سعدون شيحان
لم تكن الأقدار تحمل الروتين الاعتيادي لعقارب الزمن في الحادي عشر من سبتمبر سعدون شيحان
لم تكن الأقدار تحمل الروتين الاعتيادي لعقارب الزمن في الحادي عشر من سبتمبر …لقد كان اليوم يحمل رسالة عالمية تعكس مفاهيم جديدة تخرق الأسلوب الحضاري وتنطلق منها ستراتيجيات خاطئه في التعامل مع العلاقات الإنسانية بين المجتمعات وابرز الضحايا لم يكونوا من الذين قتلوا في أبراج نيويورك ..بل من الذين أصبحوا ضحايا تدويل مفهوم الإرهاب المستنبط من الحادثة المشؤومة …
لقد أريد لأيلول أن يحمل فكر البحث عن أسلوب يحترم حياة البشر وإيجاد صيغة مقبولة لا تمتهن كرامة الإنسانية خلف الأجندة الاستعمارية والاستهانة بالحضارات البشرية .ولكن كان الجاني والمجني على خط المسار ذاته من الخطأ !! لان ضحايا مشاريعهم هم من تباكوا عليهم !
قبل الحادي عشر من سبتمبر كانت هناك مفاهيم عالمية منها حوار الحضارات وهو نقطة الالتقاء بين الثقافات البشرية وحضارات المجتمعات في العالم وكان العالم يسعى لترسيخ مفهوم التعايش السلمي والسلام بين أقطابه ..ولكن خطوط المسار لتلك المشاريع لم تحمل الشفافية المطلقة لرؤية غربية وتحديدا الأمريكية لأسلوب التعاطي مع الإطراف العالمية الأخرى …ولعل العالم شهد مقدار تغير الأسلوب الحضاري في التعامل الأمريكي مع باقي مجتمعات العالم وتحديدا المجتمع الإسلامي والشرق أوسطي على وجه العموم بعد إن استهدفت الولايات المتحدة وطالها سحب الغضب والحنق من السياسة الاستعلائية وتغييب الآراء المقابلة في العالم وعدم احترام حقوق الإنسان وهنا نجد إن المعبر عن ذلك الحنق ليس بالضرورة من قتل الإنسانية في الحادي عشر من سبتمبر ..أن ابرز منتقدي السياسة الأمريكية ليسوا متفقين مع أوكار تورا بورا مطلقا ولكنهم رؤى أن هذا اليوم أصبح درس قاسي على البشرية وبالمقابل رسالة يجب أن تعيها الولايات المتحدة ويجب أن تدرك الخلل في استغلال البشر لنشر المفاهيم الخاطئه..
ابرز دول العالم والمؤثرة في محيطها تحدثت علانية عن رفض تلك الحادثة وبشكل مطلق بل إن ابرز مؤيديها هم من قاموا بها تحديدا…. لم يكن هناك من رحب بالذي جرى ولكن في الوقت ذاته كان هناك همس انتشر بشكل لافت تمحور على ضرورة أن تعي الولايات المتحدة قسوت أن يكون البشر ضحايا الصراع …وعكس تلك الرسالة انطلقت جيوش أمريكا لاستباق الاستهداف مكملين الأخطاء في تغليب القدرة على الفعل وتغييب القدرة على الفكر المتوازن الذي يخلق الحلول للازمات الدولية ..ومعه اتخذت العلاقات الإنسانية طابع أصبح يتسم بالصراع للحضارات وإرسال مفهوم حوار الحضارات إلى غرف الإنعاش وإعادة العالم لنقطة الحرب العالمية وأجواءها ولكن المعادلة ابتدءات بعد الحادي عشر من سبتمبر من حمم الحرب الباردة لتطغى بالنهاية لنذير بعودة الحروب العالمية والسبب هو عدم فهم الرسالة الإنسانية من طرف الولايات المتحدة …ربما خزين القوة العسكرية كان أعلى رصيدا لدى صقور البيت الأبيض من منافذ الحلول لدى الحمائم وتماشيا مع مفهوم هيبة القوة العظمى وزعامة العالم ..ولكن هناك أفاق أخرى لم تكن حاضرة في فكر الولايات المتحدة منها أرضية التواصل مع العالم من خلال ثقافة الحوار وإيجاد الحلول وتعسكر العالم والتخندق خلف الأحلاف والقوى الدولية الذي سيأتي على أخر أنفاس التعايش السلمي وعالم يلتقي فيه الغرب مع الشرق والشمال مع الجنوب ..
أكثر ما بات مصدر إزعاج للعالم هو عدم فهم التقاء المجتمعات والتواصل بين المكونات وخاصة لدى أمريكا …. لو كان هناك أفق معقول ومساحة مقبولة لسائر تلك المجتمعات وخاصة التي ترى إنها دوما تمارس دور الضحية لوجدت أرضية من التعاطي مع الحقوق المشروعة درءات عن العالم الخوض في تنافر محموم وتباعد لأفكار البشر .
إن رسالة الحادي عشر من سبتمبر مع أنها قاسية جدا على الإنسانية إلا أنها واضحة …البشر أينما كان هو قيمة أعلى من المشاريع الاستعمارية وتحقيق المكاسب ..ولا يمكن بأي حال من الأحوال حرق البشر خلف المشاريع والأفكار الاستعمارية .
ولكن هل وجدت أمريكا نفسها مستعدة لسماع أراء المنتقدين ؟
لم يكن ما جرى بأي حال مهم جدا سوى على صعيد كونه مدخل لتنفيذ المشاريع الإستراتيجية في التعامل مع باقي العالم هكذا أصبحت الرؤى الأمريكية الحديثة ..لقد سمحت أمريكا لنفسها الثأر ممن تريد وكيفما تشاء ..وعلى عجل ووفق سيناريوهات قديمة تبحث عن تكريسها على ارض الواقع رسمت خطوط التمزق الجديد للتعايش الإنساني في العالم وتنطلق جيوش أمريكا نحو أفغانستان كونها معقل لأسامة بن لادن ومسرح للمقاتلين العرب الذين انطلقوا نحو أمريكا ودون أن تفهم أمريكا العالم لماذا دربتهم في معسكر الفاروق وأغدقت عليهم بأسلحة أمريكية واليوم تتخذهم ذريعة لاحتلال أفغانستان ..
أما العراق وهو المحور الثاني فربما هو أصبح علنا من اشد أوراق منتقدي أمريكا لاستهداف بلد بذريعة الإرهاب ولم تستطع إثبات شيء من تلك الذرائع التي ساقت خلفها جيوش العالم ولكن مع ذلك….. خرق جديد ..وتمادي… واستهانة بعقول البشرية ولكن كان عليها أن تمنح نفسها ذريعة ذلك بحجة الحادي عشر لأنها قرءات الرسالة بالمقلوب ولأنها تسعى لحرق المتبقي من اتفاقية السلام العالمي وفرض الهيمنة المطلقة على مسارح العالم .
ويبقى المهم في الموضوع هو أن الحادي عشر من أيلول رسالة أزعجت أمريكا !! ولكن هل أمريكا مستعدة لسماع أراء المنتقدين ؟
سعدون شيحان
أعلامي و كاتب عراقي