أظهرت وثيقة كشفت عنها المقاومة العراقية أن ايران وضعت مشروعا للتغلغل فى العالم العربي، وتمكنت فى غضون السنوات القليلة الماضية من استقطاب عديد السياسيين والكتاب والصحفيين ممن يحسبون على التيار الوطنى والقومى والإسلامى العربي، لخدمة هذا الهدف.
وذكرت الوثيقة التى تم الكشف عنها فى الذكرى السنوية الثامنة والعشرين لاندلاع الحرب العراقية الايرانية، التى دامت بين البلدين ثمانى سنوات، وكبدتهما نحو مليون قتيل وخسائر مادية جسيمة، أن ايران تلقفت الفرصة الذهبية عام 2003 عندما خضع العراق نهائيا للاحتلال الأمريكي، واستطاعت بفضل اعتمادها على قاعدة واسعة من الميليشيات و”الأحزاب” ذات الهوى الخميني، أن تتسرب إلى البلدان العربية التى تعيش أزمات مثل فلسطين مستغلة الصراع بين حركتى فتح وحماس، ولبنان إثر اندلاع الأزمة بين حزب الله زعيم المعارضة وقادة الموالاة ممثلين فى قوى 14 آذار، وذلك على خلفية اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريرى وخروج القوات السورية، كما وصلت التدخلات الايرانية إلى السودان وبلدان شمال أفريقيا، حيث تم الكشف العام الماضى فى الجزائر والمغرب عن بعثات للتشييع تعمل للتبشير بسياسة ولاية الفقيه.
وفى الوثيقة التى نقلها موقع “البصرة” العراقي، راقبت المقاومة العراقية أواخر عام 2005 شخصا ايرانيا قبل أن تأسره ليتضح فيما بعد أنه ضابط مخابرات إيرانى كبير “من فيلق القدس” مكلف بالتنسيق مع التنظيمات الموالية لإيران فى العراق، وعثرت معه على وثيقة خطيرة تكشف الخطة الايرانية فى مجال الإعلام الموجه للاقطار العربية.
ولم تستثن الوثيقة حزب الله اللبنانى من الاتهام وأكدت أنه “يمثل الجهة الأساسية فى تنفيذ الخطة الإعلامية الإيرانية فى الاقطار العربية، والتى تقوم بتمويل هذه الأسماء وتوجيهها مباشرة أو بصورة غير مباشرة، أو ارتباط بعض هؤلاء مباشرة بالسفارات الإيرانية”.
ودون أن يتم ايراد أسماء ممن يُزعم أنهم مستأجرون لخدمة المشروع الايراني، تكشف الوثيقة أن طهران عملت على استثمار ما اعتبرته رصيدها من كتاب وصحفيين وساسة فى الوطن العربي، والزج بهذا الرصيد فى الرد على من تعتبرهم الثورة الايرانية خصومها و”جعلهم يتصدون للكتاب والصحفيين المناصرين للصداميين والوهابيين او العفالقة والوهابيين أنفسهم”، حسب تعبير الوثيقة.
يذكر أن ايران تمكنت فى السنوات الثلاث الأخيرة من تقريب عديد القوى السياسية العربية إليها، لا سيما تلك التى تقف معها على طرفى نقيض مذهبيا، مثل حركة حماس الفلسطينية، وحتى جماعة الإخوان المسلمين فى مصر، كما تذهب بعض التقديرات.
وسعت ايران إلى تقديم نفسها على أنها حريصة على ثوابت العرب والمسلمين فى الصراع مع إسرائيل، لكنها تخفى فى المقابل ما يراه كثيرون نوعا من التواطوء مع الاحتلال الأمريكى للعراق، لكن طهران عملت على نفى هذه الصورة رغم اعتراف عدد من مسؤوليها بمحورية ايران فى الحرب الأمريكية على ما يسمى الإرهاب، ومثلما أكدتها تعاونها فى غزو أفغانستان فى خريف 2001، أعادت الكرّة نفسها عندما انطلقت القوات الأمريكية وأتباعها من أراضى إمارة الكويت لاحتلال العراق بحجة التفتيش بالقوة عن سلاح الدمار الشامل ثم التخلص من نظام الرئيس صدام.
ويذهب مراقون إلى أن اندلاع أزمة من وقت لآخر بين القوات الأمريكية وايران حول وجود عناصر ميليشيات تخدم لفائدة المشروع الايراني، لا يخرج عن سياق التعاون بين الجانبين، من خلال ايهام الرأى العام بأن طهران تقف إلى جانب جهود تحرير العراق، فى حين يشير آخرون إلى أن ايران حاولت بداية 2007 الانقلاب على الأمريكيين بتكثيف تسليح المليشيات والأحزاب السياسية الشيعية، مما حدا بالقوات الأمريكية إلى توجيه صفعة مماثلة فقامت بإنشاء قوات الصحوات فى المناطق السنية لخلق توازن فى مواجهة الميليشيات الشيعية، كما قامت على خط مواز باعتقال عدد من ضباط المخابرات الايرانية فى أربيل وبغداد قبل إطلاق سراحهم فى وقت لاحق.
وقالت القوات الأمريكية الأربعاء إنها اعتقلت عددا من قادة المجاميع المسلحة الخاصة المتعاونة مع ايران فى فى مجمع البياع جنوب بغداد، فيما أكدت مصادر حزبية عراقية تدريب عناصر منشقة عن التيار الصدرى فى ثلاثة معسكرات إيرانية بإشراف قائد فيلق القدس، قاسم سليماني، ونائبه أحمد فروزندة.
وفيلق القدس التابع للحرس الثورى مسؤول عن المجاميع المسلحة الناشطة فى العراق، ويعتبر فى نظر غالبية العراقيين المجرم رقم واحد فى عمليات التطهير الطائفى ضد العرب السنة وبعض الشيعة مثل الشيعة الجعفرية، كما أنه مخطط الاغتيالات التى لحقت العلماء وضباط الجيش العراقى السابق على مدار سنوات الاحتلال الأمريكي.