بقلم نقولا ناصر*
ليس الامر الاهم في كتاب بوب وودوورد عن “الحرب من الداخل: تاريخ سري للبيت الابيض ، 2006 – 2008” ، المقرر نشره اليوم الاثنين ، انه يكشف تجسس الادارة الاميركية على رئيس وزراء النظام الذي انبثق عن احتلالها للعراق نوري المالكي بدليل ان السكرتيرة الصحفية للرئيس جورج دبليو. بوش في بيان لها لم تنف هذه الواقعة ورفضت التعليق عليها ، اذ ان تجسس الادارات الاميركية على “اصدقائها” واعدائها على حد سواء هو من الاسرار المكشوفة للراي العام العالمي ، بل ان الاهم في الكتاب هو كونه دليلا جديدا يؤكد حقيقة التضليل الاعلامي المفضوح الذي مارسه بوش وادارته ، وما زالا يمارسانه ، حول غزو العراق واحتلاله .
ففي مقال نشره مستشار الامن القومي ستيفن جيه. هادلي في الواشنطن بوست يوم الجمعة الماضي حاول البيت الابيض الاميركي دحض بعض ما جاء في الكتاب قائلا انه يصور بوش وكانما كان يضلل الجمهور في تصريحاته عن الحرب ، فالكتاب على سبيل المثال “يقول ان بوش كان يعتقد في المجالس الخاصة بان الجهود الاميركية كانت تواجه الفشل خلال تلك الفترة حتى عندما كان يصرح في العلن بان الحرب كان يجري كسبها” كما قالت البوست في السادس من الشهر الجاري .
وربما يكون احدث مثال على التضليل الاعلامي الاميركي هو استمرار التغطية على النفط كهدف رئيس للغزو والاحتلال باختيار ساره بالين حاكمة ولاية الاسكا ، التي يدور جدل اميركي واسع حول استثمار او عدم استثمار احتياطيات النفط فيها ، مرشحة لمنصب نائبة مرشح الحزب الجمهوري للرئاسة الاميركية ، جون ماكين ، الذي يدعمه بوش وادارته والذي يقول كثير من المعلقين الاميركيين انه سيمثل في حال فوزه “ولاية” ثالثة لبوش نفسه ، فهذه المرشحة غير المعروفة على المستوى القومي الاميركي التي جيء بها من ولاية اميركية نائية قليلة السكان تكاد تكون “امية” في السياسة الخارجية لكنها “ملمة” تماما بالنفط وصناعته حد ان تناشد المؤمنين في خطاب لها في شهر حزيران / يونيو الماضي الصلاة من اجل نجاح مشروع كلفته ثلاثين مليار دولار لمد خط لانابيب الغاز في الولاية “باذن الله” ولكي تذكرهم في الوقت نفسه بان ارسال القوات الاميركية الى العراق كان “مهمة من الله” ، دون ان تفسر لماذا ، لكن بوش ونائبه ديك تشيني كانا قد اعفياها من أي تفسير منذ مدة طويلة ، اذ قبل الغزو باربع سنوات ، في خريف عام 1999 ، قال تشيني في لندن في صراحة تخلى عنها بعد الغزو: “بحلول عام 2010 ، سوف نحتاج الى خمسين مليون برميل (اضافية) يوميا ، وما يزال الشرق الاوسط ، حيث يوجد ثلثا النفط والكلفة الاقل (في العالم) هو المكان الذي توجد فيه الجائزة” !
غير ان تسريب نص لم تتاكد صحته او عدم صحته لمسودة اتفاقية وضع القوات الاميركية في العراق (صوفا) التي يسعى الاحتلال الاميركي والحكومة المنبثقة عنه في بغداد الى ابرامها لشرعنة الوجود العسكري الاميركي ، بعد انتهاء شرعية الامم المتحدة التي يتستر هذا الوجود غير الشرعي بها منذ الغزو عام 2003 اوائل العام المقبل ، كان في حد ذاته تسريبا يكشف تكتيكات التضليل الاعلامي الاميركي لانه يوحي بحرية مفقودة في نشر المعلومات ويعطي انطباعا خادعا ب”الديموقراطية” بينما جرى ويجري ، بصورة تفتقد أي حد ادنى ذي صدقية من التكافؤ والندية ، “التفاوض” مجازا بين دولة الاحتلال وحكومة منبثقة عن الاحتلال على الاتفاقية وراء الكواليس وداخل الدهاليز السرية في معزل كامل عن أي مشاركة شعبية او رقابة تشريعية بهدف اخفاء حقيقة ان اخراج هذه الاتفاقية الى حيز التنفيذ لا علاقة له باي “مفاوضات” حقيقية ولا يعدو كونه بحثا بين القوة المحتلة وبين شركائها او وكلائها المحليين عن افضل الطرق لتمريرها .
ومع ذلك فان أي قراءة سريعة غير متانية للنص المتسرب او المسرب سيكشف المسودة باعتبارها نموذجا “قانونيا” للتضليل الاعلامي وخداع الراي العام بسبب التناقض الفاضح بين ما يروج عن الاتفاقية ، التي لم يسرب شيء بعد عن ملاحقها السرية ، باعتبارها اتفاقا “مؤقتا” بين “سيادتين” على “انسحاب” قوات الاحتلال وبين النص فيها على اقامة طويلة للاحتلال تضفي موافقة “عراقية” رسمية على كل الامتيازات التي تتمتع بها قواته والتي اكتسبتها بالقوة المسلحة للغزو ، اذ بالرغم من النص صراحة على “السيادة” العراقية سبع مرات في المسودة المسربة والاشارة ثلاث مرات الى الصفة “المؤقتة” لاستمرار وجود قوات الاحتلال فان المسودة لم تنص على أي موعد محدد للانسحاب الاميركي ولا حتى موعد لانسحاب قوات الاحتلال من المدن ، لا بل انها تضمنت نصوص مقترحات اميركية وعراقية منفصلة حول الموعدين للايحاء بوجود “اختلاف” تحسمه المستويات السياسية الارفع عند اقرار الاتفاقية رسميا ، والموعد الوحيد “الملزم” الذي تنص عليه المسودة هو”تبادل .. المذكرات” الرسمية بالاتفاقية النهائية “قبل انتهاء العمل بقرار مجلس الأمن للأمم المتحدة رقم 1790، في موعد أقصاه 31 كانون الأول/ ديسمبر” (البند 5 المادة 27) .. حتى لو لم يوافق الطرف “العراقي” عليها او وافقت حكومة المنطقة الخضراء ببغداد عليها ، وهي طبعا موافقة مسبقا ، لكن “البرلمان” لم يقرها !
فالنص على مهمات طويلة الامد لا سقف زمنيا لها مثل “تعزيز” الامن “المشترك والمساهمة في السلم والاستقرار الدوليين ومحاربة الارهاب والتعاون في مجالات الأمن والدفاع ولردع التهديدات الموجهة ضد سيادة وأمن ووحدة اراضي العراق” كما جاء في مستهل الديباجة ينسف ما جاء في هذه الديباجة عن التظاهر ب”الاحترام الكامل لسيادة العراق “وفق اهداف ومبادئ الامم المتحدة” لانه لا يشترط أي مشاركة او مصادقة للهيئة الاممية على اتفاق بنقل وصايتها على العراق الى الولايات المتحدة ، لا بل ان المسودة استبعدت أي دور للامم المتحدة في تسوية الخلافات التي قد تنجم عن تنفيذ الاتفاق او تفسيره (المادة 24) ، وحصرت تسوية هكذا خلافات بلجان ثنائية ، اما الاشارة الى احترام الطرفين “لسيادة كليهما” فانها عبارة مضللة تخفي الزام بغداد باحترام “السيادة الاميركية” في العراق اكثر من احترامها في الولايات المتحدة نفسها . ان استهلال الاتفاقية بمثل هذه الديباجة التي تتحدث عن “السيادة والتعاون المشترك” لم يستطع تضليل احد للاعتقاد بوجود سيادة عراقية حقا في ظل الاحتلال يمكنها ان تبرم أي اتفاق سيادي او اخفاء كون الهدف الرئيس للاتفاقية هو اضفاء شرعية عراقية على استمرار وجود قوات الاحتلال بعد انتهاء شرعية الامم المتحدة التي تستظل بها بنهاية العام الحالي ، وحتى بعد انتهاء العمل بالاتفاقية فان المسودة تستشرف صراحة بقاء وجود عسكري اميركي في العراق: “4 ـ مع انتهاء انسحاب جميع قوات الولايات المتحدة المقاتلة كما في الفقرة (1) من هذه المادة (25) ، فإن ما يتبقى من القوات وفق هذا الاتفاق سيكون بناء على طلب حكومة العراق” ، لا بل ان “المفاوض” العراقي المفترض الزم نفسه ب”موافقة الطرفين المشتركة” على تقليص او تمديد اية مواعيد قد يتم الاتفاق عليها لانسحاب القوات المحتلة (5/26) !
ولا يقل تضليلا تكرار عبارة “بموافقة الطرفين” للايحاء بان الاتفاقية يجري التفاوض عليها وسيتم ابرامها بين “شريكين ذوي سيادة ومستقلين ومتكافئين” كما جاء في الديباجة ، بينما في التنفيذ يخضع كل شيء لموافقة كليهما ، والمعنى هنا غني عن البيان تماما في ان القوة المحتلة ستفرض ارادتها وفي ان جهة سياسية تدعي تمثيل شعبها تمنحها “فيتو” ينتقص تماما من سيادة هذا الشعب .
وفي سياق “الاعفاءات” شبه الكاملة الواردة في المسودة “الممنوحة” ، بموافقة الطرفين طبعا ، لقوات الاحتلال والتي تمنحها حرية حركة كاملة للدخول الى العراق والخروج منه وفي داخله ، برا وبحرا وجوا ، بولاية قانونية اميركية تامة باستثناء حالات فردية جنائية مشروطة ايضا ، يلفت النظر البندان (3) و (4) من المادة الحادية عشرة: “لقوات الولايات المتحدة تشغيل انظمة الاتصالات السلكية واللاسلكية الخاصة بها .. ويشمل ذلك حق استخدام ما يلزم من السبل والخدمات الخاصة بأنظمتها لتأمين القدرة الكاملة على تشغيل انظمة الاتصالات السلكية واللاسلكية . وتشغل قوات الولايات المتحدة انظمتها وفق دستور الاتحاد الدولي للاتصالات السلكية واللاسلكية وتطبق انظمة اللاسلكي هذه حيثما كان ذلك قابلا للتطبيق . وتعفى قوات الولايات المتحدة من أية متطلبات تتعلق بدفع رسوم عن استخدام موجات الارسال والترددات المخصصة او التي تخصص مستقبلا ، بما في ذلك اية رسوم ادارية او اية رسوم اخرى ذات العلاقة” .
فهذا “الاعفاء” يرفع التضليل الاميركي الى مستوى الوقاحة عند مقارنته بضجة اعلامية وسياسية اثارتها واشنطن ضد شبكة اتصلات حزب الله في لبنان كادت تزج البلد الشقيق في اتون حرب اهلية لولا صحوة متاخرة للدبلوماسة العربية ، فما تمنحه القوة المحتلة للعراق لنفسها ويمنحه لها وكلاؤها المحليون من “امتياز” تنكره على قوة مقاومة وطنية تستخدم الامتياز نفسه لحماية وطنها ونفسها من الاحتلال ومن تجسسه عليها ، وهذه حماية لا تحلم بها حكومة المنطقة الخضراء ورئيس وزرائها في بغداد ، كما اثبت وودورد في كتابه الاخير . وفي سياق المقارنة بين الحالتين العراقية واللبنانية يلفت النظر ايضا ان مسودة الاتفاقية الاميركية العراقية تسحب كل الامتيازات والاعفاءات التي تمنحها لقوات الاحتلال لتشمل “المتعاقدين” مع هذه القوات ، ومنهم حسب المصادر الاعلامية العراقية اكثر من ثلاثين شركة “امنية” اسرائيلية ، بينما المتعاقدون المماثلون مع دولة الاحتلال الاسرائيلي في لبنان لا يتمتعون باتفاقية مماثلة تضفي الصفة القانونية عليهم !
ان ما كشفه التقرير الذي اصدره مكتب الميزانية في الكونغرس الاميركي (سي بي او) مؤخرا عن خوصصة او خصخصة الحرب الاميركية على العراق يندرج في اطار الخداع المنظم للراي العام ، فالرقم القياسي لعديد “المتعاقدين” من شركات القطاع الخاص مع قوات الاحتلال الاميركي وقيادتها في البنتاغون قد بلغ (190) الف متعاقد ، وقدر المكتب ان هؤلاء المتعاقدين كلفوا الميزانية الاميركية منذ عام 2003 حوالي (100) مليار دولار او عشرين في المائة من تكلفة الحرب ذهب منها حوالي (12) مليار دولار للمرتزقة “الامنيين” في شركة بلاك ووتر ونظيراتها . وتتكتم حكومة واشنطن وكذلك حكومة المنطقة الخضراء على الدور الحالي والمستقبلي للمرتزقة لان دورهم في استمرار الاحتلال جزء رئيسي لا يتجزا من الحرب العدوانية المتواصلة على الشعب العراقي وهم جزء لا يتجزا من مؤسسات الاحتلال وبالتالي فان سحب هؤلاء المرتزقة ينبغي ان يكون جزءا لا يتجزا من أي سحب لقوات الاحتلال النظامية .
ان اختيار الوكيل “العراقي” للاحتلال لعبارات مثل الانسحاب الاميركي او جدولة هذا الانسحاب لوصف اتفاقية يقول المحتلون انفسهم انها لتنظيم وجود قواتهم في العراق بعد انتهاء وصاية الامم المتحدة هو قمة التضليل الاعلامي للشعب العراقي ، خصوصا وان هذا الوكيل او الوكلاء كانوا الى ما قبل فترة وجيزة يجاهرون برفضهم لمجرد التفكير بجدولة انسحاب قوات الاحتلال حتى في الامد الطويل الى ان فرض عليهم الرفض الشعبي للاحتلال وتصاعد المطالبة بانهائه اليوم قبل غدا الانحناء امام العاصفة الشعبية وركوب موجتها . وكان لجوء هؤلاء الوكلاء الى التضليل الاعلامي حتميا باعتباره الخيار الوحيد امامهم لتحريف المطالب الوطنية وتزييف الارادة الشعبية فكانوا بذلك يقلدون اساليب ووسائل التضليل الاعلامي التي استخدمها الغازي الاميركي لخداع شعبه ومشرعيه والامم المتحدة ومجلس امنها لتسويغ غزوه فاحتلاله ثم لتسويغ استمرار وجود قواته المحتلة في العراق في الوقت الحاضر بغطاء من شرعية عراقية مزعومة بعد ان عجز عن تكرار خداع الكونغرس والهيئة الاممية لانتزاع شرعية منهما تغطي استمرار هذا الوجود .
فمنذ قررت ادارة بوش التعتيم على مصادقة الكونغرس الاميركي ال107 بجمهورييه وديموقراطييه على “القانون العام رقم 107 – 243” المعروف باسم “التفويض باستخدام القوة المسلحة ضد العراق” في شهر اكتوبر / تشرين الاول عام 2002 باغلبية 296 صوتا ضد 133 في مجلس النواب و77 صوتا ضد 23 في مجلس الشيوخ وبدات تبحث عن مسوغات لتنفيذ ذاك القانون تورطت ادارة بوش وورطت معها دولا اخرى في سلسلة من الادعاءات تكشفت حلقاتها الواحدة تلو الاخرى عن كونها مجرد اكاذيب صريحة مدروسة ومتعمدة لتسويغ الغزو فالاحتلال ، وما زالت هذه الادارة تمارس سياسة التضليل الاعلامي نفسها لشعبها قبل غيره لتسويغ فشل مشروع احتلالها وتسويغ استمرار وجودها العسكري في العراق ، فبوش الذي انتهك الدستور الاميركي مرة عندما اختار تضليل السلطة التشريعية بمعلومات كاذبة يتجه اليوم الى انتهاك دستور بلاده مرة ثانية بتجاهل الكونغرس لانه لم يعد يستطيع تضليله لكي يتمكن من تمرير اتفاقيتة الامنية مع العراق . ان الدعوة المعلنة التي وجهتها الحكومة الوكيلة للاحتلال في بغداد الى وضع جدول زمني للانسحاب الاميركي لا تقل خداعا للراي العام عن الخداع الذي تمارسه ادارة بوش ، كما تكشف المسودة المسربة ، ومثل بوش ، فان ما اطلقت عليها البروباغاندا الاميركية قبل الغزو اسم “المعارضة العراقية” وما تطلق عليه بعد الغزو اسم “الحكومة العراقية” تجاهلت في ابرام مسودة الاتفاقية الامنية حتى المؤسسة التشريعية التي انبثقت عن الاحتلال من اجل منحه شرعية عراقية وهي كما تشير كل الدلائل تتجه نحو تجاهلها عند توقيع هذه الاتفاقية في صيغتها النهائية ، برسم موافقة “البرلمان” العراقي اللاحقة عليها .
ان ما تنص المسودة عليه من “اتفاق الطرفين” على اية مواعيد لانسحاب قوات الاحتلال قد نفاه الناطق بلسان البيت الابيض الاميركي جوردون جوندرو عندما اكد على ربط أي انسحاب بتطور الوضع الامني واحراز “تقدم سياسي” في العراق ، ومرجعية تقويم الامرين سوف تظل بالتالي اميركية وشرطا اميركيا مسبقا وهو ما يتعمد الطرفان التعتيم عليه ايضا ، غير ان تحول مسودة الاتفاقية الى موضوع شد وجذب بين المتنافسين على الرئاسة الاميركية فضح هذه الحقيقة اذ اصدر المرشح جون ماكين في الثاني والعشرين من الشهر الماضي بيانا اكد فيه ان الانسحاب المتفق على مسودته مشروط وقال ان “جميع المواعيد الواردة في مسودة الاتفاق الامني هي اهداف مامولة تعتمد اساسا لها الاوضاع على الارض” .
ويساهم الاندفاع الدبلوماسي العربي الاخير نحو بغداد بدوره في التعتيم على الحقائق في العراق ، بالايحاء ان الوضع بدا في التوازن باتجاه الاستقرار ، فالاحتلال الاميركي يتعزز ولا يضعف ، والانسحاب الاميركي ليس وشيكا بل يجري التخطيط لوجود اميركي دائم ، واستقلال العراق وسيادته ليسا على الابواب بل بحاجة الى تصعيد المقاومة لانجازهما ، والنفوذ الايراني اضفت عليه حكومة المنطقة الخضراء الصفة الرسمية من خلال الاتفاقيات والتفاهمات التي وقعتها مع طهران ناهيك عن العلاقات التي تتعزز يوميا بين ملوك الطائفية النافذين في المنطقة الخضراء وبين مراجعهم المذهبية عبر الحدود الشرقية وداخل الحدود الوطنية ، بينما كل ذلك وغيره ينسف أي اسس موضوعية للمصالحة الوطنية ويجعل مثل هذه المصالحة تبدو ابعد من أي وقت مضى ، لذلك فان “التفاؤل” الذي يشاع لتسويغ هذا الاندفاع يبدو تفاؤلا سابقا لاوانه لان الوضع العراقي الراهن ما زال يمثل هوة بلا قرار في الجسم العربي وفي التضامن القومي ، وهنا تبدو للحذر السعودي في هذا السياق مسوغات اقوى بكثير .
*كاتب عربي من فلسطين