيتان شعريتان في اتحادي الأدباء بصنعاء ، وعدن .(1995)
ـ عدد من الأمسيات الشعرية(المنبرية) المشتركة في الأندية الأدبية السعودية .(1992ـ2003)
عدد من العروض المنفردة لتجارب شعرية مرئية بالأندية الأدبية بالسعودية(2006/2007) وعرض واحد مرئي بسوريا2007