في مثل هذا اليوم قبل سبع سنوات، هوجمت الولايات المتحدة بطائرات مدنية وقُتل نحو ثلاثة آلاف شخص، فانطلقت بعدها في حربها على الإرهاب من أفغانستان ثم العراق ولم ترتوِ، ومن ادّعت أنه «قاتلها» حرّ طليق. بعد سبع سنوات على هجمات الحادي عشر من أيلول على برجي مركز التجارية العالمية ووزراة الدفاع الأميركية «البنتاغون»، لا تزال الشكوك تحوم حول الرواية الرسمية الأميركية، ناهيك عدا عن نتائج الحرب على الإرهاب التي أعلنتها إدارة جورج بوش باسم هذه الهجمات، فالواقع يُشير إلى أنّ شوكة تنظيم «القاعدة» قويت وزعيمه أسامة بن لادن يصول ويجول في المناطق القبلية الباكستانية.
وصدرت العديد من الروايات عن صدقية الرواية الرسمية الأميركية حول الهجمات، ووصلت بعض الدراسات إلى التشكيك في أنّ انهيار مركزي التجارة العالمية بهذا الشكل المريب لا «يُعقل» أن يكون ناجماً عن ارتطام طائرتي ركّاب، وأنه لا بدّ أن يكون هناك «انفجار من الأسفل» أدّى إلى انهيارهما.
ويرى أستاذ الفيزياء، ستيفن جونز، أن طبيعة انهيار البرجين التوأمين والمبنى رقم 7 في مركز التجارة العالمي لا تفسرها الرواية الرسمية فالطائرات لم تسقط البنايات والتفسير الأقرب أن تدمير تلك البنايات كان من خلال عملية «هدم بالتفجير المتحكّم به تمت باستخدام متفجرات مزروعة سلفاً».
في آخر كتاب صدر تحت عنوان «الحادي عشر من أيلول والإمبراطورية الأميركية»، يشكّك مفكرون بالرواية الرسمية عن هجمات 11 أيلول، ويقول محرّرا الكتاب، دايفيد راي غريفين وبيتر ديل سكوت، إنّ باحثين توصلوا إلى أدلة تفنّد الرواية الرسمية «بشأن المسؤول عن تلك الهجمات»، والتي وقفت وراء «الحرب العالمية على الإرهاب التي استهدفت حتى الآن كلاً من أفغانستان والعراق». ويرى الكاتبان أنّ هناك تجاهلاً لأدلّة يقدّمها باحثون مستقلون بحجة أنّهم «أصحاب نظرية المؤامرة»، ويتساءلان لماذا لا تكون الرواية الرسمية في حد ذاتها «مؤامرة».
ويقول الأستاذ الجامعي العضو السابق في إدارة بوش، مورجان رينولدز، إن «أحداث الحادي عشر من أيلول كانت أكذوبة كبيرة لها علاقة بمشروع واشنطن للهيمنة على العالم». أما أستاذ القانون ورئيس مؤسسة سلام العصر النووي، ريشارد فوولك، فيدعي أنّ «إدارة بوش يحتمل أن تكون إما سمحت بحدوث الهجمات وإما تآمرت لتنفيذها لتسهيل مشروعها».
وتتحدث الأستاذة الجامعية كارين كوياتكوفسكي، التي عملت ضابطة في الجيش الأميركي لمدة عشرين عاماً حتى 2003، عن تجربتها الشخصية وتقول إنها كانت حاضرة يوم 11 أيلول في وزارة الدفاع وإن «لجنة 11 أيلول لم يكن بين أعضائها أي شخص قادر على تقويم الأدلة»، مشيرة إلى أنّها لم تر حطام الطائرة التي قيل إنّها ضربت مقرّ وزارة الدفاع ولا الدمار الذي يُتوقع أن يحدثه هجوم جوّي.
ليس الخبراء والباحثون وحدهم من يشكّك بالرواية الرسمية الأميركية، بل عامة الناس من كل أرجاء العالم؛ فقد كشف استطلاع عالمي للرأي أجرته «شبكة وورلد بابليك أوبينيون» في 17 بلداً أن غالبية بسيطة في تسعة بلدان فقط تقبل الرواية الرسمية الأميركية، فيما يتهم 15 في المئة إدارة بوش بتدبير الهجمات ويعتقد سبعة في المئة أن إسرائيل وراءها.
كائناً من كان منفّذ الهجمات، النتيجة واحدة: لقد مهّدت للحروب الأميركية على الإرهاب، والتي بدأت من أفغانستان على وعد الانتقام لنحو ثلاثة آلاف ضحية سقطوا تحت ركام برجي التجارة، وإحضار «بن لادن إلى العدالة». فلا بن لادن أُحضر إلى العدالة ولا تنظيمه سقط بل على العكس، بات أكثر خطورة من ذي قبل بحسب تقارير الاستخبارات الأميركية وأعاد تنظيم صفوفه في المناطق القبلية الباكستانية المحاذية لأفغانستان. ويرى الخبير الباكستاني، أحمد رشيد، أنّه «ما دام الإرهابيون قد وجدوا ملاذاً يزداد أماناً عند تخوم باكستان وأفغانستان، فإنّ خطر القاعدة يتفاقم».
في المقابل، يرى خبراء ومسؤولون أن مسألة تعظيم تهديد «القاعدة» مبالغ فيها، ويعتبرون أنّ شبكته بدأت بالضمور، مستندين إلى «شبه الهزيمة» التي لحقت بأتباعه في العراق، ولنجاح حملة القمع في السعودية وعجزه منذ ثلاث سنوات عن تنفيذ اعتداءات ضخمة في الغرب، وفقدانه للقاعدة الشعبية بعدما انقلبت شريحة واسعة من الرأي العام في الدول العربية والإسلامية عليه جرّاء عملياته الانتحارية التي ما قتلت إلا المدنيين.
غير أن الرئيس السابق لـ«وحدة بن لادن» في «سي أي إيه»، مايكل شاور، أشار إلى أنّ النجاح في العراق لا يعني أن «القاعدة» قد هُزم.
وقال «إنّها عقيدة وليست جيشاً، وما دمنا سنواصل السيطرة على العالم الإسلامي بمروحياتنا الأباتشي ومدرعاتنا وآلياتنا الهامفي وأصدقائنا الدكتاتوريين، فسيبقى القاعدة».