” بدل المطالبة بحق الطلبة الفلسطينيين في الخروج للتعليم علينا تدمير السلطة القائمة في قطاع غزة، وضرب وتدمير كل من انتخب هذه السلطة، ونحن داعمين للرئيس الفلسطيني محمود عباس غير المعني أيضاً برفع هذا الحظر، وبدل هذا علينا المطالبة بحق أطفال سديروت بأن يفيقوا صباحاً”، هذا الكلام ليس” لجابي إشكنازي” رئيس أركان جيش الاحتلال الإسرائيلي ولا “لإيهود براك” وزير الدفاع، ولا حتى “لأفيغدور ليبرمان” أحد رموز العنصرية الإسرائيلية، بل هذا كلام الصحفي الإسرائيلي في القناة العاشرة الإسرائيلية “يارون لندن” جاء في سياق إثارته لقضية الطلبة الفلسطينيين الممنوعين من السفر من قطاع غزة لإكمال دراستهم في الخارج نتيجة الحصار الإسرائيلي لقطاع غزة، ولكن خبرته الطويلة في الإعلام والمهنية التي يفترض أن يتحلى بها كل إعلامي لم تستطع التغلب على توجهاته العنصرية وتفكيره الفاشي تجاه كل ما هو غير يهودي، أو لربما يكون موقف “يارون لندن” تكفير عن الفترة التي كان فيها يُعد من مفكري اليسار الإسرائيلي، واليوم بات من غلاة التطرف والعنصرية ودعاة القتل وارتكاب الفظائع ضد سكان قطاع غزة.
فرائحة الدم وإثارة الفتنة تفوح من كلام هذا الصحفي الإسرائيلي أحد اثنين يقدمون البرنامج الإخباري “لندن وكرنشباوم” في السابعة من كل مساء، ففي برنامج الثلاثاء 02/09/2008 كانت قضية طلاب غزة الممنوعين من الخروج لإكمال دراستهم في الخارج إحدى محاور هذا البرنامج الإخباري، والسبب تشكيل منظمة إسرائيلية تحمل اسم “كيشا” تطالب بحق الطلبة الفلسطينيين بالخروج من قطاع غزة لإكمال دراستهم يقوم عليها عدد من الأكاديميين الإسرائيليين الرافضين لسياسية العقاب الجماعي بشكل عام ولمنع الطلبة الفلسطينيين من إكمال دراستهم بشكل خاص.
وهذا الموقف يأتي ليؤكد زيف الديمقراطية والحرية الإعلامية في دولة الاحتلال التي تعتبر نفسها “واحة الديمقراطية في الشرق الأوسط”، وجاء ليؤكد دور الإعلام الإسرائيلي وتكامله مع دور السياسيين والعسكريين في دولة الاحتلال دون أدنى رعاية أو تقدير للمهنية والموضوعية الإعلامية عندما يتعلق الأمر “بالغويم” غير اليهود.
ولكن اللافت للنظر هو عدم الاهتمام الفلسطيني سواء من السياسيين أو الإعلاميين للتوقف أمام مثل هذه الدعوات وإثارة مثل هذه المواقف العنصرية المحرضة على الفتنة عبر اتهامه للرئيس الفلسطيني محمود عباس بأنه طرف في حصار طلاب غزة ورافض لخروجهم، وتشجيع على العقوبات الجماعية والقتل لأناس كل ذنبهم أنهم مارسوا خيارهم الديمقراطي كغيرهم من شعوب العالم بغض النظر عن نتيجة هذا الخيار، ففي الوقت الذي يرصد فيه الساسة والإعلام في دولة الاحتلال كل صغيرة وكبيرة على الساحة الفلسطينية سواء في السياسية أو الإعلام عبر مراكز ووحدات رصد خاصة لهذا الغرض، نرى أن سياسينا وإعلامينا على الساحة الفلسطينية منشغلين بالشأن الداخلي ولا يفتون حتى كلمة واحدة لبعضهم البعض دون التعليق والرد عليها بأسلوب الردح المتبادل، ويمارسون التحريض والتشويه ضد بعضهم البعض متناسيين أن مقابلهم احتلال يستغل كل طاقاته العسكرية والسياسية والإعلامية لتدمير وتشويه كل ما هو فلسطيني.
كما أن مثل هذه المواقف يفرض على الإعلاميين الفلسطينيين تحديد موقف واضح وصريح تجاه التعامل مع الإعلام الإسرائيلي بشكل عام ومع صحفيين من أمثال “يارون لندن” وهم كثر في الساحة الإعلامية الإسرائيلية، فبعض المواقع الإخبارية الفلسطينية والعاملين فيها على تواصل مباشر ويومي مع الصحفيين الإسرائيليين بمناسبة وغير مناسبة، فبدل هذا التواصل المجاني على الصحفيين الفلسطينيين والإعلام الفلسطيني الرسمي وغير الرسمي تشكيل وحدات رصد إعلامي لتتبع ما يقال وينشر عن الموضوع الفلسطيني ومن ثم مواجهته في رواية مضادة وكشف زيف وبطلان إدعائه، وعلى المستوى السياسي الفلسطيني الرسمي عدم السكوت عن مثل هذا النهج الإعلامي الإسرائيلي الداعي للقتل الصريح لأبناء الشعب الفلسطيني، وعليهم وضع آلية وتصور لمواجهاته وإثارته على كل المستويات.
وفي هذا السياق الكل منا يذكر الحملة الإعلامية التي شنها السياسيين والإعلاميين الإسرائيليين على تلفزيون فلسطين (على رأسهم “موتي كرشينباوم ويارون لندن” في العام 2006) واتهامه “بالتحريض على العنف والإرهاب” وفق تعبيرهم وكان ذلك عندما سمى الصحفي الفلسطيني في تلفزيون فلسطين احمد زكي “ايهود أولمرت بايهود هتلر ووزير دفاعه “بعمير موسوليني” تعبيراً عن نازيتهم وفاشيتهم لحجم الجرائم المقترفة بحق الشعب الفلسطيني”، كل هذا في الوقت الذي تفوح رائحة العنصرية والفاشية من كل مؤسسات دولة الاحتلال البرلمانية منها والسياسية والعسكرية.
فلسطين 03/09/2008