برايان هارين*
لقد أصبحت تجارة السلاح مصدرا كبيرا للدخل، والتميز العسكري، بالنسبة للحكومة الإسرائيلية والمتعاملين فى الأسلحة الإسرائيلية. لقد بدأت إسرائيل فى بيع الأسلحة لجورجيا منذ سبع سنوات، بعد القيام بمبادرة من قبل المواطنين الجورجيين الذين هاجروا لإسرائيل والذين قد أصبحوا سارقين للأسلحة.
ولقد تعامل هؤلاء الأشخاص مع مسؤولى صناعة الدفاع والأسلحة الإسرائيليين والمتعاملين فى مجال الأسلحة ولقد أخبروهم أن جورجيا تمتلك ميزانيات ضخمة، والتى غالباً ما أتت من التمويلات الأمريكية، ويمكن أن تكون مهتمة بشراء الأسلحة الإسرائيلية.
ولقد تطور التعاون العسكرى بين الدول بشكل سريع للغاية. وتكمن الحقيقة فى هذا الأمر فى أن وزير الدفاع الجورجي، دافيت كيزراشفيلي، إسرائيلى سابق ويتحدث العبرية بطلاقة والتى قد ساعدت فى هذا التعاون.
ولقد قال، “إننا الأن فى قتال فى مواجهة روسيا الكبيرة، ويتمثل أملنا فى تسلم المساعدة من البيت الأبيض، لأن جورجيا لا تستطيع العيش بمفردها”.
ولقد كان باب كيزراشفيلى دائماً مفتوحاً فى وجه الإسرائيليين الذين قد أتوا وعرضوا على دولته أنظمة الأسلحة المصنعة فى بلادهم. وبالمقارنة مع الدول الموجودة فى شرقى أوروبا، فلقد تم إجراء الإتفاقات فى تلك الدولة بسرعة مذهلة، ويرجع هذا بشكل رئيسى إلى الضلوع الشخصى لرئيس الوزراء المؤيد لإسرائيل.
ولقد ذكرت جريدة “جيروسليم نيوز” فى عددها يوم 12 أغسطس 2008 أن: “رئيس الوزراء الجورجى فلادمير “لادو” جورجيندايز “اليهودي” قد قام بإجراء مكالمة خاصة لإسرائيل فى صباح يوم الثلاثاء من أجل الحصول على المباركة من أحد أكابر الحاخامات والقادة الروحانيين فى مجلس الهريدي، الحاخام رابى أحرون ليب ستينمان”.
ولقد أتصل رئيس الوزراء الجورجى – وهى بلدة تحوى فى المقام الأول مسيحيين أرثودوكس-رابى ستينمان قائلاً، “لقد سمعت أنه رجل مقدس. وأريده أن يصلى لنا ولدولتنا”.
ومن بين الإسرائيليين الذين أستفادوا من تلك الفرصة وبدأوا فى إجراء بعض الأعمال فى جورجيا سنجد الوزير السابق رونى ميلو وأخاه شيلومو، والمدير العام السابق للصناعات الحربية الجنرال جال هيرش والجنرال العام “ياسرل زيف”.
ولقد قام رونى ميلو بإجراء بعض الصفقات والأعمال فى جورجيا من أجل الحصول على أنظمة ألبايت الصاروخية والصناعات العسكرية، وبمساعدة الصناعات الدفاعية الإسرائيلية، حاول ميلو بيع المركبات المتحكم بها عن بعد لجورجيا وبعض ابراج الهجوم الأوتاماتيكية من أجل العربات المصفحة والأنظمة المضادة للطائرات وأنظمة الاتصال والقذائف والصواريخ.
ولقد قام وزير الدفاع الإسرائيلى بإمداد الحكومة الجورجية بسفن التجسس الخاصة بهم التى تقاد بدون ربابين من طراز هيرمس 450، والتى قامت شركة ألبيت مارهوت للأنظمة بصناعتها، من أجل استخدمها، تحت رقابة صارمة من وحدات الاستخبارات الإسرائيلية، من أجل القيام ببعض المناورات حول جنوبى روسيا وبصورة خاصة فى إيران، والتى ستستهدفها هجمات القوات الجوية الإسرائيلية فى المستقبل القريب.
ولقد تم الإشارة إلى مجالين جويين فى جنوبى جورجيا للاستخدام من قبل المركبات الجوية الإسرائيلية العسكرية والتى تنوى القيام بهجوم على بعض الأهداف المحددة والتى تتعلق بمشاريع الطاقة النووية التى تقوم عليها إيران.
ولقد قام الرئيس بوش بالتصديق على هذا الهجوم فى الإتفاق الذى أُجرى مع إسرائيل والموقع فى واشنطن العاصمة فى الرابع من يوليو 2006.
ويكمن لُب هذا الإتفاق السرى الكبير فى أن الحكومة الإسرائيلية ستقوم باستخدام المجالات الجوية الجورجية غير المُعرفة “بشكل حر وغير مُعارض”، تحت السيطرة الأمريكية، والتى يمكن من خلالها نقل المقاتلين الذين يستطيعوا السفر تجاه الجنوب، بإتجاه الأراضى التركية “وبموافقة سرية تركية” على شن الهجوم على طهران.
ويتضح للغاية أن المسافة من جورجيا لطهران أقل بكثير من تلك من تل أبيب إلى طهران.
ولم يتوقع أى شخص أن تدمر تلك الهجمات الأهداف الإيرانية العسكرية أو العلمية بشكل كامل، ولكن سيكون هناك وجود لعنصر المفاجأة الكاملة والذى يأتى مع التدمير العنيف للملكيات والذى يمكن يدمر مستقبل التنمية النووية الإيرانية بشكل كبير للغاية وسيعمل بكل تأكيد كتحذير خطير لإيران بألا تعمل على تهديد إسرائيل مرة أخرى.
وسيجعل استخدام القواعد الجورجية، وبموافقة والمساعدة الكاملة من الولايات المتحدة، من مثل هذا الهجوم أكثر معقولية عن السفر من القواعد الجوية الإسرائيلية فى رحلات كبيرة عن العادة والتى يمكن أن يكون لها تداعيات دبلوماسية خطيرة فى المنطقة.
والآن، وبفضل الأحداث غير العقلانية التى يقوم به الرئيس الجورجى غير المستقر على الإطلاق، فلقد أنهارت جميع تلك المخططات ويُعتقد الأن أن القوات الروسية الخاصة قد أعتقلت عدد من السفن الإسرائيلية، والأكثر أهمية من ذلك، مركز قيادة الإذاعة الخاصة بهم.
وفى التيار الرئيسي، سنجد أن وحدات الجيش والاستخبارات الإسرائيلية التى كانت معسكرة بجورجيا مكونة من الجنود الإحتياطيين لقوات الدفاع الإسرائيلية والتى تعمل لصالح شركة جلوبال سى إس تى والتى يملكها الميجور إسرائيل زيف، ولقد قال الوزير الإسرائيلى تيمور ياكوبشفيلي، “يجب أن يكون الجنود الإسرائيليين فخورين للغاية بالتدريب الإسرائيلى والتعليم الذى تلقاه الجنود الجورجيين”.
وبهذا الأسلوب، يمكن لإسرائيل أن تذكر أن لديها عدد ضئيل للغاية من القوات التابعة لوزارة الدفاع فى جورجيا “والذين يرتبطوا بشكل خاص بسفارتنا فى تيبليسي”.
وعلى الرغم من ذلك، فإن الروس لم ينخدعوا بهذا الأمر ولقد قامت استخبارتهم الخاصة بتحديد القواعد المناوراتية الإسرائيلية بدقة وعندما غادروا خلف الجورجيين الذين غزوا أوستيا الجنوبية، قامت وحدات من القوات الجوية الروسية بشن هجوم على القواعد الإسرائيلية فى وسط جورجيا وفى منطقة العاصمة، تيبليسي.
ولقد قاموا أيضاً بتدمير المدارج ومناطق الخدمات التابعة لقاعدتين جويتين إسرائليتين والمصممة من أجل شن هجوم جوى إسرائيلى مفاجئ على إيران.
وتعتبر إسرائيل فى الوقت الحالى جزء من المحور العسكرى الأنجلو أمريكي، والذى يتعاون فى مصالح كبار منتجى النفط الغربيين فى الشرق الأوسط وفى وسط آسيا.
وتعتبر إسرائيل شريكة فى خط الإمداد الموجود حول باكو وتبليسى وسيهان والذى يعمل على جلب النفط والغاز إلى شرقى البحر المتوسط.
ويأتى أكثر من 20 % من النفط الإسرائيلى من أزربيجان، والتى يتم نقل أغلبها من خلال خطوط إمداد بى تى سي.
ولقد قامت خطوط إمداد بى تى سي، والتى تسيطر عليها شركة بريتش بتروليم، بتغيير السياسة الجغرافية لمنطقة شرقى البحر المتوسط والقوقاز بشكل كبير للغاية:
“إن “خط الإمداد بالنفط بى تى سي” يعمل بشدة على تغيير أوضاع دول المنطقة ويعمل على تشكيل تحالف متواطئ مع الغرب. وبتمديد هذا الخط إلى البحر المتوسط، فإن الولايات المتحدة قد قامت بعمل تحالف جديد مع أزريبجان وجورجيا وتركيا وإسرائيل”.
“كومرزانت، موسكو، 14 يوليو 2006”
وبينما توضح التقارير الرسمية أن خط إمداد بى تى سى سيقوم “بتوصيل النفط إلى الأسواق الغربية”، والذى نادر الإعتراف به هو أنه سيتم توصيل هذا النفط بشك مباشر من البحر الكابسى المالح إلى إسرائيل عن طريق جورجيا. وفى هذا الصدد، يوجد هناك تخيل أخر لمشروع خط الإمداد التركى الإسرائيلى والذى سيربط سيهان إلى المخرج الإسرائيلى فى أشكيلون وينطلق من هناك نظام الإمداد الإسرائيلى النفطى الرئيسى إلى البحر الأحمر.
ولا يكمن هدف إسرائيل فقط فى الحصول على نفط البحر الكاسبى من أجل رغبات استهلاكها فقط ولكنها أيضاً ترغب فى الحصول عليه من أجل أن تلعب دوراً رئيسياً فى إعادة تصدير نفط البحر الكاسبى إلى الأسواق الأسيوية من خلال مخرج البحر الأحمر إلى إيلات.
وتعتبر التضمينات الإستراتيجية لإعادة التشكيل تلك لنفط البحر الكاسبى بعيدة المدى.
ولقد تم التخطيط من أجل ربط خط إمداد بى تى سى الذى يمر خلال إسرائيل بخط الإمداد الممتد بين إيلات وأشكيلون من سيهان إلى المخرج الإسرائيلى بأشكيلون.
الطوافات الإسرائيلية بدون طيارين
تعتبر الرحلات الاستكشافية التى تقوم بها الطوافات الإسرائيلية السرية التى لا يقودها طيارين من أحد الأشياء المفضلة لدى وكالات الاستخبارات على مستوى العالم بأسره.
وتعتبر الطوافة هيرمس 450 هى المفضلة بانسبة لهم.
إن هيرمس 450 طوافة كبيرة وذات قدرة كبيرة مصنعة من قبل شركة أنظمة إلبيت فى إسرائيل. وتستطيع أن تظل فى الجو لمدة تصل إلى 20 ساعة، وتمتد المسافة بين جناحيها إلى 10,5 متر وطولها 6,1 متر. ويمكن لتلك الطائرة حمل مجموعة متنوعة من أجهزة المناورات، بما فيها “نظام التوازن المتطور والمضغوط متعدد الأطراف”، والذى يعتبر بمثابة محدد ليزر مركب وماسح يعمل بالأشعة فوق الحمراء.
وتزود إلبيت هيرمس أيضاً بجهاز حمل للرادار الاصطناعى الثاقب من شركة نورثروب جرومان من الولايات المتحدة الأمريكية، وهو رادار ماسح للأراضى يمكنه تحديد الأهداف الصغيرة بحجم القدم ويستطيع التمييز بين تلك التى تتحرك وتلك التى لا تتحرك.
وتعتبر أجهزة الليزر من هذا النوع ضرورية فى الطقوس السيئة، وتساعد كثيراً فى مسح مساحة كبيرة من الأراضي.
وتعمل مثل تلك الأسلحة على توضيح صورة مركزة ومفصلة للمناطق الصغيرة.
ويعتبر الليزر من طراز تيزار جهاز مشابه يستخدم فى المناورات الضارية، والذى يعتبر من الأجهزة العاملة لفترة طويلة فى سلاح القوات الأمريكية.
ويمتلك الجيش الأمريكى مدرسة تدريبية للمراقبة فى هاوشوكا بولاية أريزونا، وهى تعتبر مركز استخباراتى يقع على بعد عشرة أميال من الحدود المكسيكية وتعتبر بمثابة وطن للعديد من وحدات إعتراض المكالمات الهاتفية الاستخباراتية، والمستهدفة فى وسط وجنوبى الولايات المتحدة.
ويوجد فى الوقت الحالى هناك 225 جندى وجندى إحتياطى وجنود حرس يتدربوا فى تلك المدرسة. ويجد هناك ثلاثة متخصصين إسرائيليين فى الكلية.
ولم يتم إنشاء تلك المدرسة من أجل الشرق الأوسط أو حتى باكستان؛ ولكنها قد اُسست من أجل إجراء بعض المناورات على شمالى المكسيك. ويوجد هناك سببين لمراقبة جيراننا الجنوبيين.
ويكمن الأول فى مراقبة الهجرات الجماعية الكبيرة للأغراب غير الشرعيين ولكن يمكن الثاني، والذى يعتبر أكثر أهمية، فى استكشاف واستطلاع المنطقة التى يمكن أن تدخل بها القوات الأمريكية أثناء وقوع أى أعمال عقابية يمكن أن تنتج نتيجة لعدم الاستقرار المستمر فى المكسيك، والناتج عن النزاع المتزايد بين الحكومة الوسطى والقادة الحربيين المكسيكيين الأقوياء للغاية والذين يُحدثوا الدمار فى البلاد.
وبجميع الإحتمالات، فإنه جاء أحد المسئولين الكبار فى وكالة الاستخبارات الأمريكية، متذمراً من “التأثير الإسرائيلى الزائد عن الحد” فى وكالته، ولم تمر عليه مستندات تحوى معلومات مسلمة إلى الروس فى السنة الماضية فى ميامي، فإننا سنقرأ عن هجوم إسرائيلى صاعق لطهران.
والآن، تعمل بطاريات الصواريخ الإيرانية المضادة للطائرات، والتى يدعمها الفنيين الروس، على المساهمة فى هذا الهجوم الإسرائيلى المفاجئ، القادم من الشمال، والذين سيؤثر على دفاعات طهران بشكل قوى للغاية.
ـــــــــــــــــ
* كاتب متخصص فى شؤون القوقاز.