يتهرّب معظم السياسيين العراقيين من الاعتراف بالمشكلة الرئيسية التي يعانون منها، ويصرّون على التكابر الفاقع ، ويتصرفون مثل الإنسان الذي يرتدي ثوبا قصيرا لا يستر عورته، ويصر بأن عورته مستورة ولا يراها أحد ، وعندما يُنبهه البعض من أجل سترها ينتفض ويتهم هؤلاء بالتآمر والحقد.
أي هم يتهربون من الاعتراف بالأخطاء والفشل ، و في نفس الوقت يتهربّون من العلاج والمساعدة، فبدوا وكأنهم مثل بعض الكبار في السن، والذين يرفضون المساعدة ،وتناول الدواء ويصرّون بأنهم شبابا ولا زالوا أقوياء، ولكن لو نظرت إلى أجسادهم تراها مليئة بالصدمات والكدمات نتيجة السقوط والتعثر والإغماء والتعب والوهن.
وحتى لو جئت إلى تصرفاتهم تراها عِدوانية، ويسودها التوجس والريبة من أية مساعدة ،وهذا ما ماينطبق تماما على “معظم” السياسيين العراقيين في العراق، ونقصد الذين هم الآن في العملية السياسية، فهم يصرون بأنهم في قمة النجاح، وبأنهم في قمة العافية السياسية والوطنية، ولكن حالهم ووجوههم ومعنوياتهم وتصرفاتهم ،وردود أفعالهم تكشف فشلهم وتقهقرهم وحيرتهم!.
وتتحمل الولايات المتحدة ” المحتل” المسؤولية في هذا الداء الذي شمل العراق وجعله مشلولا، و منذ التاسع من نيسان عام 2003 والى يومنا هذا، لأن عملية انتقال العراق من مرحلة الديكتاتورية الفردية والعائلية التي كانت تتسم بالتصلّب والقمع، وعدم الانفتاح نتيجة التوجس من الزوال، مع الاعتراف بأنه كان هناك نوعا من الكرامة للوطن والشعب العراقيين….. نحو مرحلة ما يُطلقون عليها زورا بالديمقراطية والحرية والتعددية التي من منجزاتها انتهاك كرامة الوطن والشعب ،وإزالت الملابس عن جسد العراق مع الإصرار والترصد، وجعلته عاريا ونادت فليدخل من يدخل، ولينهب من ينهب، وليقتل من يقتل، ولينتهك من ينتهك ، أي كان الشعار ” هيا نحو مرحلة الحيتان والديناصورات، والتسابق في الغش والنصب والخنق والظلم والقتل” وأمام أعين الولايات المتحدة التي تدعي أنها جاءت من أجل فرض الديمقراطية والحرية وبناء المؤسسات..!
وكانت النتيجة الفوضى في كل شيء، أي تحطيم الصندوق “العراق” الذي كان فيه الشعب العراقي وبإصرار من الديكتاتورية، و من خلال التدمير الجمعي والعشوائي، ودون الاعتماد على طريقة معينة ،وتكون عاقلة من أجل فتح الفتحات بجدار هذا الصندوق لكي يدخل الهواء النقي،والسماح للناس التي هي في الصندوق بالاستنشاق، وحتى الخروج بطرق انسيابية وليست غوغائية ، فكل هذا لم يتم بل سارعت الولايات المتحدة إلى رمي هذا الصندوق” العراق” والذي بداخله الشعب العراقي أمام قطيع من الفيّلة، وأطلقت النار لإثارة الفيلة، وكانت النتيجة تحطيم الصندوق وآلاف الضحايا ،وعودة الناجين إلى المرحلة الهولاكيّة، لأن من خرج أجبر على الانتقال من مرحلة الصندوق ” الديكتاتورية” إلى مرحلة الحرية الجحيمية التي فرضها قطيع الفيلة بتخطيط أميركي!!.
وبالتالي …..
ولدت مرحلة التقوقع والخوف، وتبخر جميع الأماني، والتشبث بأمنية واحدة ،وهي أمنية الاستمرار في الحياة، ومن هنا ولدت السياسات الهجينةـ والتي بُنيت من خلال اللعب على عواطف وأماني الشعب العراقي، وضمن إستراتيجية ” معنا تحيا ..وضدنا تموت!!” وهو الشعار الذي دعمته الولايات المتحدة، ومع شديد الأسف!.
ونتيجة كل هذا فشلت الأحزاب والحركات السياسية في العراق من تقديم البرامج السياسية إلى المواطن العراقي، بل قدمت بدلا عنها شظف العيش والبطالة والإهمال، ثم انتقلت تلك الأحزاب والحركات التي شكلت الحكومة نحو مرحلة تقنين كل شيء من غذاء، كهرباء، وماء، وبنزين، ومحروقات أخرى، ودواء ، وخدمات بلدية واجتماعية وصحيّة وغيرها، باستثناء الهواء، ولو كانت لديهم إمكانية لتقنين الهواء لباشروا بها مباشرة، والهدف هو جعل حياة وديمومة المواطن مرتبطتان بالأحزاب والحركات!
وبالتالي فرضوا مرحلة الاستعباد ومن خلال قيادة الناس من بطونهم، أي من خلال سياسة التجويع، وضمن فرضية ” جوّع كلبك يتبعك” مع الاحترام للشعب العراقي !!.
وكذلك من خلال تطبيق سياسة الجوع والبطالة، أي من خلال التلويح للجائعين بالسلع والغذاء والدولار، ولكن بشرط الانصياع لكل شيء، وبالفعل تم انصياع الملايين من الناس ، لا حبا بالسياسة ولا بالسياسيين، ولا حتى حبا برجال الدين الذين يدعمون هؤلاء السياسيين، بل حبا بالحياة والاستمرار بها!.
وعندما أصبح المواطن عجينة بيد السياسيين وأحزابهم وحركاتهم في العراق، أنتقل هؤلاء و مباشرة إلى مرحلة المليشيات الحزبية والطائفية والإثنية والمناطقية، فأجبروا الموقعين على بياض سلفا من أجل لقمة العيش من أن يتطوعوا أو يُطوعوا أبنائهم وإخوانهم وأقربائهم في المليشيات الحزبية والطائفية والإثنية دفاعا عن الأحزاب والحركات والسياسيين !!.
وبالتالي تم تمييع الجيش الوطني لتحل محله المليشيات والخلايا السرية والعصابات ، وتمييع ثقافة الدفاع من أجل الوطن ليكن بدلها الدفاع حتى الموت من أجل المسئول ومقر الحزب والحركة، وتمييع الحس الوطني ليحل محله الحس الحزبي والطائفي والإثني …
وبالتالي انقسم المجتمع العراقي إلى أربعة أصناف وهي:
1. صنف المؤمنين بالمشروع الطائفي والإثني وبثقافة المليشيات: ــ وهو الصنف الذي يمتلك المال السياسي، والقوة على الأرض، وله علاقات خاصة مع المحتل الأميركي ، ومع عدد كبير من المخابرات العربية والإقليمية والدولية، ومن أهم أهداف هذا الصنف البقاء في الحكم والسلطة، والإصرار على تفصيل العراق إلى مشيخات، فهذه أحلامهم حتى وأن تشرّد و مات ثلاث أرباع الشعب العراقي.
2. صنف المؤمنين بالوطن الواحد، ويكون لجميع العراقيين، والذين فضلوا العمل المعارض” السياسي والإعلامي والاجتماعي”: ــ فهؤلاء ليست لديهم الإمكانية العسكرية، ولا حتى المادية، بل هم يمتلكون القوة المعنوية، ومفاتيح الحرب النفسية، وتهييج الشارع العراقي.
3. صنف المؤمنين بالعمل المقاوم ” الكفاح المسلح”: ـ فهؤلاء يمتلكون برنامجا سياسيا بديلا يعيد الأمور إلى نقطة الصفر مع إيمان هذا الصنف بالتغيير وعدم العودة إلى الديكتاتورية ، وأن هذا الصنف يمتلك القوة على الأرض، ولكن في جغرافيات متناثرة، ولديه شحة بالمال ” التمويل” ويلتقي مع طموحات الصنف الثاني لأن أحدهم يخدم الآخر.
4. صنف المتفرجين والمنتظرين والانتهازيين: ـ فهؤلاء لا يمكن الاعتماد عليهم ، لأنهم يميلون مع الريح وبنسبة كبيرة منهم ، وأن المهادنة التي يدعونها هي ليست صحيحة ،فأحيانا يكونون من صنف المخبرين للصنف الأول وللمحتل، وأن الحياد الذي يدعيه البعض هو حياد التقيّة، لأنهم يبحثون عن مصالحهم ويتبعونها،وبالتالي لا يُعتمد اعتمادا كليا على هذا الصنف، وحتما هناك فيهم من يساعد الأطراف الوطنية أحيانا للتغطية على مواقفهم الرمادية.
فالمحصلة السياسية التي فرضت نفسها في العراق تتمحور حول ” المال والقوة” أي أن من يمتلك المال والقوة على الأرض، هو الزعيم السياسي في تلك المنطقة أو المدينة أو الإقليم، وهذا يعني ولادة مرحلة الإقطاع بفرعه ” السياسي”.
ففي زمن الإقطاع كان مالك الأرض هو الذي يمتلك القوة والمال وبالتالي هو الزعيم والكبير، وبهذا سخّر المجموعات القليلة، والتي تتسم بالقسوة، وبالماضي الغامض في أغلب الأحيان لتستعبد الأكثرية” الفلاحين والمزارعين والشغيلة” وبأمر الملاك كي تكون الأكثرية بخدمة الملاك ” الإقطاعي”!!.
والملاك ” الإقطاعي” نفسه هناك قوة تحميه من المنافسين له، ومن ردة فعل الأكثرية المغلوب على أمرها ،ومن زوال ملكيته وسطوته ونفوذه ، وبالتالي تطوع و يتطوع لتقديم خدماته للقوة الأكبر، والتي تهيمن على البلاد والقرار ، ومن هذه الخدمات إصدار أوامره للأكثرية ” الشغيلة” التي عنده من أجل تأييد صاحب القوة الأكبر أي المستعمر، وتأييد مسامير تثبيت المستعمر من مراجع دينيين وشيوخ قبائل ووجهاء والذين هم أيضا صنف من الملاكين ” الإقطاعيين” ولكن بطرق وأساليب أخرى، ولديهم أيضا عدد كبير من العبيد ” الشغيلة”!.
فهذا هو حال العراق ومنذ التاسع من نيسان 2003 وليومنا هذا..!.
فالمستعمر هو الولايات المتحدة التي ترعى الإقطاعيين الجُدد، وهم زعماء الأحزاب والحركات والمليشيات ، وكذلك الزعماء الدينيين والقبليين ووجهاء المناطق المنغمسين مع مشروع المستعمر، مقابل الامتيازات والأموال والخدمات.
نتيجة هذا كله هرعت هذه الأصناف نحو تأسيس مرحلة ” الخلايا السرية” والتي مهمتها حصاد وتغييب وتهجير وقتل المنافسين والناقدين والكاشفين لأسرار اللعبة ، والغريب أن كل هذا تم ويتم تحت عيون المحتل” الولايات المتحدة” ، والسبب لأنها تريد فرض إستراتيجية ” فرّق تسد” في العراق وهذا ما حصل بالفعل .
ولكن ولحسن الحظ فأن الوعي الموجود عند العراقيين، وخصوصا عند الصنف ” الثاني والثالث” عطّل معظم أمنيات ومشاريع المستعمر، والمجموعات التي جاء بها ودعمها في العراق ومنذ التاسع من نيسان عام 2003 وليومنا هذا.
لهذا اُجبر هؤلاء على التراجع ، ولكن بدلا من أن يكون التراجع إيجابيا، أي العودة إلى البناء السياسي والوطني الصحيحين، والعمل على المصالحة الوطنية ، ونسيان الفترة المظلمة التي عنوانها التهجير والخطف والتفجير ، عادوا فأصروا على المحاصصة الطائفية والإثنية ، أي الإصرار على المشروع الطائفي والعِرقي والذي استهوى الولايات المتحدة !!.
ولكن السؤال ……!!.
مالذي حدث، وجعل الولايات المتحدة داعمة للطائفيين والإثنيين والمتكلسين، وهي التي بشرت بالحرية والديمقراطية والتعددية في العراق؟
فالجواب : ـ على هذا السؤال يحتاج إلى تثبيت الاحتمالات التالية:
أولا:
يُثبت هذا بأن الولايات المتحدة وعندما جاءت نحو العراق بطريقة الغزو، جاءت هي لا تمتلك برنامجا واضحا لما بعد سقوط نظام صدام حسين، ولم تضع في حساباتها أن تولد مقاومة عراقية مسلحة، ومقاومة سياسية وإعلامية رافضة للاحتلال وللتواجد الأميركي،فوقعت في حيرة من أمرها، فلجأت إلى السلاح واعتقدت بأنه سيحل مشاكلها فانزلقت في الفتنمة” من فيتنام” ، فهرعت لتضع بيضها في سلة الطائفيين والإثنيين واعتمدت عليهم فسحبوها نحو مستنقع لا يمكنها التخلص منه إلا من خلال الهروب من العراق أو من خلال تطبيق القوانين الصارمة ضد هؤلاء الطائفيين والإثنيين والاعتذار من الشعب العراقي ومد يد المصالحة معه..
ثانيا:
أو ربما أن جناح ” المحافظون الجُدد” في الإدارة الأميركية خدع دوائر القرار الكبرى في الولايات المتحدة، بأن المهمة في العراق تقتصر على إسقاط نظام صدام ،وتسليم الأمور للعراقيين، والعودة مع ترك قوة بسيطة للتدريب والمراقبة وحماية الوليد الجديد، وكانت الفكرة جعل دوائر القرار الأميركي أمام الأمر الواقع، وهذا ما حصل بالفعل أيضا..
ثالثا:
ولكن الاحتمال الأقوى والذي أقترب من اليقين أخيرا… بأن حال سقوط نظام صدام حسين تم تحييد الولايات المتحدة في العراق، أي تقليص دورها، ورمي برامجها جانبا، وخطف الملف العراقي منها، والشروع بإستراتيجية جديدة ليست بإدارة الولايات المتحدة بل بإدارة ” إسرائيل”…!!.
وأن الولايات المتحدة مجرد واجهة، ومنذ استلام السفير اليهودي بول بريمر المهمة في العراق، وبدليل الإصرار على تواجد اليهود تحديدا في المواقع الأولى والمهمة داخل دوائر الاحتلال في العراق، فيما لو أخذنا قيادة القوات الأميركية المحتلة، فهي بزعامة الجنرال اليهودي بيتريوس ، والسفارة الأميركية في العراق والمشرفة ميدانيا على كل شيء في العراق هي بزعامة اليهودي رايان كروكر، أما إدارة الملف العراقي في الخارجية الأميركية وداخل السفارة الأميركية في العراق فهي بإدارة اليهودي ساتر فيلد وهكذا ، وحتى داخل الدوائر الأميركية المختصة والمشرفة على ملف العراق، فهناك اليهود الذين يديرون جميع المفاصل والقنوات الخاصة بالملف العراق…!!.
فهل هي صدفة؟…
الجواب” لا!!!.
وهذا يعني بأن من فرض المحاصصة في العراق ، ودعم سلطة المُختَلَف عليهم و المستوطنين والغرباء و أرباب السوابق والفاشلين وجعلهم في مراكز القرار والنفوذ ، وحل الجيش العراقي، وأصر على اجتثاث البعث ،ومحاكمة رجال النظام السابق على تهم تافهة ،والتعتيم على التهم الكبيرة والعملاقة، والتي ورطت العراق والعراقيين بمغامرات كارثية في الداخل والخارج ، ودعم البرامج الطائفية والتهجير والخطف والاغتيال ، وتعطيل العمل السياسي الحقيقي والمعروف، وتشجيع تأسيس المليشيات والخلايا السرية بمختلف أنواعها هو الجانب الإسرائيلي!!.
لأن موضوع عدم نهوض العراق والعراقيين يشكل حجر الزاوية في ديمومة واستمرار وراحة إسرائيل، واستنادا إلى روايات تاريخية ودينية خاصة باليهود وإسرائيل، وجميعا تحذر من قوة ونهوض وعودة العراق ، ناهيك عن موضوع التشفي السياسي بالعراقيين ، والحقد التاريخي على العراقيين، وثأرا للسبي البابلي في زمن الخليفة “نبوخذ نصر” وللفرهود أثناء تسفير اليهود من العراق في بداية الخمسينات من القرن الماضي، وثأرا من مشاركات الجيش العراقي الناجحة في الحروب العربية ضد إسرائيل ، و وردا على صواريخ صدام حسين التي أطلقت ضد إسرائيل، وحسابات أخرى!!.
لذا فموضوع الاختزال السياسي والطائفي في العراق هو وكر الدبابير والحزام الناسف!
فمن غير الإنصاف أن يتم اختزال الشيعة العراقيين، والذين يشكلون أكثر من 60% من نسبة الشعب العراقي بعمامة السيد “عبد العزيز الحكيم” ويكون هو الممثل السياسي والمذهبي والوطني والعقائدي والإيديولوجي والحزبي لهم، فهذا غير معقول، وغير منصف ، وغير حقيقي ، ومن يصدقه لهو مشكوك في قواه العقليّة.
وكذلك من غير الإنصاف أن يتم اختزال السنة العراقيين بـ “سدارة” السيد ” عدنان الدليمي” ، ويكون هو الممثل السياسي والمذهبي والوطني والعقائدي والإيديولوجي والحزبي لهم ، فهذا هو الآخر غير حقيقي، وغير مقبول، وغير شرعي ، لأن هذا الرجل لا يمثل إلا نفسه وعائلته فقطـ ومثلما أن السيد ” الحكيم” لا يمثل إلا نفسه وعائلته وحزبه فقط.
ومن غير الأنصاف أيضا أن يتم اختزال الشعب الكردي الواسع ب” شروالي” السيدين ” مسعود وجلال” ويكونا هما الممثلان الشرعيان والوحيدان للشعب الكردي من الناحية الوطنية والسياسية والعِرقية والعقائدية والحزبية والإيديولوجية ، فالأمر غير واقعي، وكذلك غير حقيقي إطلاقا.
لهذا فمن يتحمل المسؤولية الكبرى هي الولايات المتحدة التي قبلت التنازل عن إدارة الملف العراقي لصالح إسرائيل ، وقبلت دعم كذب وتجاوز هؤلاء السياسيين، ودعم توجهاتهم غير الحقيقية ، والتي أصروا ويصرون من خلالها على اختزال الأكثرية الشيعية والسنيّة والكردية في العراق!.
لهذا فمن يتحمل مسؤولية التخريب الوطني والسياسي والتنموي في العراق هي الولايات المتحدة، ومن خلال القادة والمسئولين اليهود الذين يعملون ويتحركون باسم أميركا داخل العراق وفي أميركا ، ولكنهم يعملون بنيات وتوجيهات إسرائيلية، وهذه الحقيقة التي يجب أن يعرفها الشعب الأميركي، والشعب العراقي، وجميع شعوب المنطقة، وكذلك هي الحقيقة التي يجب أن تعترف بها الإدارة الجمهورية في الولايات المتحدة!.
فالاختزال الطائفي والعِرقي الذي أصر ولا زال يصر عليه السيد عبد العزيز الحكيم ومجموعته ، والسيدين البرازاني والطالباني ومجموعتيهما ، والسيد عدنان الدليمي ومجموعته هو العبوة الناسفة التي نسفت البناء السياسي والتنموي في العراق، وأعادت العراق إلى مرحلة ما قبل الإقطاع ، وحتى ما قبل الدولة…. ومن يتحمل المسؤولية هي الولايات المتحدة المحتلة ، و التي تمثل المدير الفعلي لورشة العراق السياسية والتنموية!.
لذا فكان الأجدر بالسيد نوري المالكي أن يقول ”عام 2008 هو عام المصارحة والمكاشفة” وليس مثلما قال ” أن عام 2008 هو عام البناء” والذي لم يلحظ الشعب العراقي خلاله بناء جدار واحد ، وليس مدرسة واحدة أو مستوصف واحد ، وها نحن في الشهر التاسع منه!!!
وتبقى ملاحظة مهمة:
وكي لا يُفسّر كلامنا تفسيرا آخر، فأن احترامنا الشديد للديانتين المسيحية اليهودية لا يقبل التأويل والجدل، ولكن توجسنا وغضبنا من المحافظين الجُدد، ومن العاملين على المشروع الصهيوني لا يقبلان التأويل والجدل أيضا ، ولأن هؤلاء المحافظون الجُدد خطر على أميركا والشعب الأميركي وعلى المسيحية، وكذلك فأن الحركة الصهيونية هي خطر على الشعب الإسرائيلي واليهود في العالم.
الكاتب والمحلل السياسي سمير عبيد *
مركز الشرق للبحوث والدراسات ـ أوربا
3/9/2008