قدر لي اخيراً ان ارى بعض المقاطع من الفيلم الوثائقي القصير المسمى “بفتح لاند” والذي انتجته القناة الثانية في التلفزيون الاسرائيلي وبثته في بداية هذا الشهر عبر برنامج ” حقيقة”، والذي يعرض على تلك القناة الصهيونية،ونستطيع من خلال تلك المشاهد القصيرة للفيلم، والموجوده على الشبكة العنكبوتية ان نشكل رأياً حول اداء الاجهزة الامنية ومهامها في الضفة الغربية بقيادة دايتون والدور المطلوب منها على الارض ، وان نستطلع الاهداف العريضة لهذا الفيلم، بناءاً على الحقائق المصورة الواردة فيه، باعتباره مثال جديد في توثيق الخيانة.
“فتح لاند” فيلم بأنتاج صهيوني ، وسيناريو وبطولة واخراج سلطة دايتون بأمتياز، يعتبر خطوة جديدة واسلوب متطور نوعاً ما في اظهار مدى ولاء السلطة الفلسطينية بقيادة دايتون الى دولة الكيان الصهيوني حكومة وشعباً. وهذا بالتالي يقودنا للوقوف قليلا عند هذا الفيلم، ليس تحليلا فنيا ،بل المعاني والمواقف والسياسات التي تريد السلطة الفلسطينة التأكيد عليها للصهاينة بما لا يدع مجالاً للشك لديهم:
– يعتبر هذا الفيلم” توثيق للخيانة” بشكل لا يختلف عليه اثنان، فعندما تسمح الاجهزة الامنية لمراسل صهيوني بمرافقتها، هذا يدل الى اي مدى تثق هذه الاجهزة وقياداتها بالصهاينة ” علماً ان اغلبية الصحفيين الصهاينة لهم علاقة تختلف قوتها برجال المخابرات ” ، وبالتالي فأن هذا الشئ يفوق التنسيق الامني، الى ان يصل الى درجة العمليات الامنية المشتركة على الارض من خلال المشاركة الاعلامية الصهيونية، وكذلك يبرز مدى السخافة والوقاحة في ان يتخذ البعض من تلك القيادات الفلسطينية، الاعلام الصهيوني منابر اعلامية من اجل التحدث والتعبير عن مدى الكره لحركة حماس، واظهار حجم العداء لها.
– يؤكد هذا الفيلم حقيقة سابقة كنا قد تطرقنا اليها، وهي ان حركة فتح مخطوفة من قراصنة اوطان وعصابة مستثمرين، وجاء هذا الفيلم ليؤكد ذلك، من خلال الزج بأسم الحركة في فيلم يخون الشعب الفلسطيني وشهدائه ومجمل تضحياته منذ ستين عاماً ، وسماح بل قصد قادة الاجهزة الامنية الفلسطينية ان يكون اسم فتح هو العنوان للفيلم، وذلك من اجل ان تحتمي تلك الشخصيات التي لا يعرف لها فصيل بأسم حركة فتح، وبالتالي فهي فرصة جيدة لمزيد من الخيانة بأسم حركة لا يرضى شرفاءها ان يزج بأسم حركتهم في عمل خالص لخدمة الصهيونية.
– يأتي هذا الفيلم من اجل اطمئنان القادة الصهاينة وشعبهم بعد ذلك، بأن الضفة الغربية في امان، ولا يمكن ان تتحول الى قطاع غزة جديد، بحيث يصعب بل يستحيل على حركة حماس او اي فصيل فلسطيني مقاوم ان يؤسس لعمل مسلح في المستقبل في اراضي الضفة الغربية، اوان يتكرر مشهد الحسم العسكري في الضفة الغربية كما حدث في غزة، وهذه الرساله يؤكد عليها الصحفي الصهيوني في بداية الفيلم حين يصف افراد الاجهزة الامنية ب” خط الدفاع الاخير في تحول الضفة الغربية الى قطاع غزة” ، وهذا الكلام ورغم تشكيكه بقدرة الاجهزة الامنية، منح الصهاينة ثقة كبيرة، بفعالية تلك الاجهزة في تأمين امن دولتهم وحماسهم اللامحدود في مواصلة هذا الدرب.
– يحمل الفيلم بطياته اهانة كبيرة جداً الى الشعب الفلسطيني، بتاريخه النضالي الطويل عبر اكثر من نصف قرن من التضحيات الجسام، فهو يظهر الى اي مدى وصلت المحبة والانسجام والتلائم بين قادة الاجهزة الامنية الذين تحدثوا في الفيلم ودولة بني صهيون متنكرين بذلك لارواح الشهداء وغربة الاف السجناء وانات الجرحى، متنكرين لدموع الامهات الثكالى وصرخات الاطفال اليتامى، متنكرين لوطناً سرقوه وما زالوا، من خلال اعتباران اسرائيل ليست بدولة معادية او قوة احتلال، بل ان حركة حماس هي العدو الاول لهم هكذا قال توفيق الطيراوي مدير مخابرات عباس” مع كل الاحترام لحماس إلا أننا أيضا ما زلنا أعداء”.
بقلم: احمد ملحم
الضفة المحتلة